ولعل نظرتنا للأسرة ينبغي أن ينبذ السلطة الذكورية و السلطة المجتمعية عليها لكنها أيضًا لا يمكن أن تفقد مكانتها كأساس للمجتمع ككل، وهذا ما جعل دوركايمر يعيد إشكال الانتحار عند الإنسان إلى فقده للجماعة، فالذي لديه انتماء اجتماعي كثيرًا ما يرفض الانتحار لوجود من يريده و يفخر بانتمائه إليه، ووصل إلى هذا الرأي بعدما رفض من يعتبر سبب الانتحار هو الجهل أو الفقر بل جعل السبب سببًا جماعيًا و اجتماعيًا.
و قد يكون السبب في وصول هذا الكم الهائل من النقد للمسلسل لكونه نَقَد السياسي و جعله ألعوبة بيد تجار المخدرات، و لم يفلح السياسي أبدًا في هذا المسلسل بل إنه قد قُتل العديد من الضباط المنتسبين لمكافحة المخدرات، و لم يكن الرادع الأساس لمحاولة ترك تجارة المخدرات و إنتاجها عند (والتر وايت) سياسي بل كان رادعا ذاتيا يعتمد على الانتماء للأسرة التي أحبها و ضحى لأجلها، لكن تضحيته باءت بالفشل بسبب السياسي الذي تدخل في آخر الأمر و أحاله إلى القضاء.
من الممكن جدًا أن تكون الأسرة مجالًا رحبًا للفردانية الليبرالية إذا اعتمدت على حرية الرأي لفردها وعدم محاولة إخضاعه لقوانينها المستمدة من النواة الكبرى/المجتمع، وبذا فإنها تضحي دافعةً للإنسان/الفرد بالانتماء إليها لا التخلص من سلطتها،
وهذا قد يتقاطع مع الفسلفة النفعية الجماعية التي تعطي الحق الأكبر للمجتمع باعتباره المجال الذي يعيش فيه هذا الفرد، وهو ما قامت عليه فلسفة جون ستيورت مل التي حاججت في أهمية المجتمع و الأسرة باعتبارها أحد مكونات المجتمع لحياة الفرد، فالفرد مرهونٌ بالمجتمع، فلا يمكن له العيش بدون هذا المجتمع المنتمي إليه، و بالتالي فهو مُلزم بما يَلزم هذا المجتمع عبر سكّ قوانين يتفق عليها المجتمع ليعيش الإنسان في هناء.
و لم تكن الأديان بمنأى عن هذا الاهتمام بالأسرة و المجتمع لاستيعابها هذه المكانة الكبرى لإنتاج الفرد، بل إن الأديان في مجملها تنحى نحو الفلسفة النفعية الجماعية أكثر من كونها فردانية و ذلك لاستحضارها العلاقة البنيوية بين أفراد المجتمع
وقوانينهم الدينية/الشرعية.
فهل من الممكن أن نعتبر هذا المسلسل نقدًا مواجهًا لفلسفة الحداثة و النيوليبرالية التي أعلتْ من الفردانية على حساب الجماعية ؟!
و هل من الممكن أن ننسب هذا المسلسل إلى مابعد الحداثة باعتبار نقده للحداثة و باعتبار الإبداع الفني التشتيتي الذي قام عليه الإخراج و التصوير ؟!
الجواب هو: ربما.
صالح بن سالم - محاضر بجامعة سطام بن عبدالعزيز