أجرته - حلم الرمال:
في هذا الحوار نتعرف على الكثير من التفاصيل في مسيرة الشاعرة (ليلى السعودية)، ونقلِّب الكثير من أوراقها الأدبية.. متمنين للمتلقي الكريم إبحاراً جميلاً عامراً بالفائدة والمتعة.
س- قد يكون من الصعب تحديد ملامح البداية مع الشعر بكل تفاصيلها.. لكن هل من الممكن معرفة أهم عناوين هذه البداية؟
ج - تربطني بالشعر علاقة حب قديمة ومتينة جداً.. عشقي لمادة التعبير أيام الدراسة الابتدائية كانت انطلاقتي الأولى في فضاءات الشعر والكتابة، ولم تقتصر قراءتي على الشعر والأدب فقط بل إني كنت أحب سبر أغوار كل مجالات العلوم المتنوعة وأحب القديم من الكتب والروايات، فالجديد لا يروي ظمأي ولا يلفت نظري ولا يملأ شغَفي وفضولي، كما أني مُستمعة جيدة فوالدي - حفظه الله - كان يردد الكثير من القصائد القديمة والنادرة وكنت أحب الاستماع والإنصات إليه.
س- هل بقي في أوراقك أو ذاكرتك بعض من قصائد البدايات وهل لنا بشيء منها؟
ج- في ذاكرتي أشياء كثيرة أصابتها عدوى النسيان وآسفة لنفسي أن تكون كتاباتي القديمة ضاعت في دهاليز السنين والأيام.
س- تتباين الآراء حول جودة المطروح في ساحة الشعر الشعبي، ما مدى كمية الشعر فيما يطرح من وجهة نظرك؟
ج- مع كثرة الشعر اليوم أصبح البحث عن الشعر الجيد والذي يستحق القراءة أمراً متعباً، وفي الوقت الحاضر صرنا نعاني من تضخم الشعر (الغث) وبكل أسف هو ما بدأ يأخذ نصيب الأسد في الساحة الشعبية.
س- هناك من يقول إن الإعلام الجديد أتاح الفرصة للشعراء المبتدئين بالنشر بكل يسر وسهولة دون سلطة محرر وذائقة مشرف، وهناك من يقول إن الانفتاح الكبير في الإعلام الجديد خلط الحابل بالنابل والجيد بالرديء، فإلى أي القولين تميلين ولماذا؟
ج - الانفتاحية التي نشهدها في الإعلام الجديد كبيرة، وبلا شك أن هذا الإعلام الذي يتوسّع كل يوم فتح الباب على مصراعيه لدى الشعراء المبتدئين ومنحهم حرية للكتابة من دون قيد أو شرط، وفي الوقت نفسه هو فعلاً خلط الحابل بالنابل وأصبح كل شيء متاحاً وأصبحت سلبياته أكثر من إيجابياته، وطالما لا يوجد حسيب أو رقيب للقضاء على هذه السلبيات أو التقليل منها وإنقاذ ما يمكن إنقاذه ستكون سقطة مدوية لهذا الإعلام بكافة طوائفه ولا عزاء للشعراء والمثقفين والراسخين في الأدب.
س- ما أبرز ملامح سحابة الشعر حينما تلوح بوادر القصيدة في مخيلة ليلى؟
ج- الشعر صورة قبل أن يكون كلمات يحتاج إلى نواحي فنيّة، وأنا أحب تصوير الشعر قبل كتابته، والتصوير يشمل الملامح والوجوه والطبيعة والزوايا، كما أني أحب الإصغاء لأحاسيسي، فمن دون إحساس تصبح القصيدة بلا حياة.
س- عُرف عن الشاعرة ليلى ولعها في القديم من قصص وقصائد الشعراء والعشاق والفرسان، وموضوعك عن ولاّدة وبن زيدون الذي نشرناه هنا شاهد على ذلك، فهل لنا بمعرفة سر هذا الولع؟
ج- لأَنِّي وجدت الصورة الحقيقة والتي تملأ شغفي في كل هذه القصص الضاربة في القدم، وهذا ما جعل الولع لديّ يزداد كلما وقفت على أطلال قصص العشاق من شعراء وفرسان العرب وصولاتهم وجولاتهم بكل جوانبهم الحسيّة والنفسية والفنية، ولعشقهم المُقَدَّس وبطولاتهم وأشعارهم الرنّانة عظيم الأثر في نفسي، وكل شخص ينتمي للأشياء التي يحبها، وأنا أحب أن أنتمي لذلك الزمن والتاريخ الزاخر بالنفيس.
س- هل ترين أن وسائل الإعلام التقليدية من إذاعة وصحافة وتلفزيون مقصرة في خدمة الأدب النسائي عموماً والشعر على وجه الخصوص؟
ج- منذ أن عرفنا الإعلام التقليدي وهو ينصف أسماء ويُهمّش ويتجاهل أسماء أخرى هي الأجدر بالنشر والظهور لم يدرك الإعلام بعد أننا نعاني من ندرة (الشاعرات المثقفات)، وأننا لسنا بحاجة إلى اسم شاعرة فقط دون النظر إلى الجوهر الشعري والمُحتوى الذي يُقدم لنا، لهذا هم مقصرون تماماً في خدمة الأدب والشعر النسائي الحقيقي.
س- يتفق الكثيرون أن القصيدة لا تأتي من الخيال المطلق ولا من الواقع المطلق، فمن أين تنطلق الشرارات الأولى لقصائد الشاعرة ليلى؟
ج- أنا أخت الواقع وصديقة الخيال، فلكل منهما تنتمي قصائدي، أحياناً تنطلق الشرارة الأولى مع فنجان قهوة أو بعد الانتهاء من متابعة (فيلم) أو حدوث موقف لي أو لغيري لا توقيت معين ولا زمن يحدد موعد الكتابة، وأحياناً يكون من الصعب تحريك مياهي الراكدة في أعماقي مهما حصل من مواقف وأحداث.
س- ألم يخطر في بالك جمع قصائدك بعد هذا المشوار الجميل بديوان مطبوع تهديه للمكتبة الشعبية؟
ج- هذه الفكرة لا تزال بعيدة، ولأني أقدّس حرفي كثيراً لا يعجبني أن يكون ديواني كبقية الدواوين لا يُقرأ فيها سوى عنوان الغلاف من أجل تصويره بجانب (فنجان قهوة أو شمعة مشتعلة أو قطعة حلوى)، الزمن هذا زمن تصوير أغلفة الكتب لا أحد يكلف نفسه فتح الغلاف وقراءة المحتوى.
س- في نهاية هذا الركض الأدبي الجميل ماذا تودين إضافته؟
ج- أتمنى الرُقي للساحة الشعبية وأن تكون في أفضل حال، وشكراً لكم على إعطائي هذه المساحة الهادئة والرحبة.