«الجزيرة» - الاقتصاد:
«لقد انتظرنا سنوات قبل أن نتخذ القرار الشجاع بإطلاق منتدى المرأة في التمويل الإسلامي والأخلاقي رسمياً»، كما تتذكر الاستشارية سامينا أكرم. «وعندما حان الوقت في النهاية لم يعد هناك مجال للسؤال، وقد كان على الكلمة الرئيسية لدى افتتاح المؤتمر أن تكون حول السيدة خديجة أم المؤمنين».
وتضيف سامينا: «كان من الملهم جداً الاستماع الى الشيخ نظام يعقوبي، يتحدث عن امرأة أثّرت في حياتي بأوجه متعدّدة. ولقد كان من المثير أيضا أن نتعرف على كيف أنّ بعض المداولات التي نستخدمها في يومنا الحاضر في قطاع التمويل الإسلامي يمكن العودة بجذورها إلى هذه المرأة الرمز الملهمة».
وقد أظهر الشيخ نظام يعقوبي، كيف أنّ السيدة خديجة كانت تلجأ إلى عقد المضاربة لإدارة أعمالها في مرحلة ما قبل الإسلام، والمضاربة هي عقد شراكة مستند إلى العدالة، وهو في جوهره عقد شراكة في الأرباح، ويسهم مانح رأس المال بماله (ربّ المال) بينما يؤمّن الآخر (المضارب) المواهب اللازمة لإدارة رأس المال وفقاً للعقد.
جدير بالذكر أنه كان من عادة قبيلة قريش المكّية، أن ترسل قافلة كبيرة جداً كلّ صيف وشتاء إلى البلدان المجاورة لبيع السلع وشراء أخرى لإحضارها إلى مكة، وقد وظفت السيدة خديجة -رضي الله عنها- النبي محمّداً -صلى الله عليه وسلم- كمضارب لهذا الغرض، وأثبت الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- مهارات عالية في إدارة هذا العقد، وكان يعود من الرحلة مضاعفاً أرباحها.
من المؤكد لدى الجميع أن السيدة خديجة -رضي الله عنها- أدّت دوراً هاماً من خلال ثروتها في دعم قضية النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ورسالته، والتاريخ الإسلامي يوثّق أسس الدين المستمدة من ثروة امرأة بحسب موقع سلام.
يلاحظ في السيدة خديجة -رضي الله عنها- ليس فقط السموّ الكبير الذي وصلت إليه كسيدة أعمال في مجتمع يهيمن عليه الذكور، لكن أيضاً شغفها بالأعمال الخيرية، حيث كانت سيّدة كريمة جداً، وقد تعهّدت بمساعدة الفقراء والمعوزين والمهمّشين والضعفاء، وكان لديها حبّ خاص للأيتام والأرامل.
تقول سامينا التي عملت لدى بنك ميريل لينش الامريكي: «لدي إيمان عميق بأهمية إظهار الأدوار الاستثنائية التي قامت بها السيدة خديجة وغيرها ممّن يشكلون مثالاً أعلى في قطاع لا يزال يضع عراقيل عدة، وعلينا تجاوزها لتشجيع عدد أكبر من النساء للوصول إلى مراكز قيادية عليا».
إن الأشخاص الذين يشكلون مثالاً أعلى هم أيضاً قادة ومحرّكون للتغيير. وإن النبي المبارك -صلى الله عليه وسلم- لم يجد حرجاً من وجود امرأة قوية ونافذة ومستقلة، لقد كانت نساء ذلك الزمان فاعلات جداً، بفرديتهن في المجتمع والأعمال والتربية كما في المنزل.