(لوس أنجلوس تايمز) - أمريكا:
قبل 70 عاما ألقت الولايات المتحدة أول وآخر قنابل نووية يتم استخدمها في الحرب على مدينتين يابانيتين فقتلت حوالي 200 ألف شخص وأنهت الحرب العالمية الثانية لتبدأ ذكرى صعبة ومؤلمة وجدل تاريخي مازال مستمرا حتى اليوم. الأسبوع الماضي دخل الرئيس الأمريكي باراك أوباما في هذا النقاش المضطرب عندما أعلن اعتزامه زيارة مدينة هيروشيما اليابانية إحدى المدينتين اللتين ضربتهما الولايات المتحدة بالقنبلة النووية خلال وجوده في اليابان لحضور قمة مجموعة الدول الصناعية السبع في وقت لاحق من الشهر الحالي. وسيكون أوباما أول رئيس أمريكي يزور المدينة.
وفور إعلان أوباما اعتزامه زيارة هيروشيما بدأ الخلاف حيث يقول معارضو الزيارة إنها ستمثل اعتذارا عن قرار الرئيس الأمريكي الراحل هاري ترومان عام 1945 بضرب مدينتي هيروشيما وناجازاكي بالقنبلة النووية. ورغم أن أوباما لن يعتذر صراحة خلال الزيارة فإن هؤلاء المعارضين يتساءلون عما إذا كانت هذه الزيارة ستكون إشارة إلى ندم أمريكا؟ أو إلى ضعف أمريكي؟ أو إلى غياب الإرادة؟ هذا التفكير نوع من الحماقة. فالرئيس له كل الحق في زيارة النصب التذكاري لضحايا القنبلة النووية في هيروشيما، حيث يقول مساعدوه إنه سيشدد على العلاقات القوية التي تربط بين أمريكا واليابان في الوقت الذي سيعيد فيه التأكيد على اقتناعه بضرورة إخلاء العالم من السلاح النووي. وبالتأكيد فإنه سيؤدي التحية كما يجب أن يحدث بالفعل للبشر الذين ماتوا في القصف النووي خاصة وأن الأغلبية الساحقة منهم كانوا مدنيين. وهذا ليس اعتذارا. إن الزيارة نوع من التواصل مع التاريخ وإدراك للتكلفة المأساوية للحرب والخسائر المروعة لأي مواجهة نووية. وهذا أمر مناسب تماما لعام 2016 حيث يعيش العالم حاليا أكثر من 20 صراعا مسلحا. الدمار الذي سببته القنبلتان النوويتان «الولد الصغير» و»الرجل البدين» كما أطلق عليهما الأمريكيون في ذلك الوقت أمر لا يمكن تخيله تقريبا. ورغم ذلك فإن هاتين القنبلتين بسيطتان جدا مقارنة بالأسلحة النووية الموجودة في ترسانة العالم اليوم. في عام 1961 اختبر الاتحاد السوفيتي قنبلة هيدروجينية في القطب الشمالي تصل قدرتها التدميرية إلى 50 ميجا طن أي ما يزيد عن 300 مثل القدرة التدميرية للقنبلة التي أسقطتها أمريكا على هيروشيما قبل ذلك الوقت بـ 16 عام. مثل هذه القنبلة الهيدروجينية يمكن أن تقتل ملايين البشر في لحظة واحدة. والآن يوجد في العالم 9 دول تمتلك أكثر من 15 ألف قنبلة نووية، وأغلبها أقوى بكثير من القنابل النووية التي كانت متاحة في نهاية الحرب العالمية الثانية.
ما يجب أن يركز عليه الرئيس الأمريكي وقادة العالم الآخرين اليوم هو القدرة التدميرية الشاملة للأسلحة النووية والحالة الهشة للسلام العالمي الآن، وليس على زيارة رمزية لنصب تذكاري. يجب التفكير في كوريا الشمالية وإيران والهند وباكستان التي تمتلك أسلحة نووية. والتفكير في خطر سقوط السلاح النووي «المفقود» منذ عهد الحرب الباردة في أيدي الإرهابيين. الخطر الإرهابي النووي مازال حقيقة قائمة. ربما يتواصل الجدل للأبد حول ما إذا كان إنهاء أمريكا للحرب العالمية الثانية مبررا كافيا لقتل الكثير من المدنيين باستخدام السلاح النووي. ولا يحتاج أوباما إلى الإجابة على هذه الأسئلة، وإنما يستطيع الرئيس الأمريكي بدلا من ذلك توجيه رسالته الواضحة التي تقول إنه إذا كان العالم يبحث عن السلام، فإن زيادة ترسانته النووية هو طريق خطأ للوصول إليه. أخيرا فإن أخطاء الماضي قد لا تتكرر بالضرورة إلا إذا رفضنا أن نتعلم منه.
- افتتاحية الصحيفة