تربطني بأخي وزميلي أ.د. عبدالناصر بن عبدالرحمن الزهراني علاقة وثيقة منذ أيام الدراسة الجامعية، ففارق السن بيننا سنتان لصالحي أو تزيد قليلاً، وعندما شارفت على التقاعد أصبح هو عميداً. وخلال زمالتنا ووجودنا في قسم الآثار والمتاحف عرفت أ.د. الزهراني عن قرب، رجل خلوق بما تعني الكلمة، لا يتحدث إلا بعد تفكير، ولم أسمع عنه أن جاء بكلمة واحدة تجرح الآخر، يتحمل صعب الكلام بشكل يشد الانتباه، ويعرض عن ذم الآخرين أو محاولة الانتقاص منهم، يبحث عن الإيجابية في الحديث والبعد عن إيذاء الغير.
فساعة الإعلان عن قيام الكلية عام 1425هـ/ 1426هـ تم ترشيحي من قبل عميد الكلية آنذاك أ.د. سعيد بن فايز السعيد، أول عميد للكلية، لأتولى رئاسة قسم الآثار (سابقاً قسم الآثار والمتاحف)، وترشيح أ.د. عبدالناصر بن عبدالرحمن الزهراني رئيساً لقسم إدارة موارد التراث والإرشاد السياحي وترشيح أ.د. مشلح بن كميخ المريخي رئيساً لقسم الإدارة السياحية والفندقية، فأصبحنا الثلاثة أعضاء في مجلس الكلية، فبدأت أعرف الجانبين، الإداري والإنساني، في شخصية أ. د. عبدالناصر الزهراني من خلال دفاعه عن مصالح قسمه وزملائه وحرصه الشديد على رسم مستقبل مشرق للقسم بتطوير كوادره الإدارية والأكاديمية.
وجاءت معرفتي الأعمق لمنهج أ.د. الزهراني الإداري عندما أصبحت وكيلاً للكلية للشؤون الأكاديمية، وبدأ الاحتكاك الفعلي برؤساء الأقسام، وكان هو أحدهم، وما ينتج عن الاحتكاك من توتر لا يلبث أن يزول. وخلال هذه الفترة عرفت من المرور بعديد من المواقف إنسانية أ.د. الزهراني إذ اتضح لي اتصافه بحب منفعة الآخرين، وهذا هو عشقي أنا أيضاً، فلا أكون سعيداً بقدر ما أكون عندما أنفع زميلاً أو قريباً أو ناشد حاجة، فمن هذا الجانب شاهدت بوضوح إنسانية أ. د. الزهراني وأعجبت بها أيما إعجاب.
وبعد أن تولى أ.د. الزهراني عمادة الكلية مع بداية الفصل الأول للعام الجامعي 1436هـ- 1437هـ، وفي الوقت نفسه كنت على بعد سبعة أشهر من التقاعد بموجب النظام، تفاءلت كثيراً في قدرته على تطوير الكلية إدارياً وعلمياً. جاءت البدايات مؤيدة لتفاؤلي. فبعد توليه العمادة أبعد الكلية عن الأجواء المتوترة، ونأى بها عن أجواء المشاحنات. بدأ عمادته بواقعية متناهية، ابتعد عن التحالفات والمجموعات التي عادة ما تسيطر في بعض الكليات، وتصبح نتنة وكريهة عندما توجهها المصالح المادية، أو سباق الحصول على المواقع الإدارية، أو الأطماع الشخصية، أو الأنانية المفرطة، أو حب الذات المهلك. ابتعد في الكلية عن تلك الأجواء، ولم يمض من عمادته سوى أربعة أشهر حتى عرف الكل أن الواقعية وحسن اختيار الأشخاص وتقديرهم هو منهج العميد أ.د. الزهراني فقبل به الجميع واطمأن إليه الكل. لجأ إلى النظرة البعيدة في التخطيط والاستيعاب فنجح في أول مشواره في عامه الأول بل جمع بين حسن التعامل والخلق الرفيع، والقدرة على اتخاذ القرار وقت الحاجة إليه.
وتوج بداية نجاحه في تفعيل النشاطات التي تبنتها الكلية خلال الأشهر السبعة التي مضت من عمادته، فأوجد تعاوناً قوياً بين الأقسام، وأوجد تقارباً مُنتجاً مع وحدات الكلية وأقسامها المختلفة. أجاد في التعامل مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، عقد وحضر عدداً من لقاءات لجان الكلية، مثل: لجنة الحقوق الطلابية، ولجنة مكافحة التدخين، واللقاء السنوي بالطلاب المستجدين واللقاءات المستمرة مع الموظفين وأعضاء هيئة التدريس وفعّل جائزة الموظف المثالي، ودفع بالإرشاد الطلابي إلى الأمام.
وختم هذه النجاحات بالاحتفال السنوي للكلية الذي خلاله ظهرت قدرته على التعامل مع الأطياف المختلفة، فكرم جميع من عمل من أعضاء هيئة التدريس والموظفين والإداريين على مدار عشرة أعوام، وهي الأعوام التي تُمثل ما مرّ من عمر الكلية. وبسط اليد لكل من يريد العمل المثمر الجاد، فلا فرق بين موظف وآخر إلا بقدر ما يفرضه الأداء الجيد.
نبارك للكلية عميدها، متمنين له الصحة والتوفيق، ونشكره على ما قدمه للجميع، ونتمنى على الجميع التعاون معه لكي يتمكن من تحقيق نجاحات متوالية للكلية على المستوى الأكاديمي والعملي والبحثي. نجح في كسب ثقة الجميع لذا سوف ينجح في تقديم الأفضل للكلية وطلابها وأساتذتها وكادرها الإداري خلال عمادته للكلية، فهو الشخص المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب.