قبل فترة اختُتم بنجاح مهرجان ربيع الرياض الثاني عشر لعام 1437هـ، والذي نظمته أمانة منطقة الرياض، والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض في حي البجيري بالدرعية. حيث تم من خلاله إقامة العديد من الفعاليات والأنشطة والمعارض المصاحبة لهذا المهرجان. وبمشاركة الجهات ذات العلاقة والممثلة في الجهات الحكومية، والجامعات، وقطاعات التعليم، وبمشاركة أيضا من القطاع الخاص عبر الشركات والمؤسسات المتخصصة في مجال الزهور، ونباتات الزينة، ومحلات بيع الزهور.
ولعل من أبرز الشواهد التي صاحبت هذا المهرجان المميز، هي إتاحة الفرصة لمشاركة الأسر المنتجة ضمن الفعاليات والأنشطة، كبادرة تشجيعية ووسيلة دعم لهذه الأسر، مما مكنها من إبراز مواهبها الحرفية وتحقيق المكاسب المادية من تلك الأعمال، وعلى سبيل المثال قامت بعض الأسر بمشاركة أفراد أسرتها، وبمختلف فئاتهم العمرية، واختلاف أدوارهم، في تقديم العديد من الأكلات الشعبية، والحرف اليدوية، والملابس الجاهزة، والتي تم إعدادها بأيدي هذه الأسر، ومن ثم عرضها في هذا المهرجان.
ويأتي هذا الدعم المباشر من قبل أمانة منطقة الرياض، وبتوجيهات كريمة من صاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض، ليساهم في خلق بيئة آمنة للأسر المنتجة، وإتاحة الفرصة لهم لتقديم أعمالهم، وتذليل العقبات التي قد تواجههم.
ولا شك أن هذا الدعم ما هو إلا تأكيد لأهمية دور الفرد والأسرة في المجتمع، بما ينعكس في تحقيق العديد من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية بمشيئة الله.
ولضمان استمرار هذا العمل الاجتماعي، أقترح أن يتم تخصيص أماكن دائمة للأسر المنتجة في ساحات البلدية والحدائق العامة، وبعض الأسواق التجارية على مدار العام، تحت مظلة جهة مستقلة وميزانية منفصلة، وذلك بالتنسيق مع وزارة العمل والتنمية الإجتماعية والأمانات.
ومن خلال اطلاعي على العديد من التجارب المعمول بها في الدول الأخرى، فإني أرى أنه في حال تم توفير تلك المتطلبات، أن ذلك سيحقق العديد من الفوائد الإيجابية بمشيئة الله، من أهمها: تحويل الأسرة من أسر مستهلكة إلى أسر منتجة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي عبر توفير مورد دخل دائم للأسرة، إضافة إلى غرس الانتماء للوطن، وتوفير فرص عمل للمرأة واستقطابها في سوق العمل، وتشجيع أفراد الأسرة على الادخار والاستثمار في المشروعات الصغيرة، وخفض معدل البطالة في المجتمع، وبخاصة بين فئات المطلقات والأرامل.
ويجب أن يسبق تطبيق هذا المقترح، نشر الوعي بين أفراد المجتمع في أهمية دور الأسر المنتجة، وغرس مفهوم الاعتماد على النفس، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وهذا الأمر من مهام وزارة التعليم من خلال إدراج مناهج تبث روح العمل والإنتاج والابتكار والمبادرة في نفوس الطلاب، لتحفيزها على خلق فرص تسهم في تقدم مجتمعها، إلى جانب أهمية تغيير النظرة السائدة عن بعض المهن، وخلق روح الإنتاج والالتزام والعمل الجماعي وتحمل المسؤولية والبحث والإبداع، وتقليل الاعتماد على الدولة في كافة شؤون الحياة. ويعد هذا التوجه أحد المبادرات السائدة في العديد من الدول المتقدمة حضارياً واقتصادياً، وهذا ما نراه ولله الحمد، من خلال توجهات ورؤى المملكة الرامية إلى تحقيق الرفاهية والعيش الكريم لكافة مواطنيها بمختلف فئاتهم.