معنى الورد في اللغة: «ورد: ورد كل شجرها: نورها، وقد غلبت على نوع الحوجم .قال أبو حنيفة: الورد نور كل شجرة وزهر كل نبته، واحدته وردة، قال: والورد ببلاد العرب كثير، ريفية وبرية وجبلية، وورد الشجر: نور، ووردت الشجر إذا خرج نورها. الجوهري: الورد بالفتح، الذي يشم، الواحدة وردة، وبلوته قيل للأسد ورد، وللفرس ورد وهو بين الكميت والأشفر. ابن سيده: الورد لون أحمر يضرب إلى صفره حسنه في كل شيء، فرس ورد، فرس ورد، والجمع ورود ووراد.... قال الزجاج في قوله تعالى: {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ}: أي صارت كلون الورد، وقيل فكانت وردة كلون فرس وردة، والورد يتلون فيكون في الشتاء خلاف لونه في الصيف، أراد أنها تتلون من الفزع الأكبر كما تتلون الدهان المختلفة،......» (1).
« للورد أكثر من معنى مجانس ومطابق، أغلبها ل علاقة بالماء، فبفتح معناه: نور الشجر، وأنوار البساتين، وبكسرها: شرب الماء وطريقة منهله، والحيوان والطير الوارد . وإن عبر الورد عن الربيع والرواء فمجانسه المطابق (الورد) يفيد معنى العطش الحمى والهلاك، كان حضوره في التراث الإسلامي مع بقية النبات والزرع عبر الكتب الطبية مثل «القانون في الطب» لابن سيناء، و«الجامع في الأدوية» لابن البيطار الأندلسي، وكتب الزراعة مثل «الفلاحة النبطية» ترجمة ابن الوحشية النبطي (القرن الرابع الهجري) وكان حول الزراعة ببابل، وكتب النثر الجامعة مثل «نهاية الأرب في فنون الأدب» لشهاب الدين النويري وكتب أخرى لم تصل إلينا أقدمها كتاب «فضائل الورد على النرجس» لابن طيفور، وحسب علمنا كان من أوائل المهتمين المعاصرين بتراث الورد صلاح الدين المنجد في بحثه «الورد في حياة الخلفاء العباسيين» عام 1942م ثم عبود الشالجي فيبحثه الموجز «الورد» عام 1975م.
وفي الحياة استخدام وأمثال في الأدب والشعر لكلمة الورد، عرف الورد أيضاً بمجالس الخلفاء بعد ظهورالترف فيها، غير أنه كان معروفاً في الجاهلية، فوردة اسم أم صاحب المعلقة طرفة بن العبد وهو القائل:
صغر البنون ورهط وردة غيب
ما ينظرون بحق وردة فيكم
واسم ابنة أحد الطائيين، متيمة داود بن سعد التميمي، وله مع النعمان بن المنذر حكاية مثيرة حول وردة، «الفرج بعد الشدة» التنوخي، وهو القائل فيها:
مع الحب المبرح غير صاح
مع الحسناء وردة إن قلبي
أقارع نجم وردة بالقداح
وددت وكاتب الحسنات أني
ولا ندري، هل كانت تسمية وردة نسبة إلى الوردة الشجرة، أم الورد عيون الماء ؟ لأن ورد (بفتح الواو) كان اسم الشاعر الصعلوك عروة بن الورد، والشاعر الجاهلي عنترة بن شداد قصد الورد بألوانه وبهجته بقوله:
ومبهرج ومهرج وجلل
والورد بن مبهج ومفوح
كالزعفران وأبيض كالسنجل
يزهو بأحمر كالعقيق وأصفر
كما قصده الشاعر الجاهلي مقري الوحش بقوله:
نار على ماء الحياة لم تجمد
والورد يحكي بالغصون مجامراً
وفي عصر الإسلام ورد جناس الورد في القرآن في سورة هود: ( فأوردهم النار فبئس الورد المورود) وفي سورة الرحمن {فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} أي الورد الأحمر.
وشقائق النعمان تسمية وشكلاً من الورد والزهر الأكثر نصيباً في الأساطير، فلونه الأحمر القاني وظهوره بالبراري كرمه بأن يكون رمزاً للشهادة، وقيل سمي بهذا الاسم نسبة إلى النعمانيين ملوك الحيرة، أو نسبة إلى الدم، والنعمان هو أحد أسمائه، إلا أن المهتمين بالأسطورة قالوا: إن اسم النعمان وشقائقه مشتق من النعم (بكسر النون) ومن معانيها المخضوضر ومنها تشتق كلمة الناعمة أي الروضة أو الحديقة «فراس السواح، لغز عشتار»
وبالتالي للشقائق علاقة بمعنى النعمان الأخضر......»(2).
ومما قيل في الورد من الشعر قول العماد الأصفهاني:
قلت للورد ما لشوكك يدمي
كل ما قد سوته من جراح
قال لي هذه الرياحين جند
أنا سلطانها وشوكي سلاحي
وكان أبو دلف صادقاً في تشبيهه تقلب الورد بموسمية الورد:
ولا خير فيمن لا يدوم له عهد
أرى ودكم كالورد ليس بدائم
له زهرة تبقى إذا فنى الورد
وحبي لكم كالآس حسناً ونضرةً
يقول أبو تمام في قصيدته الشهيرة التي مطلعها:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب إلا للحبيب الأول
يقول فيها:
قتل الورد نفسه حسداً منك
وألقى دماه في وجنتيك
ويقول البحتري في قصيدته المعروفة التي مطلعها:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً
من الحسن حتى كاد أن يتكلما
وقد نبه النيوروز في غسق الدجى
أوائل ورد كن بالأمس نوما
يفتقها برد الندى فكأنما يبث
حديثاً كان قبله مكتما
ويقول شاعر العربية أبو الطيب المتنبي:
قد صدق الورد في الذي زعما
أنك صيرت نثره ديما
ويقول أبو فراس الحمداني في قصيدة «الورد في وجنتيه»:
الورد في وجنتيه
والسحر في مقلتيه
وإن عصاه لساني
فالقلب طوع يديه
يا ظالماً لست أدرري
أدعو له أم عليه
أنا إلى الله مما
دفعت منه إليه
واتفاق البشر على جمال الورد وروعته، لم يمنع ابن الرومي من هجائه بقوله:
يا مادح الورد لا تنفك عن غلط
ألست تنظره في كف ملتقطه
كأنه سرم بغل حين يخرجه
عند البراز وباقي الروث في وسطه
فرد عليه ابن المعتز:
غلطت والمرء قد يؤتى على غلطه
يا هاجي الورد لا حييت من رجل
إإذا تحلت يحاكي الوشي في نمطه
هل تنبت الأرض شيئاً من أزهارها
وطبيعة الأندلس الساحرة، وحدائقها الغناء بما فيها من الورود ذات الألوان الجميلة، والروائح الزكية ألهمت الشعراء الأندلسيين، يقول المعتضد بالله عباد بن محمد بن عباد:
كأنما ياسمينا الغض
كواكب في السماء تبيض
والطرق الحمر في جوانبه
كخد حسناء مسه عض
ويقول ابن حميدس في وصف النيلوفر:
ونيلوفر أوراقه مستديرة
تفتح فيما بينهن له زهر
كما اعترضت خضر التراس وبينها
عوامل أرماح أسنتها حمر
هو ابن بلادي كاغترابي اغترابه
كلانا عن الأوطان أزعجه الدهر
ويقول ابن رشيق القيرواني:
بنفسج جاءك في حين لا
حر يرى فيه ولا فرط يرد
كأنه لما أتينا به
منغمس الأثواب في اللازورد
وفي العصر الحديث لإيليا أبو ماضي قصيدة «بائعة الورد»، والتي مطلعها:
من الفرنسيس قيد العين صورتها
عذراء قد ملئت أجفانها حور
وفيها يقول:
ولو رأها تقي ظنها «عدنا»
وإن رأها شقي ظنها «سقرا»
وفيها:
فلو تمر قبول أطراقت خفراً
أذالت الورد قانيه وأصفره
وللشاعر محفوظ فرج إبراهيم ديوان بعنوان «الورد أنت»، يقول في قصيدة «وطني يا أرق نسمة عطر»:
ولقائي ما بين أحضان ورد
في بساتين من معينك تسقى
ويقول في قصيدة «أوردة الياسمين»:
كم دعوت الياسمين نحو جنوني
في بياض قد عانقته شموس
** ** **
(1)لسان العرب، ابن منظور، ج15
(2)الوردعند العرب «لغة وجمالاً»، على الشبكة العنكبوتية.
- ابتسام عبدالله البقمي
omfasil@hotmail.com ** ** @omfasil1