سعدت بقرار إنشاء هيئة الثقافة وتمنيت لو تكن هيئة مستقلة بذاتها لسبب هو أن تدفع عجلة الثقافة وتحقق أمنياتنا كمثقفين ، ولن أطلب الدفع كثيرا لكن أطلب دفعا قليلا وهو أن تلتفت هذه الهيئة إلى المشاريع المدينة الثقافية فسابقا كانت ترمى المشاريع الثقافية على الشؤون الاجتماعية وبيرقراطيتها وموظفوها المتقادمين وتموت هناك ، لذلك لم أذهب إليهم عندما أسست مشروعي ( مقهى مدى الثقافي ) بالخبر عام 2012م ، فقد أرسلته مذكرته التفصيلية إلى وزير الثقافة والإعلام في ذلك العام عبدالعزيز خوجة ولم يأتني أي رد منه ولا من الوزارة لا بالرفض ،ولا بالقبول ولا بالاستحسان ، ولا بالاستهجان ، ولا بالتقدير ، ولا بالتعجب ،ولا بالشفقة علي من مشروع ثقافي لن يدعمه أحد ، وكانوا الأصدقاء يسألونني هل لديك ترخيص فكنت أجيب : أرسلت إلى وزير الإعلام ولم يجب !ولكن السكوت في تراثنا الشعبي علامة الرضا ،واستمريت في أنشطتي الثقافية ( الشعر – القصة – الرواية – الترجمة الأدبية ) حتى أوقفت أنا المقهى لأسباب خاصة بي منها عدم وجود المواصلات. وأعود إلى المشاريع الثقافية مثل أندية ومراكز القراءة التي تعثرت ، وتمر بي صديقتي الكاتبة التي أسست ناديا للطفل بالظهران قبل عامين والذي يهدف إلى تعزيز ثقافة القراءة لدى الأطفال لم تجد جهة تستقبل مشروعها ومنها وزارة الثقافة والإعلام ، لينهار مشروعها النوعي والذي كان يقدم للطفل القيم الحضارية والإنسانية والجمالية ومنها احترام الآخر .
وتلاحقني الأفكار والبرامج الثقافية فعندما أزور المدارس تبهجني الطالبات الواعدات بأفكارهن الثقافية التجديدية لمشاريع ثقافية كفرق مسرحية ، أو أندية قراءة ، أو مراكز فنية للتصوير والفنون البصرية أو المكياج المسرحي ، ويطرحن السؤال الذي يدمي قلبي : من يتبنى مشاريعنا ؟ أي جهة نخاطب ؟ ، المشكلة ليست في ذلك ، ولكن في الجهة التي سيحول إليها فكرة المشروع ، وعادة تكون من التعليم ، ويتم تحديد ( حرمة ) من الـتعليم ، لا تعرف كلمة ثقافة ، ولم تقرأ من الكتب إلا كتب الطبخ ،إن هذه المشاريع الثقافية الربحية هي التي يحتاجها مجتمعنا لينمو سوياً ،وحضاريا وإنسانيا وجماليا ، كما أن هذه المشاريع ستفتح أبوابا للاستثمار عبرالثقافة ، لذا أتمنى أمنية صغيرة أن يكون في لوائح هيئة الثقافة الجديدة بندا بعنوان دعم المشاريع الثقافية الصغيرة ، وإضافة كلمة الجديدة أي ذات الفكر التجديدي حتى لا تربك أفكار المبدعين من المثقفين موظفي الهيئة المتقادمين ،فيرفضونها جملة وتفصيلا لعدم فهمهم لها، ولأنها خرجت عن المألوف المعتاد والذي سطر بالآلة الكاتبة ذات يوم ولازال يمارسون الوفاء بحقه ، لذلك لابد أن يكون في هيئة الثقافة من المثقفين الـشباب من الجنسين ، أصحاب الفكر الرقمي المتسارع ، والأفكار الجديدة لبث أضواء الثقافة في المجتمع بوسائل عصرية ، الشباب الذين لا ترتعش أيديهم عندما يمسكون بالجوالات الذكية وهم يحملون تطبيق برنامج ثقافي جديد أو كتاب إلكتروني ، أو يقومون بمونتاج لقصائدهم وفنونهم ، ولا يخافون من الآخر الذي يتواصلون معه بعلم وفكر وثقافة شاسعة .
وبعد اعتقد اليوم بداية جديدة ،وعهـد جديد نحو تنظيم الثقافة والفنون في بلادنا ، لأنها وحدها الثقافة بروافدها الفنية والموسيقية والمسرحية سوف تأنسن وتهذب أفراد المجتمع لتتلاشى الوحشية والهمجية والعنف وإيذاء خلق الله وكائناته والتي نراها عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيقشعر منها البدن ،كما سيتلاشى الفكر المتطرف الذي يقتل الحياة ، وهنا سوف يصافحنا العالم بمحبة واحترام.
تركية العمري - الدمام - كاتبة ومترجمة سعودية
www.turkeyahalamry.com