** لبعض الزيارات عبق يبقى بالوجدان ويستقر بالذاكرة.
ذلك أنك تلتقي بأحبة تضيء المحبة قلوبهم، وتفيض السجايا على محياهم، وترتسم ابتسامات المودة على وجوههم.
من هذه الزيارات: زيارتي لإحدى محافظات وطني ((محافظة المذنب)) الجميلة بأخلاق أهلها قبل سموق معالم تنميتها.
ولم أستغرب ذلك فهي إحدى محافظات منطقتي العزيزة ((القصيم الأخضر)) وهي جارة محافظتي الوادعة ((عنيزة)) وهي بعد ذلك وقبله إحدى عرائس هذا الوطن الشامخ.
* * *
** كانت هذه الزيارة استجابة لدعوة الغرفة التجارية بالمذنب لإلقاء محاضرة عن ((الشباب والصعوبات)) والتي ألقيتها بمركز الأمير سلطان الحضاري بهذه المحافظة.. وقد رأيت هذا المركز معلماً ضخماً من معالم هذه المحافظة سواء بقاعة مدخله المبهرة وقبته الأخّاذة، وبصالة محاضراته المتميزة فضلاً عن بقية منشآته، وحُقّ لهذه المحافظة أن تفخر به.
وقد ابتهجت بذلك الحضور الجيد للمحاضرة الذي لا نجده بالمدن الكبرى، وقد تساوى الحضور بين كبار السن والمقام، وبين الشباب ذوي الطموح وكان لمداخلاتهم جميعاً الأثر الكبير في إثراء ما اجتهدت بعرضه وسرّني حضور أعزة ومثقفين من القصيم عامة من بريدة وعنيزة فضلاً عن حضور أمين عام غرفة القصيم أ. زياد المشيقح وبتعاون مقدر بين غرفة المذنب وغرفة القصيم.
* * *
** وكان من بركة هذه الزيارة تلك اللقاءات الممتعة مع عدد من أبناء ورجال هذه المحافظة الذين يخجِلونك بصادق محبتهم وناصع استقبالهم، وبشاشة وجوههم، فقلوبهم تشرع لك بواباتها قبل أن يشرعوا لك أبواب دورهم واستراحاتهم ولقد عرفت الكثير من أبناء المذنب زملاء فضلاء وأصدقاء أوفياء ومثقفين ومثقفات نبلاء وجيراناً أخياراً ورجال أعمال وطنيين باذلين. وبزيارتي هذه عرفت إخوة آخرين بكل شمائلهم المضيئة، وأحاديث مجالسهم الندية.
* * *
** أما المذنب وتنميتها فقد بهرتني بتطورها السريع خلال سنوات معدودة بعد آخر زيارة لي لها.
وهذا التطور لم يتوقف على المنجز الحكومي: إدارة ومباني وطرقاً وغيرها لكن ما شدني أكثر هو تعاضد الأهلي مع الحكومي بالرقي ((بالمذنب)) وتطويرها فللأهالي والقادرين أو بالأحرى بعضهم إسهامات خيرية وتنموية مشهودة سواء ما يتعلق بخدمة القرآن الكريم، ومساعدة المحتاجين وغيرها أو ما يتعلق بالعمل التنموي والحضاري ولعل أبرز شاهد على ذلك: مركز الأمير سلطان الحضاري الذي تم التبرع له بمبالغ كبيرة إضافة إلى مبلغ الخمسة ملايين التي تبرع بها الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - حتى أضحى هذا المركز أحد أبرز المشاهد الحضارية والثقافية بمنطقة القصيم.
* * *
** ومما لفت نظري وأبهجني ذلك الجامع الفخم الضخم على طريق الملك عبد العزيز وهو ليس جامعاً فقط ولكن أيضاً كمنبر تعليمي يسهم في تحفيظ أبناء المذنب القرآن الكريم، ونشر سماحة الإسلام من خلال كتاب الله الكريم وقد بناه الشيخ الفاضل صالح الحناكي عليه رحمة الله أحد رجال القصيم من محافظة ((الرس)) رجل الخير والكرم الذي لم يقتصر عطاؤه على محافظته بل امتد لغيرها.
* * *
** بقي أن أشير إلى أن ((المذنب)) تطمح إلى المزيد سواء من قبل الجانب الحكومي ومن القادرين من أهلها داخل المذنب وخارجها وخصوصاً أولئك الذين لم يكن لبعضهم مساهمات تذكر.
نحن الآن بالوطن نستشرف أن يساند القطاع الخاص القطاع العام بمشاركة فاعلة تستهدف تطوير الوطن بكافة أجزائه.
وهذه المحافظة والقصيم عامة موعودة بالمزيد من النماء وبخاصة أن من يقود إمارتها وتنميتها أمير فاضل منجز بعطائه متفانٍ بخدمته مضيء بأخلاقه وتعاونه هو الأمير ذو الخلق الكريم فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز.
* * *
** وبعد:
أدعو إلى المزيد من الحراك الثقافي بمنطقة القصيم وبالمملكة عامة فهو أحد سبل نشل الوعي للتماهي والتفاعل والمشاركة بالمنظومة التنموية، كما أدعو رجال الأعمال والغرف التجارية ببلادنا الذين عليهم رسالة ومسؤوليات نحو المجتمع الذي يتواجدون فيه بأي مدينة أو محافظة، ولا شك أن لبعضهم دوراً كبيراً بذلك لكن نريد ذلك من كل رجال الأعمال والغرف التجارية بمدن ومحافظات المملكة.
* * لقد ودعت المذنب منتصف إحدى الليالي الجميلة ولكن لم أودع محبة أهلها، وكرم خلالهم، وحبهم لمحافظتهم وتعاونهم فيما بينهم وفي تقديري هذا ما سيجعل ((المذنب)) تتطور وتسمق في تنميتها وحضورها على مستوى الوطن.