حائل - خاص بـ«الجزيرة»:
أظهرت دراسة علمية ميدانية عن «التفحيط بمنطقة حائل.. الدوافع وآليات المواجهة» قامت بها جامعة حائل بإشراف الباحث الرئيسي الأستاذ الدكتور عثمان العامر أن غالبية أفراد العينة 92.6% أشارت إلى أن هناك تقصيراً واضحاً فيما يرتبط بالجانب الدعوي في الإشارة إلى خطورة التفحيط وآثاره المدمرة على الفرد والمجتمع، وأن أكثر من نصف العينة بنسبة 56.9% أشارت إلى أن الجوال من أكثر وسائل الاتصال الحديثة التي تشجع الشباب على التفحيط، وذلك من خلال التوجيه وتحميل فيديوهات خاصة بالتفحيط، وأوضحت عينة الدراسة من المسؤولين أن التفحيط في منطقة حائل أصبح ظاهرة سرطانية لها أماكن معروفة ولها جمهور ومشجعون، بل ولها تاريخ متأصل في بنية مجتمع حائل، فيما كشفت الدراسة الميدانية عن انخفاض الرقابة الوالديّة، ونتيجة هذا الضعف في المتابعة والرقابة الأسرية تتزايد معدلات التفحيط بين الشباب، وكشفت نتائج الدراسة عن العلاقة بين التفحيط وتعاطي المخدرات، حيث أوضحت نسب مرتفعة بين أفراد العينة تعاطي المفحطين للمخدرات، ولا سيما قبل فترة من التفحيط، كي تمنحهم الجرأة والشجاعة على ممارسة بعض الحركات الاستعراضية الخطرة بالسيارة.
كذلك أوضحت عينة الدراسة تعاطي المفحطين للمسكرات، ونادت عينة الدراسة المسؤولين بضرورة تفعيل الدور التربوي للجامعة والمدرسة، في مواجهة خطورة التفحيط، وذلك من خلال تفعيل الأنشطة المدرسية الجامعية لتغيير السلوكيات الخاطئة وتشكيل وعي صحيح بخطورة الظاهرة، فيما ترى عينة الدراسة من الأسر أن غياب الأنشطة الترفيهية والرياضية والثقافية الموجهة للشباب في منطقة حائل هي السبب المباشر لتزايد حجم ظاهرة التفحيط، حيث يجد الشباب في التفحيط الوسيلة الأولى والوحيدة للتسلية وقضاء وقت الفراغ، ومن ثم تكون البداية الحقيقية بتفعيل دور كافة المؤسسات الحكومية والأهلية بمنطقة حائل المسؤولة بشكل مباشر عن الشباب، فيما ترى نسبة مرتفعة من أفراد عينة الدراسة أن من يمارس التفحيط يعاني من ضعف الوازع الديني، ومن ثم فهناك ارتباط بين ممارسة التفحيط وانخفاض الوازع الديني، ومن ثم فالوازع الديني عند المفحطين يعد منخفضاً.
وقد اعتمدت الدراسة على منهج المسح الاجتماعي بالعينة التي بلغت 900 شاب توزعت على ثلاث مراحل عمرية: المرحلة الثانوية، المرحلة الجامعية، الخريجون بمنطقة حائل.
وخرجت الدراسة العلمية الميدانية بمجموعة من التوصيات المهمة التي تحتاج إلى تفعيلها على أرض الواقع ومنها تصميم البرامج التثقيفية والتوعوية الموجهة خصيصاً للشباب في مراحل عمرية مبكرة (الابتدائي والمتوسط) من قبل الإدارة التعليمية بمنطقة حائل، وهو ما يتطلب معه تكوين فرق عمل بالمدارس بالتعاون مع جهات الاختصاص الأمنية والاجتماعية والصحية، وتفعيل الإجراءات العقابية الرادعة لمحترفي التفحيط باعتبارهم الموجهين الأساسيين للشباب، والقدوة التي يحتذون بها، فإذا ما تم ردع المفحط وعقابه الشديد، انعكس ذلك على اتجاهات الشباب نحو ممارسة التفحيط، على أن يستفاد من الإعلام المحلي لمنطقة حائل في نشر أخبار العقاب وتفاصيله، وتصميم برامج تربوية موجهة للأسرة السعودية، تستهدف تسليط الضوء على التحديات والمشكلات التي تواجه الأبناء وتفاوتها من مرحلة عمرية إلى أخرى، ومحددات ممارسة أدوارهم، هذا فضلاً عن إعادة تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة لدى الأبناء، وذلك من خلال شراكة حقيقية بين الجامعة والمدرسة والمؤسسات الأهلية المتوفرة في منطقة حائل، وبناء برامج وأنشطة طلابية بالجامعة والمدرسة تستهدف مواجهة خطورة التفحيط، على أن يراعى عند تصميم تلك البرامج إشراك الشباب في تصميمها ومن ثم تنفيذها حتى تتلاءم مع اتجاهاتهم وثقافتهم الفرعية.
ودعت الدراسة جامعة حائل إلى إنشاء مراكز متخصصة لدراسة مشكلات الشباب بمنطقة حائل، والتوصية بمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي للشباب بالمنطقة للتعرف على اتجاهاتهم نحو ظاهرة التفحيط، وطالبت بتخصيص ندوات دينية بالمساجد حول خطورة التفحيط وآثاره السلبية في الفرد والمجتمع معاً، وتخصيص ساحات للتفحيط خارج المدينة يتم اختيارها بعد دراسة علمية دقيقة تراعي احتياجات الشباب وسبل السلامة، على أن تكون تحت إشراف أكثر من جهة رسمية منها: رعاية الشباب وبالتحديد الاتحاد السعودي للسيارات، وجهاز الشرطة، هذا فضلاً عن أهمية دور المؤسسات الصحية، وإشراك كافة المؤسسات المعنية بالشباب في منطقة حائل في تنفيذ بعض الحلول غير التقليدية في مواجهة مشكلة التفحيط كالجمعيات الأهلية، والمدارس، والجامعة، والمؤسسات الرياضية، والاقتصادية، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشرطة المنطقة، والمرور، وجهاز السياحة، والشئون الاجتماعية. هذا فضلاً عن أمانة المنطقة، مع ضرورة التنسيق بين كافة الجهات الأمنية والقضائية والدعوية في تشكيل فرق عمل متكاملة للمتابعة المستمرة والفاعلة في القضاء على مشكلة التفحيط.
وأكدت الدراسة على ضرورة اتخاذ قرارات رادعة من قبل المؤسسات التي يعمل بها المفحطون الموقوفون وخاصة من ينتسب منهم إلى المؤسسات الأمنية والعسكرية، وتفعيل دور المجتمع الأهلي بكافة طوائفه ومؤسساته في التصدي لمشكلة التفحيط في إطار خطة إستراتيجية محددة وواضحة، وطرح مسابقات من قبل المؤسسات التعليمية والأمنية والقضائية وحتى الدعوية والتنفيذية، تتضمن رؤى الشباب والمسئولين وأفكارهم حول كيفية القضاء على ظاهرة التفحيط.