«الجزيرة» - الثقافة:
يناقش المؤلف الأمريكي إيريك هوفر في كتابه «المؤمن الصادق» علاقة الفرد بالجماعات الجماهيرية. ويتناول الكتاب الذي ترجمه للعربية الدكتور غازي القصيبي عوامل جذب الحركات الجماهيرية، وطبيعة أولئك المهيئين للانتماء لتلك الجماعات من أفراد المجتمع، كما يتطرق للعمل الجماعي والتضحية بالنفس. ويتمعّن المؤلف في طبيعة الحركات الجماهيرية ومصيرها وتصنيفها. ونستعرض هنا آراء عدد من القراء حول الكتاب.
في البداية، يقول حامد البلوي إن كتاب المؤمن الصادق يكشف أساليب الفئات الضالة في استدراج الضحايا، ليس من فئة الشباب وحسب، بل أيضاً من مختلف الأعمار، معتبراً أن قراءته تحمي الفرد من الوقوع في براثن هذه الجماعات. ونصح البلوي الشباب بقراءة الكتاب.
بدوره، يقول عباس الحذيفي إن الكتاب ناقش ظاهرة ما يُسمى اليوم بالإرهاب، وذلك قبل عقود من نشوء الظاهرة بشكلها الحالي، وكأنه استشرف الزمن وقرأ المستقبل. وعرّج الحذيفي إلى مقدمة المترجم الدكتور غازي القصيبي الذي أشار إلى أنه كان يبحث عن كتاب يفسر له ما يجري من تضليل للشباب ودفعهم إلى مهاوي الردى، حتى وجد كتاب (المؤمن الصادق)، معتبراً إياه المفسر لما يجري، على الرغم أن مؤلفه لم يحصر الأمر بفئة معينة. ورأى الحذيفي أن هوفر لم يسمِ المتشددين الإسلاميين بوصفهم سبب التطرف والإرهاب، لكنه ناقش الفكرة بأفق مفتوح، ولعله ألَّف الكتاب والشيوعية لا تزال حاضرة بأيديولوجيتها. وأكمل الحذيفي أن المؤمن الصادق كما فسره المؤلف هو شخص يؤمن بفكرته إلى حد الموت في سبيلها وقد تكون هذه الفكرة دينية إسلامية أو مسيحية أو فكرة إيديولوجية مثل الشيوعية والقومية وغيرها، ولكي نتغلب على الفكر الضال لا بد من تعميم هذا الكتاب وأمثاله على الناس وبخاصة الشباب المستهدف من قبل أصحاب الفكر الضال.
من جهته، يصف المعلم أحمد البلوي الكتاب بأنه من أفضل ما يمكن أن يقرأه الإنسان، بخاصة هذه الأيام التي كثرت فيها الفتن وانتشرت الأفكار الضالة الهدامة التي ترتدي أو ترفع شعارات إسلامية والإسلام براء منها. ولفت البلوي إلى أن المؤلف شخّص في كتابه التعبئة الخاطئة واعتبرها لا تقتصر على استغلال الدين فقط، إضافة إلى أنه حدد أن شخصية المؤمن الصادق المستعد لتفجير نفسه مع غيره من البشر انتصاراً لفكرة آمن بها هو إنسان محبط ويكره نفسه ومن ثم يكره غيره، بل يحمل أشد الحقد على المجتمع من حوله فكان لديه المبرر والاستعداد لتنفيذ ما يدعوه إليه شياطين الأنس من أصحاب الأفكار الضالة، ومن هنا فإن المعالجة تقتضي أيضاً القضاء على البيئة التي تهمش الشباب وتدخلهم في دائرة الإحباط.
رغم أن الكتاب تم تأليفه في الخمسينيات من القرن المنصرم إلا أنه يجيب على العديد من التساؤلات المهمة بطبيعة الحركات الثورية بمختلف أنواعها: الدينية، والقومية، واليسارية، بل يعطي إجابات واضحة حول سبب انتماء الشباب للحركات المختلفة وأسباب تركهم لها، حتى الإسلامية منها. ويمكننا الاستفادة من هذا الكتاب لمعرفة طريقة تفكير خصومنا، بل كيفية قيادة الجموع البشرية في الثورات الشعبية وكيفية تحريكها. كلما تقدّمت في قراءة الكتاب عرفت قيمته العالية وأهميته العظيمة.