«الجزيرة» - عبدالله الجعيدي / تصوير - عبدالرحمن النعيم:
شهدت الأحوال المدنية على مدى العقود المختلفة اهتماماً من القيادة الرشيدة منذ إنشائها، وأصدرت الدولة الأنظمة اللازمة لضبط الحالة المدنية للمواطنين السعوديين، وحفظ أساسات وثائقهم، والتعريف بمن هو السعودي الأصل، وما هي الشروط اللازمة للالتحاق بالجنسية العربية السعودية.
وخلال العامين الأخيرين شهد هذا القطاع تطوراً ملموساً من خلال الاهتمام بوسائل الإثبات الحديثة عن طريق أخذ الخصائص الحيوية (البصمات) للمواطنين، واعتماد صورة الهوية الوطنية من أكثر من قطاع، والاهتمام بأمن المعلومات الخاصة بوثائق المواطنين دون التأثير على سرعة الإجراءات، كما أن الأحوال المدنية دشّنت العديد من المكاتب ذات الجودة العالية في مختلف المناطق، وأصبحت خدمة المواطنين متاحة في الأماكن القريبة منهم، ويتم إنجازها في وقت قياسي.
تستضيف «الجزيرة» خلال هذا العدد وكيل وزارة الداخلية للأحوال المدنية/ ناصر بن عبدالله العبدالوهاب في أول حوار إعلامي خاص منذ توليه المنصب، ونقدّم على طاولته أهم القضايا والتساؤلات التي تتداول مؤخراً فيما يخص عمل هذا القطاع.
* في البداية هناك عدد من الخدمات التي تقدمها وكالة وزارة الداخلية للأحوال المدنية لجميع المواطنين، ما هي أبرز تلك الخدمات؟
- بتوجيهات صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية حفظه الله، وإيماناً بأهمية العمل المؤسسي الممنهج الذي يأخذ في الاعتبار جميع الآراء والخبرات للخروج بتوصيات تخدم المصلحة بعيداً عن الاجتهادات الفردية أيّاً كانت قوتها ، فإننا نعمل كفريق عمل لتنفيذ الخدمات وفق إستراتيجية واضحة، وخطة عمل تشمل برامج وآليات للتنفيذ محددة بمدة زمنية بعيداً عن التنظير والتعمق في المصطلحات الإدارية والعبارات التي لا يفهمها إلا الأكاديميين، ويتم إعداد هذه الخطة بمشاركة الجميع، آخذين في عين الاعتبار جميع الملاحظات التي ترد من المعنيين بتنفيذ هذه الخدمات ضماناً لنجاح هذه الخطة، وحرصاً على مشاركة جميع الموظفين والموظفات على تقديم المقترحات، تم تعميد نماذج على الجميع لتعبئتها بجميع المقترحات والملاحظات، وترسل مباشرة لفريق عمل الخطة بواسطة البريد الإلكتروني والتأكد؛ حيث تراجع ويؤخذ في الاعتبار ما هو مناسب بالإضافة إلى رصد ما يرد في مواقع التواصل الاجتماعي من جميع المواطنين لأخذه في الاعتبار، وعدم إغفال أي رأي، ويتابع تنفيذ الخطة أسبوعياً، وبحث المعوقات إن وجدت، وإيجاد البدائل المناسبة، ويتم التنسيق مع الجهات المعنية بالتمويل، وفي هذا الصدد أقدم الشكر الجزيل لوزارتي المالية والخدمة المدنية على ما أبدوه من تفهم لاحتياجات الوكالة وتوفير الدعم بما يحقق الصالح العام.
وتشمل الخطة عدداً كبيراً من البرامج ومنها: الخدمات الإلكترونية وأهمها خدمة «تقدير»، وتهدف هذه الخدمة إلى الوصول إلى المواطنين في المواقع التي يتواجدون فيها، ويستفيد منها كبار السن والمرضى، وأصحاب الظروف الخاصة ممن لا يستطيعون الحضور إلى مكاتب الأحوال المدنية، بالإضافة إلى منسوبي عدد من الجهات الحكومية من وزارات، وجامعات، ومدارس، ومنشآت عسكرية، ومؤسسات، إضافة إلى خدمة المواطنين المتواجدين في مدن وقرى بعيدة عن مكاتب الأحوال، وتوفر هذه الخدمة من خلال مكاتب أحوال متنقلة عبارة عن سيارات مجهزة بآلات تصوير وتبصيم مرتبطة بالأقمار الصناعية تتم من خلالها إصدار الهوية الوطنية، وطباعة سجل الأسرة، وتسجيل الوقوعات وفق الأنظمة واللوائح.
* لاحظ المواطنون نقلة نوعية من الخدمات المقدمة من الأحوال المدنية، ما هي المشاريع المستقبلية لديكم؟
- نعمل وفق الخطة على توسيع خدمات الأحوال المدنية لتشمل أغلب المحافظات خصوصاً الأقسام النسوية، وتم خلال سنتين افتتاح (16) مكتباً نسائياً وفق ما توفر من إمكانيات مادية وبشرية، وسيتوالى إن شاء الله خلال الأشهر القريبة المقبلة افتتاح أكثر من (30) مكتباً نسائياً، والهدف الرئيس إحداث مكاتب نسائية في جميع المكاتب الرجالية، والتسريع في تطبيق قرار مجلس الوزراء الخاص بإصدار الهوية الوطنية للمرأة.
وفي مجال التقنية فإن لدينا فريق عمل متكامل لمواكبة التطورات التقنية، ويعمل على تحويل جميع الإجراءات اليدوية إلى آلية سواء النشاط الأساسي، أو الأعمال المساندة، وإن شاء الله نكون الإدارة الحكومية الأولى التي تدار بدون ورق قريباً جداً، وننوه إلى الربط التقني مع وزارة الصحة لتسجيل المواليد والوفيات، ومع وزارة العدل لتسجيل حالات الزواج والطلاق، ومع وزارة الخارجية لتسجيل وقائع المواطنين خارج المملكة من تجديد الهوية وتسجيل المواليد والوفيات، إضافة إلى وزارة الخدمة المدنية، والعمل والتنمية الاجتماعية.
وإدراكاً من الوكالة في أهمية توفير البيئة المناسبة سواءً للموظفين أو المراجعين حرصت على توفير المباني المناسبة بأحدث التجهيزات، وعلى أعلى مستوى من المواصفات سواءً المستأجرة أو المملوكة، وحالياً يتم تنفيذ (57) مبنًى جديداً في جميع مناطق المملكة على أعلى المواصفات، إضافة إلى الترميم القائم وبأقل التكاليف، وفي مجال الدراسات يتم وبواسطة فريق عمل متخصص من داخل الوكالة وخارجها مراجعة نظامي الأحوال المدنية والجنسية، حيث عقد أكثر من (20) ورشة عمل بهذا الخصوص في جميع مناطق المملكة، وسيتم عرض النتائج على متخصصين من الأكاديميين وأصحاب الخبرات في مجال الأحوال الشخصية من الجامعات وبعض الوزارات ممن لها علاقة بهذا الموضوع، وسيتاح لفريق العمل القيام بزيارات لبعض الدول العربية والأجنبية للاستفادة من تجاربهم فيما يخص هذه الأنظمة.
وفي أهم ما تملكه الأحوال المدنية وهو وثائق الهوية الوطنية لدينا ما يقارب ملياراً وأربعمائة مليون وثيقة مرتبطة بالهوية الوطنية، وقد عُمل برنامج طموح لتنظيمها، وتوفير أكثر من (15) مليون ملف بمواصفات عالية ضد الرطوبة وضد الحريق، ومطبوع عليه الأرقام بـ«الباركود» بدلاً من الكتابة اليدوية السابقة، ومخصص لكل مواطن ملف، وسينتهي العمل إن شاء الله خلال ستة أشهر من تاريخه، وكل ذلك بأسعار منافسة ولله الحمد، وهناك مشروع طموح لحفظ الوثائق حيث اقترحنا إنشاء خمسة مباني أرشفة مركزية على مستوى المملكة لتكون رافداً مهماً لنا في المستقبل.
* الهوية الوطنية تُعتبر الوثيقة الرسمية لكافة تعاملات المواطنين والمواطنات، ما هي نسبة إقبال السيدات على إصدار الهوية الوطنية؟
- الإقبال ملحوظ على إصدار الهوية الوطنية للمرأة، وتطبيقاً لقرار مجلس الوزراء رقم 151 وتاريخ 13 / 5 /1434 هـ وبتحديد العام 1441هـ بإلزام كل امرأة الحصول على الهوية الوطنية، وتماشياً مع ذلك سارعت الأحوال المدنية لإيجاد الوسائل المناسبة للتسريع في ذلك من خلال زيادة عدد المكاتب، وزيادة التوظيف النسوي بالتنسيق مع وزارتي المالية والخدمة المدنية؛ حيث كانت (16) مكتباً قبل عامين، ووصلت حالياً إلى أكثر من (42) مكتباً، ومن المتوقع أن يتم افتتاح أكثر من (10) مكاتب خلال العام المقبل بإذن الله في حال توفر الاعتمادات المالية لإنشائها، وتوفير القوى البشرية اللازمة، علماً بأن نسبة النساء الحاصلات على الهوية الوطنية لا يتجاوز (20 %) قبل عامين، ووصلت النسبة حالياً إلى (46 %) ممن تجاوزت أعمارهن (15) عاماً.
* ما هي التدابير اللازمة التي تتخذها الأحوال المدنية للحيلولة دون تزوير في محتويات الوثائق الصادرة منها؟
- كون معلومات الأحوال المدنية هدفاً رئيسياً لمن يسعون إلى زعزعة أمن البلاد بالعمل على التزوير، فإن الوكالة سعت أولاً إلى إيجاد الكوادر البشرية المؤهلة وتدريبهم التدريب المناسب داخلياً وخارجياً على برامج كشف التزوير والانتحال في مراكز حكومية وأهلية متخصصة، ومن أهم هذه الجهات الأمن العام، وجامعة نايف العربية للعلوم الأمينة، إضافة إلى توفير التقنية العالية لكشف الثغرات ومعالجتها، ومراجعة وتدقيق وثائق حصول المواطنين على الهوية الوطنية بمركز المعلومات الوطني باستخدام أجهزة الليزر، وعلى بطاقات ذات مواصفات عالية.
* الأحوال المدنية تعتبر من أول الإدارات التي طبقت خدمة المواعيد الإلكترونية، كيف تقيم التجربة ومدة تعاون المواطنين والمواطنات؟ وهل ساهمت في تقليل الزحام على مكاتب الأحوال؟
- لاشك أن التنظيم التقني يحقق العدالة في تحديد مواعيد مراجعة المواطن، ويسهل إجراءاته، وينظم وقته، وهو ما سعت إليه الأحوال المدنية، وقد حقق ذلك سرعة في الإنجاز، واختصاراً لوقت المواطن والمواطنة، وقد هُيئت هذه الخدمة في البوابة الإلكترونية متضمنة متطلبات الإجراءات التي يحتاجها المواطن والمواطنة، ومواقع مكاتب الأحوال المدنية بدقة ولا يستغرق إنهاء إجراءات المواطن سوى دقائق، وقريباً إن شاء الله سيتم تحويل جميع الإجراءات إلكترونياً من قبل المواطن بمنزله ما عدا التصوير والتبصيم، وستُسلم الهوية للمواطن في مكان تواجده.
* يعلم معاليكم بأن جميع الخدمات الإلكترونية مرتبطة بالخصائص الحيوية (البصمة)، كم نسبة المواطنين المسجلة بصمتهم؟ ومتى يتوقع بأن تكون جميع الخصائص الحيوية للمواطنين مسجّلة لدى الأحوال المدنية؟
- لا شك أن الخصائص الحيوية كبصمة اليدين، والوجه عنصر رئيس لإثبات شخصية المواطن، وبلغت نسبة المواطنين الذين بلغوا (15) عاماً وسجلت خصائصهم الحيوية (98 %) للرجال و (46 %) للنساء ممن تجاوزن (15) سنة.
* هل لدى الأحوال المدنية مشروع لتقديم خدماتها عبر الممثليات الدبلوماسية للمملكة العربية السعودية في الخارج؟
- امتداداً لحرص الأحوال المدنية على خدمة جميع المواطنين باختلاف مستوياتهم وأماكن تواجدهم في أي موقع داخل وخارج المملكة، فإننا نعمل على التنسيق مع الإدارات المعنية بوزارة الخارجية لتحقيق الربط التقني مع السفارات والقنصليات السعودية في جميع أنحاء العالم لتسجيل جميع الواقعات الشخصية للمواطنين العاملين أو الدارسين في الخارج، ووفرت الإمكانات التقنية من أجهزة وبرامج، ونرجو أن يتم هذا الربط في القريب العاجل إن شاء الله.
* كفلت الأنظمة في المملكة العربية السعودية إسقاط الجنسية من أي مواطن سعودي الأصل أو سحبها من المجنّسين في حال ارتكاب مخالفات معينة، ما هي الحالات التي تخوّل لسحب الجنسية؟
- تضمن نظام جنسية المملكة العربية السعودية مواداً لإسقاط الجنسية، ومن أسباب إسقاط الجنسية: الدخول في جنسية أخرى، أو العمل في جيش أجنبي، أو لمصلحة دولة أو حكومة أجنبية، أو قبل وظيفة لدى حكومة أجنبية أو هيئة دولية وصدر التوجيه بتركها ولم يستجب، أو إذا حكم عليه بحدِّ شرعي أو بالسجن مدة تزيد عن سنة، أو صدر عليه حكم قضائي بثبوت قيامه بأي عمل يخل بالأمن في المملكة أو اشتراكه فيه، أو إذا ثبت أنه حاصل على الجنسية بناءً على أقوال كاذبة أو بطريق الغش أو الخطأ، أو التزوير في الشهود أو الوثائق أو المستندات أو البيانات التي قدمها.
* هناك من يسمون «البدون» أو مجهولي الهوية ما هو المطلوب منهم في الوقت الراهن لتعديل تواجدهم في المملكة بشكل صحيح؟
- أولاً لنتحدث بمنتهى الشفافية ومن منطلق كون المملكة العربية السعودية قبلة المسلمين، وقائدها خادم الحرمين الشريفين فهي تقدم يد العون والمساعدة لجميع أبناء الدول الإسلامية، وتهيئ الظروف المناسبة لتوفير الحياة الكريمة لهم دون تفرقة وفي جميع الأوقات، وبالنسبة لما ذكرت الإخوان الذي يطلق عليهم مصطلح «البدون»، تعلم أخي الكريم أنه لا يوجد من هو مجهول الهوية أو بدون، فلا بد أن يكون لديه وثائق جديدة أو قديمة للآباء والأجداد أيّا كان نوع هذه الوثائق، والتي تدل على البلد الذي كان يقيم فيه، وبالتالي فإنه وكما نصت عليه جميع الأوامر والقرارات والتعليمات ليتسنى معالجة موضوع هذه الفئة العزيزة لابد من تقديم أي نوع من الوثائق تكون منطلقاً لدراسة أوضاعهم، وإيجاد الحلول المناسبة التي تكفل إنهاء موضوع كل منهم وفق الأنظمة، علماً بأنه صدر عدد كبير من الأوامر السامية وقرارات مجلس الوزراء فيما يخص ذلك، واستفاد منها أعداد كبيرة من هؤلاء المقيمين ممن تنطبق عليهم الشروط المنصوص عليها، وتم تشكيل فريق عمل من القانونيين وأصحاب الخبرة لدراسة الحالات التي تردها واقتراح الحلول المناسبة والرفع عنها.
وما تم عمله من إجراءات هو في إطار الأنظمة والقرارات، والتي تماثل ما يتم في جميع دول العالم، حيث تُسن الأنظمة واللوائح لتحديد من يستحق شرف الجنسية للدولة بعيداً عن العواطف، ولا بد أن نعترف أن هناك مشكلة لدينا تتعلق بمجموعات كبيرة من الإخوة المقيمين ينتمون لعدد من الجنسيات، وتحتاج إلى تعاونهم وتقديم الوثائق اللازمة لدراسة أوضاعهم.
* نلاحظ في وكالة الأحوال المدنية إعادة الهيكلة ،وتطعيم الإدارات بالدماء الشابة منذُ توليكم منصب وكيل وزارة الداخلية للأحوال المدنية ما لهدف من ذلك؟
- يوجد لدينا ثروة نحتاج إلى استثمارها وهو الاستثمار الحقيقي يكون في العنصر البشري الوطني، وهو مقدم على جميع أنواع الاستثمار؛ فهي اليد القادرة على البناء والتطور والمحافظة على ما يتم بناؤه، وتحتاج إلى وضع خطة وبرامج لإعادة التأهيل وفق الاحتياج الفعلي، والتأكد من تناسب مخرجات التعليم والتدريب مع حاجة سوق العمل آخذاً مشاركة جميع الجهات المعنية.
وفي الأحوال المدنية تم إعادة هيكلة الإدارات وفق الإمكانيات المتاحة وبما يتناسب مع الحاجة، كما يتم التركيز على القيادات والتي نعتبرها العنصر الأساسي في التطوير، والتركيز على التدوير الوظيفي الذي يحقق المصلحة العامة بكل جوانبها، ولله الحمد تم تحقيق بعض الإنجازات والتي نطمح أن يكون سقف التطوير أعلى مما هو عليه وخاصة العناصر النسائية، ولله الحمد يفخر الوطن بأنه يوجد مثل هذه العناصر التي لديها ارتفاع في الحس الأمني، والقدرات العالية، والرغبة في التطوير إذا وجد التحفيز والتشجيع المناسب.