برغم المبالغة في الحديث عن انتشار الأمراض النفسية في أوساط المختصين إلا أنه لا توجد إحصائية معينة لطبيعة المجتمع السعودي، للأمراض النفسية الأكثر انتشاراً، وإذا قسنا هذا الانتشار بناء على ازدياد مرتادي العيادات النفسية وطلب الاستشارات النفسية وبنظرة إيجابية فهذا يدل على مدى وعي الناس بالصحة النفسية والحرج من الذهاب للعيادات النفسية، إذ إن هناك صحوة نفسية جديدة بدأت بتغيير الصورة المشوهة للمرض النفسي، ولم يصبح هناك فرق بينه وبين المرض العضوي.. وهذا ما يطمئن النفس، ويوحي بأن الصورة السائدة لمفهوم المرض النفسي في طريقها للنور.
وبنظرة منطقية.. ليس كٌل من زار طبيب أو إخصائي نفسي يدخل قائمة هذا الانتشار من الأمراض النفسية وأن كل ما هناك مشكلات سلوكية استعصت الفرد ولجأ لطلب المساعدة من المختص ليحاول أن يكسبه بعض المهارات وتصحيح بعض الأفكار خلال الفترة العلاجية التي يراجعه فيها.
وبالرغم من أنه مازال هناك جزء كبير من الحرج، إلا أن هناك بالمقابل جزءاً كبيراً من الوعي في طلب العلاج النفسي والبحث عن أسباب العلاج والمساعدة.. ومن هنا نستطيع التنبؤ بمدى انتشار الأمراض النفسية مستقبلاً من عدمها إذ أن المبادرة بالعلاج في بداية المشكلة تختصر الكثير لتتماثل بالشفاء بشكل أسرع.. يمر المجتمع حالياً بفترة أصبح فيها الطب النفسي كغيرة من أنواع الطب العضوي والإحجام عن زيارة الطبيب النفسي والامتناع عن الذهاب لم يعد حلاً.
ومن جانب آخر هناك فئة ليست بقليلة تضع العراقيل تجاه من يفكر للذهاب إلى الطبيب النفسي؛ وترى أن هذا ضعف بالإيمان وابتعاد عن الله مما يزيد الضغط على المريض وقد ينتابه شعور بالذنب مما يزيد مشكلته.. وللأسف دائماً ما تبرز الصحف، وبشكل دائم حالات حرجة مثل الانتحار أو الاعتداء والقتل والجريمة وترجح أن يكون الفاعل مريض نفسي ومن وجهة نظري تكرار هذا الربط ينطبع في أذهان الناس وحشية المريض النفسي وصعوبة التعامل معه وفي حقيقة الأمر إن المريض النفسي لا يؤذي الآخرين أكثر مما يؤذي نفسه.. ومعظم الدراسات التي أجريت على المرضى النفسيين لم تثبت بأنهم أكثر ارتكاباً للجرائم مقارنةً بعامة الناس.
قدر عدد مراجعي أقسام الصحة النفسية بمستشفيات وزارة الصحة عام 1436هـ بـ»74.851» ألف مريض، وبلغ عدد المنومين في أقسام الصحة النفسية بمستشفيات وزارة الصحة عام 1436هـ «1352» مريضاً منوماً.
وأثبتت الدراسات العلمية حتى من الدول منخفضة الدخل أن المعالجة المنتظمة تخفض 50 % من النكسات بعد سنة من الانتظام في العلاج، مع نسبة تصل إلى 77 % دون نكسات وتتماثل للشفاء التام.
أخصائية نفسية - القصيم