يحل شهر رمضان هذا العام وآهات الجائعين من الاطفال والنساء والشيوخ في اليمن تتصاعد، ونزيف الدم مستمر، والمئات من الناس يقبعون في سجون ومعتقلات الانقلابيين، وتعز ما تزال تحاصر، وهناك الآلاف من الأسر ما تزال مشردة وفي أماكن اللجوء داخل اليمن وخارجه، وكثير من المعاناة يعيشها الوطن والموطن والتى بلغت إلى درجة لم يعد بمقدور عامة الناس تحملها في ظل تدهور مستمر للأوضاع الأمنية والاقتصادية وغياب أفق الحل السياسي نتيجة تعنت الانقلابيين وإصرارهم على تأزيم الوضع وخلق العراقيل ومواصلة خرق الهدنة وقرار وقف إطلاق النار.
رمضان كما يصفه الجميع بشهر الرحمة والمغفرة، وفيه يتنافس أهل الخير في أعمال البر والإحسان وتلمس احتياجات الناس وتكثر فيه أعمال الخير، لكن في وضع اليمن، مع اتساع رقعة الفقر والبطالة، وانعدام الأمن الغذائي لغالبية السكان، وارتفاع جنوني لأسعار المواد الغذائية، ومعاناة أطفاله ونسائه من سوء حاد في التغذية، الأمر يختلف تماماً، إذ إن الجمعيات الخيرية أغلقت وفاعلو الخير أكانوا أفرادا أو منظمات مجتمع مدني وجمعيات خيرية لن يستطيعوا أن يغطوا ولو ما نسبته 1%، لأن المحتاجين في هذا البلد يتجاوز إمكانيات التدخلات الفردية لفاعلي الخير، فضلا عن غياب الآليات التى بموجبها يمكن لهؤلاء الوصول إلى أشد الناس احتياج في ظل تردى الوضع الأمني وغياب البعد الإنساني والأخلاقي لدى الميليشيا الانقلابية التى ما تزال تسيطر على المدن والمناطق الأكثر فقراً وكثافة بالسكان، وهنا تبرز الحاجة إلى تدخل عنقودي لمنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية ومن خلفها مساندة الدول المانحة وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي للعمل المشترك وتشبيك الجهود بما يضمن مساعدة أكبر عدد من اليمنيين في هذا الشهر الفضيل ورفع جزء من معاناتهم .
بالرغم من كل ذلك، تظل الآمال معقودة بقدرة الكثير من فاعلي الخير أكانوا يمنيين أو خليجيين أو عرب ومسلمين أو حتى من المجتمع الدولي في الوصول إلى الكثير من اليمنيين الذين يعانون في مختلف بقاع اليمن، وسيمكنهم الله عز وجل إذا ما أخلصوا النوايا وعقدوا العزم من الوصول إلى الفئات المحتاجة في مدن وقرى اليمن.
هي دعوة نطلقها مع بداية هذا الشهر الكريم للتراحم في شهر الرحمة، وتلمس احتياجات الفقراء والمحتاجين من اليمنيين، وبذل العطاء السخي والمزيد من الجهد للوصول بما تجود به أيديهم الكريمة إلى كل المحتاجين في مختلف مناطق اليمن حضراً وريفاً .
وعلى اليمنيين أنفسهم أن يتقاسموا لقمة العيش فيما بينهم وأن يتلمس كل فرد منهم احتياجات جارة، وأن يتقاسموا فيما بينهم الزاد وإن كان قليل ففيه ستحل البركة، فكم من أسر متعففة لا يعلم عنها أحد، ويصعب الوصول اليها وقد لا تجد رغيف الخبز، وقد يموت أطفالها من الجوع أو المرض.
شهر رمضان لا يمثل فقط مناسبة للتراحم والتكافل وفعل الخير، وإنما هو أيضا مناسبة للتسامح والتصالح والعفو وتجاوز الخلافات بين الأخ وأخيه، فلنحرص جميعا على أن لا يمر هذا الشهر الا وقد ازلنا من قلوبنا الأحقاد والضغائن والكره، ولنتسامح ونتصافح ويتجاوز كل فرد منا عن إساءة و أخطاء الآخرين، كي يرحمنا الله ويغفر لنا ويعود الخير والوئام والأمن والسلام لليمن.
- بشير عبدالله ** ** Yaljazeera@gmail.com