«الجزيرة» - الاقتصاد:
لا يقتصر حب الأثرياء من عرب الخليج للمتاجر الراقية المتخصصة على الأزياء فحسب بل يمتد بشكل متزايد ليشمل المستشارين الماليين الذين يفضلون التعامل معهم.
فتلك المكاتب المتخصصة تبدو وقد خلقت خصيصا للمنطقة المعروفة بأهمية العلاقات الشخصية فيها وحيث معظم الدمج والاستحواذ ليس في صورة صفقات مبهرة بمليارات الدولارات لصناديق الثروة السيادية بل في شريحة الخمسين إلى المئة والخمسين مليون دولار التي لا تعبأ بها بنوك الاستثمار المهيمنة.
والسؤال في الخليج الحساس للاسم التجاري - حيث السيارات الرياضية الفاخرة سلعة شائعة وحيث منتجات فرساتشي هي الخيار النهائي لديكورات المنازل - هو ما إذا كانت الشركات المتخصصة قادرة على المنافسة مع بنوك الاستثمار ذات الشهرة العالمية.
يتساءل زياد عواد العضو المنتدب السابق في بنك أوف أمريكا ميريل لينش الذي أقام شركته الخاصة للاستشارات المتخصصة عواد كابيتال قبل عامين «هل تذهب إلى المطعم الصغير القريب أم إلى ماكدونالدز؟»
ويضيف «وما هي المقارنة الصحيحة - أيهما بمنزلة برادا؟» مقرا في ذات الوقت بأن عددا من العملاء مازالوا يفضلون العمل مع الأسماء الشهيرة لكن بعضهم بدأ يتجه إلى المشورة المتخصصة.
ويزيد عدد مثل تلك الشركات في الشرق الأوسط وتتركز في المناطق الحرة بدبي المركز المالي للمنطقة.
ووفقا لأرقام من مركز دبي المالي العالمي مركز الأنشطة المصرفية الرئيسي في الإمارة فقد تأسست ست شركات استشارات في 2015م مقابل سبعة في 2013م و2014م وأربعة في 2012م.
ومن بين تلك الشركات تراسبريدج أدفايزري التي يديرها سامر قاطرجي، ورودي ياريد، مصرفيا الاستثمار الكبيران السابقان في سيتي جروب وجيه بي مورجان على الترتيب.
ويشير الاثنان إلى تغير المشهد المصرفي على النحو الذي يجعل نوع العلاقات الشخصية التي يفضلها عملاء الشرق الأوسط أشد صعوبة.
وقال لرويترز، ياريد: «يطالب العميل بعلاقة مباشرة في كل جزء من الصفقة ولا يريد التعامل مع مدير الدمج والاستحواذ ومدير تمويل الشركات وعدد من صغار الموظفين».
«إنه ليس خطأ الأفراد بل خطأ نظام البنوك المفروض عليهم. الموهبة قد تتوافر لكن النموذج الذي يتحرك القطاع صوبه... لا يسمح بعلاقة عمل حقيقية».
العلاقات
وقد تؤدي العلاقات القوية مع الشركات العائلية إلى صفقات، وعلى سبيل المثال قدمت تراسبريدج المشورة لمجموعة نقل الأردنية المملوكة ملكية عائلية بشأن بيع حصة أقلية في فاين أحد أكبر منتجي المناديل الورقية في الشرق الأوسط إلى كونسورتيوم بقيادة ستاندرد تشاتررد للاستثمار المباشر مقابل 175 مليون دولار.
وقال قاطرجي: «قد يحبك العملاء وقد يثقون بك لكنهم لن يعطوك صفقة ما لم تكن مؤهلا. تلك شركات متوارثة أبا عن جد ولا يمكنها المخاطرة بمثل هذا النحو».
ورغم حجمها الضئيل مقارنة مع الصفقات التي قفزت بشركات الاستشارات المتخصصة إلى الواجهة في الغرب - مثل اختيار ألكاتيل لوسنت لشركة زاوي اند كو مستشارا حصريا لها في صفقة بيعها إلى نوكيا مقابل 15.6 مليار يورو (18 مليار دولار) - فقد كانت صفقة فاين كبيرة في منطقة مازالت قيم الصفقات فيها صغيرة بالمعايير العالمية.
وكثير من الصفقات من الصغر بحيث لا يتطلب الأمر مستشارين خارجيين.
ولهذا السبب توسع معظم شركات الاستشارات المتخصصة الخليجية نطاق مهاراتها ليشمل جوانب أخرى لمشورة الشركات بما يساعد في تحقيق دخل وفي نفس الوقت إقامة العلاقات من أجل صفقات جديدة في المستقبل.
ولمصادر الدخل الأخرى سواء مقدمات الرسوم للخدمات الاستشارية أوالدعم المقدم من مساهمين أغنياء أهميتها بسبب البطء الشديد لصفقات الدمج والاستحواذ في الشرق الأوسط واحتمالات فشلها بسبب التقييمات المبالغ فيها لأسعار الأصول من جانب البائعين.
تحد آخر تواجهه تلك الشركات هو المنافسة في الصفقات الصغيرة مع شركات المحاسبة «الأربعة الكبيرة» التي تستطيع أيضا التعويل على أعمال أخرى لتكملة نشاط الدمج والاستحواذ في حين مازالت بنوك الاستثمار تحتكر الصفقات الكبيرة.
وقال عمر اقتدارمدير الأنشطة المصرفية الاستثمارية للشرق الأوسط في سيتي جروب: «فيما يتعلق بالصفقات الكبيرة في الشرق الأوسط لا أعتقد أن المنطقة مستعدة لإعطاء تلك الصفقات للشركات المتخصصة بعد». مشيرا إلى مدى الخدمات التي تقدمها البنوك الكبيرة لمعالجة تعقيدات الصفقات العابرة للحدود.
ويضيف أن تلك الصفقات الكبيرة ليست هدفا لشركات الاستشارات المتخصصة بعد، لكن القدرة على العمل عبر الحدود تظل مهمة لمقدمي المشورة لأن العائلات الخليجية تسعى بشكل متزايد لإبرام صفقات دمج واستحواذ خارج المنطقة في الوقت الذي تتدفق فيه الاستثمارات المباشرة الأجنبية على نحوغير مسبوق.
وقال عواد، إن شركته أقامت علاقات مع شركات مماثلة في مناطق أخرى من العالم لتسهيل العمل عبر الحدود مستفيدة من نمو القطاع عالميا.
وفي ظل قيام الكثير من بنوك الاستثمار بتقليص الأعمال سواء على صعيد المنتجات أو الحضور الجغرافي بما يفتح الباب أمام من يملكون الخبرة والعلاقات فإن شركات الاستشارات المتخصصة في الشرق الأوسط قد تحظى في الأعوام المقبلة بالرواج الذي تحظى به العلامات التجارية للملابس التي يرتديها عملاؤها.