بحسب الموقع الرسمي لوزارة التربية البريطانية (Department of Education) فإن مدير المدرسة في النظام التعليمي البريطاني (كمثال على الأنظمة الدولية) يتقاضى راتبا يزيد على راتبه عندما كان معلما «خبيرا» Leading practitioner مرة ونصف، حيث إن متوسط الراتب الشهري للمعلم الخبير 20 ألفا ولمدير المدرسة أكثر من 30 ألف ريال وهو أيضا يعادل ضعف متوسط راتب المعلم العادي (15 ألف ريال). ورواتب مدراء المدارس تتراوح في مدى واسع باختلاف أحجام المدارس وكذلك مراحلها حيث يتمتع مدير الثانوية بأعلى المعدلات. وعموما فإن أقل راتب لمدير المدرسة هو 18 ألف ريال وأعلى راتب قد يصل إلى 40 ألف ريال.
كثير من الدول المتقدمة تماثل أنظمتها هذا الوضع فترى تباين رواتب المدراء التربويين عن المعلمين وهو أمر منطقي للوهلة الأولى.
القيادة التربوية لدينا المجان وهذا ما يميز تعليمنا عن غيرنا من البلدان، ومجالات القيادة التربوية متعددة فهناك مدير المدرسة والمشرف التربوي (باختلاف تخصصاته) ورئيس القسم التعليمي ومدير الإشراف التربوي ومدير المكتب التعليمي وكذلك مدير التعليم، كل هؤلاء هم معلمون ولا زالت وظيفتهم تحمل اسم «معلم» ولا زال راتبهم أيضا هو راتب معلم، نعم ياسادة راتب معلم بلا زيادة ولا نقصان، ويشمل ذلك أيضا مدير عام التعليم ومدير عام المناهج المكلف بالوزارة (أو مدير عام التدريب أو مدير عام تقنيات التعليم، إلى آخر القائمة) كل هؤلاء يعملون «قياديا» بالمجان فكل منهم يتقاضى راتب معلم بلا زيادة مقابل عملهم القيادي وأرجو ألا تكون هذه المعلومة صادمة لبعض القراء، أقول ذلك لأني كثيرا ما عايشت شعور أولئك الذين يسألوني عن هذا الأمر وعندما أقدم لهم هذه الحقيقة لا يكادون يصدقونني!
الأرقام التي قدمتها في المقدمة مثال على أول درجات سلم مستويات القيادة التعليمية (مدير المدرسة) ولم نستشهد ببقية من هم في أعلى درجات السلم في تلك البلدان فالأمر عندئذ أكبر. يعلم كثير من العاملين في السلك القيادي التربوي أن هناك نفور من المهمة القيادية وأن المسئولين يتعبون كثيرا في إقناع أحد المتميزين لينضم إلى صف القيادة التعليمية (بأي مستوى)، فالمعلم المتميز لا يريد أن يكون مدير مدرسة أو مشرفا تربويا، ومدير المدرسة المتميز لا يريد أيضا أن يرتقي ليكون مسئولا بإدارة التعليم، وكذلك المسئولين بإدارة التعليم قليل منهم يطمح أن يكون مديرا للتعليم، وتحليل ذلك أن المستهدفين هم أشخاص متميزون في أدائهم ومهنتهم مما يعني أن لديهم البصيرة الكافية لتقدير المخاطر في استلام عمل قيادي لا يعود عليهم بمنافع توازي المتاعب الجمة التي تنتظرهم، لذلك تبقى لهذه المواقع فئة أخرى (خارج نطاق التميز الضيق بطبيعته) لكن لديها اهتمامات الظهور الشخصي أو إثبات الذات اجتماعيا من خلال المنصب الوظيفي فماذا ينتج هؤلاء؟ أترك لكم الإجابة...
د. محمد بن إبراهيم الملحم - مدير عام تعليم سابق
mialmulhim@gmail.com