ناصر الصِرامي
سمعنا في الأخبار عن إطار حوكمة تحقيق «رؤية المملكة العربية السعودية 2030»، وقيام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بتطوير نظام حوكمة لضمان مأسسة العمل ورفع كفاءته وتسهيل تنسيق الجهود بين الجهات ذات العلاقة؛ بما يمكّن المجلس من المتابعة الفاعلة. خبر جيد في إطار بلورة عملية لرؤيتنا الوطنية المستقبلية. لكن قد تبدو الصياغة والمفردات مربكة لغير المتخصصين، أو المهتمين.
ساحاول تبسيط ما نشر من معلومات حول هذا الجانب تحديدًا، وبما حمله من الأدوار والمسؤوليات، وعلى مستوى تطوير الاستراتيجيات، والإنجاز، يظهران «الرؤية» تتجه إلى التكامل من إطارها العام التنفيذي، إلى الأجزاء التفصيلية.
ما أعلن مرونة مهمة في جوانب رسم الرؤى والتوجّهات والبرامج، وما قد يطرأ عليها من تعديل أو تحديث محتمل. وهو أمر بالغ الأهمية لتبقى رؤية قابلة للتطوير والتحديث وحتى التصحيح والتفاعل مع المستجدات من حولها.
كما حمل تحديدًا واضحًا لمهام ذات علاقة مثل اللجنة المالية والإعلامية، والشؤون الاستراتيجية للمجلس، والأخيرة معنية باقتراح صياغة الاستراتيجيات المحققة لـ»الرؤية»، وترجمتها إلى برامج تنفيذية، ومتابعة التنفيذ. من خلال ذراعها التنفيذية المتمثلة في «مكتب الإدارة الاستراتيجية».
هذه الذراع التنفيذية ستقوم بدراسة وتحليل سبل ترجمة «الرؤية» إلى خطط وبرامج عملية، والإشراف والمتابعة المستمرة على تقدم تلك الخطط والبرامج التنفيذية، ومدى تحقيقها الفعلي لأهدافها عبر تذليل العقبات والمشكلات، ودراسة أسباب تأخر أو تعثر المبادرات.
أيضًا أمامنا أسلوب جديد في العمل الفنى والإداري الحكومي يتمثل في وجود «مركز الإنجاز والتدخل السريع»، الذي يعد عمليًا الذراع الداعمة لمجلس الشؤون الاقتصادية مع الجهات التنفيذية، والذي سيقدم الدعم في تصميم المبادرات وإنجازها وتنفيذها. المركز سيتدخل بناء على توجيه من المجلس في حال التعثر في تنفيذ أي من المبادرات المشمولة في البرامج التنفيذية المحققة لـ»الرؤية».
ثم هناك المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة ولتعزيز الشفافية لجميع الأطراف ذات العلاقة عبر متابعة مدى التقدم الحاصل في التنفيذ، وقياس مستوى التقدم بشكل دوري، بما في ذلك التحقق من مدى التزام الجهات بتحقيق الأهداف الوطنية المشتركة وإبراز أي تعثر أو تأخير في التقدم. ويتولى المركز إشراك المجتمع في متابعة أداء البرنامج والأجهزة المعنية من خلال نشر لوحات مؤشرات الأداء وتقارير دورية مدققة.
في نظام الحوكمة اعتمدت آلية تضع مسؤولية حل العوائق على الأجهزة التنفيذية أولاً، وتأكيدًا على تحميل الأجهزة الحكومية والعامين فيها ومدرائها وحتى الوزراء لمسؤولياتهم، كما أنها تسرع من عملية تبليغ الجهات المعنية بأسباب تأخر أو تعثر تنفيذ المبادرات والبرامج، وأنها تفعل دور المساءلة والمحاسبة عند التقصير أو التأخير أو التعثر، وفق مستويات متعدّدة بحسب ما يتطلّبه حل المشكلات والعوائق، على ألا تتجاوز مدّة أي حل لأي جهة أسبوعين فقط..!
أسلوب يبدو جديدًا على الإدارة الحكومية التنفيذية في قمة هرمها وأركانها، أسلوب إداري واضح وشفاف ومسؤول يجعلنا نكون أكثر تفاؤلاً برؤية السعودية الجديدة تتحقق عبر تكامل آلياتها التنفيذية..
نتوقع أن هناك الكثير في طريقه للإعلان حول تفاصيل أو سع، لكن الصورة العامة المتوفرة تؤكد أن الرؤية تتجه نحو العملية الآن، نحو الواقع، وأن العمل الجاد فقط في هو الذي سيبقى وهو - أيضا- المتبقى الآن..!