«الجزيرة» - منصور الدوس
ثمة نماذج حية ارتبطت سيرتها ومسيرتها الرياضية بالعطاء والأداء والإخلاص والتضحيات والولاء لكيانهم ولرياضة وطنهم فبقيت أسماؤها محفورة في الذاكرة وأخاديد الزمن الرياضي الجميل, غير أن مصائب الدهر ونوائب الابتلاء زارت ديارهم وصافحت أجسادهم وأصبحوا يعيشون أحوالاً صحية ومادية ونفسية قاسية, وأوضاعاً معيشية واجتماعية حالكة ينتظرون الفرج وفك الكرب من الله الواحد الصمد.
نجم الهلال المعروف وجوكره اللامع في حقبة التسعينيات الهجرية من القرن الفائت الخلوق جداً (عبدالله العمار) -شفاه الله- من النماذج الكبار بتاريخهم المشرف ممن تكالبت عليهم الأوضاع الصحية وداهمتهم الظروف المرضية بعد إصابته بجلطة قبل عدة أسابيع جعلته يلازم السرير الأبيض.. بقوة صبر, وإيمان تام بقضاء الله وقدره.. زرت النجم السابق الخلوق في بيته بحكم اهتماماتي بتاريخ الحركة الرياضية وبنجومها السابقين ومتابعة أحوالهم في الأفراح والأتراح.. ورغم معاناته المرضية وأحواله الصحية يقابل الجميع بابتسامته المعهودة وبشاشته المألوفة فاتحاً قلبه النقي وصفاء سريرته قبل بابه للجميع.. مرحباً بزواره وأحبابه من الرياضيين القدماء من مختلف الأندية من أبناء جيله, وغير الرياضيين حتى في ظل عجزه عن الحركة والنهوض لمصافحتهم والترحيب بهم في صورة تكشف وبجلاء القيم الأخلاقية العالية والشيم التربوية التي كانت تشكل أبرز سماته وخصائصه السلوكية عندما مثل زعيم الأندية في تلك الأيام الخوالي.
الكابتن عبدالله العمار.. وبشهادة التاريخ الهلالي كان من اللاعبين المثاليين الذين مثلوا النادي العاصمي الأزرق في مختلف مراحله السنية منذ عام 1390 هـ شبلاً مع النجم الكبير محسن بخيت وسمير سلطان وإبراهيم اليوسف وغازي سعيد ومحمد الخراشي, ثم درجة الشباب فالفريق الأول الذي مثله في خط الوسط الأيمن في سن مبكرة من عمره الرياضي وسط كوكبة من النجوم والأسماء الرنانة التي كان تعج بهم الخارطة الزرقاء في تلك الحقبة الفارطة أمثال بشير الغول وعبدالله بن عمر ومحمد الطعيمي وعبدالرحمن شمروخ وغازي سعيد وناجي عبدالمطلوب, وساهم مع هذه الأسماء الكبيرة في إعادة هلال التسعينات الهجرية إلى مسار البطولات ومنصات الذهب بعد غياب طويل دام أكثر من عشرة أعوام من وتحديداً منذ عام 1384هـ, غير أن رمز الهلال الراحل الأمير المستنير هذلول بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي كان يرأس النادي آنذاك نجح في صناعة فريق لا يعرف إلا لغة الألقاب الكبيرة, فقد تميز جوكر هلال التسعينيات (عبدالله العمار) بقدراته الفنية البارعة في خط الوسط وإخلاصه الكبير للشعار الأزرق فضلاً عن سلوكه الرياضي الرفيع داخل وخارج الملعب مما أكسبه علاقات اجتماعية واسعة في الوسطين الرياضي والإعلامي، وكسب أيضاً حب الجماهير الهلالية التي عاصرت نجوميته آنذاك.. ورموز النادي ومنهم الشيخ عبدالرحمن بن سعيد -رحمه الله-, فبعد سنوات امتدت لأكثر من عشرة أعوام قضاها في الملاعب الكروية توقف عن الركض لظروفه العلمية وكان من اللاعبين القلائل في رياضة الزمن الجميل الذين حافظوا على سجلهم الرياضي وتاريخهم الكروي, وبالتالي تركوا سمعه رياضية طيبة وسيرة رائعة ستظل محفورة في الذاكرة الهلالية بكل فخر واعنزاز.
النجم السابق الخلوق (العمار) يمر اليوم بظروف صحية ومتاعب جسدية جعلته أسيراً لسرير المرض بعد إن داهمته جلطة تسببت في إصابته في الجنب الأيسر وثقل في الحركة وهو يستعد بعد أيام الانتقال إلى مدينة الأمير سلطان للخدمات الإنسانية لتلقي العلاج الطبيعي وإعادة تأهيله.. لايحتاج منا إلا الدعاء.. ثم الدعاء.. ثم الدعاء, شفاك الله يا (أبا هذلول).. كم كنت ومازلت كبيراً بصبرك وعزمك وقوة إيمانك وشدة باسك تكسوا هذه القيم ابتسامة الرضا والاحتساب.. وإن شاء الله تعود إلى أبنائك وأحبابك.. سالماً ومعافى.. وأنت ترفل بثوب الصحة والاستقرار والراحة والاطمئنان.. والله المستعان.