نجران - علي الربيعان:
تشتهر منطقة نجران بزراعة البُر - القمح - الذي يهتم بزراعته أهالي المنطقة منذ القدم ولايزالون على ذلك حتى الآن خاصة في مدينة نجران، والمحافظات التابعة لها خصوصًا في حبونا, وبدر الجنوب.
وتكمُن أهمية البُر النجراني لدى أهالي نجران كموروث شعبي, وكقيمة صحية وغذائية إذ يحتوي على الأحماض الدهنية الأساسية وفيتامينات B، وحمض الفوليك، وفيتامين E، والزنك والمغنيزيوم, والألياف الغذائية التي تؤدي إلى الارتفاع البطيء النسبي في مستوى السكر في الدم وتحرير القليل من الأنسولين.
ويدخل «البُر النجراني» في العديد من الأكلات الشعبية المشهورة بوصفه مكونا رئيسًا, مثل «الوفْد» الذي يخبر فيه البُر على شكل رغيف كبير, ثم يتم تفتيته وضغطه باليد حتى يتكوم بليونة مثل الكرة, ويوضع في آنية الخوص التي تسمى المطرح, ويأكل مع المرق أو اللبن, كما يدخل في أكلة «المرضوفة» التي غالباً تؤكل كوجبة إفطار, بحيث يشابه تقديمها عمل»الوفد» إلا أنها تحفر من الوسط ويُصبّ في الحفرة السمن ويوضع عليه حجر حار, ويدخل في صناعة «الرقش» الذي تقطع فيه أرغفة خبز البر إلى قطع صغيرة داخل آنية الحجر المشهورة بنجران التي تسمى «المدهن» ثم يصب عليها المرق, وقطع اللحم من فوقها جميعا.
ويبرز في نجران صناعة رغيف البُر الذي يصنع على الجمر مباشرة, ويطلق عليه الأهالي «القُرص» أو «القعنون» وفي أماكن مجاورة لنجران يطلق عليه «المجمّر», ويوضع من تحته الجمر بطريقة خاصة, ثم يوضع عليه من أعلى بدقة ومهارة, بعدها يُدفن برماد النار الحار, وبعد أن ينضج ينظف من الرماد وبقايا الجمر, ولا يزال أهالي نجران يتناولونه بشكل مستمر حتى الآن رغم انتشار الوجبات الحديثة والمتعددة.
وفي استطلاع في مزارع البر النجرانية وأماكن بيعه بالمنطقة, أوضح المزارع عوض حمد آل مستنير، أنّ جودة المحصول ترتكز على حراثة الأرض بشكل جيد وتركها أسبوعاً كاملاً بدون وضع الحبوب في التربة, وبعد ذلك تشميسها مدة كافية حرصاً على إزالة الأعشاب الضارة مع القيام بريّ الأرض بشكل جيد لضمان عدم ليونة حبوب القمح, لأن إهمال الري يؤدي لهشاشة حبات القمح، وتكون وقت الزراعة في فصل الشتاء, وجني المحصول في فصل الصيف, فيما يقوم المزارعون قديماً بنشيد الأهازيج التي تبعث روح الحماس والتفاؤل لموسم جيد.
وبين أن موسم حصاد البُر في نجران قديمًا يكون وقتاً سعيداً ومبهجاً يحضره جميع الجيران والأقارب, ويقوم صاحب المزرعة في نهاية يوم الحصاد بإعطاء كل المشاركين نصيبهم من الحصاد في عُرف وعادة متعارف عليها آنذاك.
ومن جانبه أفاد محمد بن عريج ، أحد أصحاب المحلات المتخصصة ببيع البر النجراني أن أنواع البر في نجران ثلاثة : السمرا، والصما، والزراعي, مبينًا أن طريقة البيع تكون بواسطة «المُد» الذي يساوي 3 كيلوات تقريباً, ويبلغ سعر «المُد» للسمرا (20 ) ريالاً، والزراعي (10) ريالات, مؤكداً أن حركة البيع مستمرة طوال العام، وتلقى رواجاً كبيراً من جميع فئات المجتمع.
أما المزارع حسن منصر آل همام، قال : لقد كان المزارعون في نجران يحرثون الأرض بواسطة الأبقار وينثرون الحبوب بشكل منظم في الأرض بكل عناية, مشيراً إلى أن محصوله لهذا العام هو من نوع بر «الصما» وباعه للمحال التجارية في ما يُقارب النصف ساعة بعد عمل مزايدة عليه من تجار السوق.