لندن - وكالات:
تغوص التحقيقات التي تجريها هيئة رقابية حكومية أمريكية حول الفساد في تقديم المساعدات عبر الحدود التركية السورية في أعماق أكبر مما كان متوقعاً وتكشف عن تورط عدد أكبر من المنظمات غير الحكومية في فساد التعاقد من الباطن والاحتيال في المشتريات خلال إرسال الإغاثة عبر الحدود إلى السوريين.
وأعلنت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أخيرا أنها طلبت من بعض المنظمات غير الحكومية التي ترسل المساعدات من تركيا إلى سوريا وقف جزء من عملها. وتأتي هذه الخطوة في أعقاب تحقيق يجريه مكتب المفتش العام الذي وجد شبكة من الموردين التجاريين وموظفي المنظمات غير الحكومية وغيرهم ممن تواطأ «للانخراط في تزوير المناقصات ومخططات متعددة للرشوة والعمولات غير المشروعة تتعلق بعقود إيصال المساعدات الإنسانية داخل سوريا».
وعلى الرغم من أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ترفض التعليق على حالات محددة، فقد كشفت المقابلات التي أجرتها شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن التحقيقات قد أثبتت تورط العديد من المنظمات الرئيسية، بما في ذلك الهيئة الطبية الدولية (IMC) ولجنة الإنقاذ الدولية (IRC) والمنظمة غير الحكومية الأيرلندية (GOAL)، وأن تلك المنظمات عوقبت بتعليق التمويل جزئياً على الأقل.
ويسمح قرار مجلس الأمن رقم 2165 الصادر في يوليو 2014 صراحة لوكالات الأمم المتحدة بتقديم المساعدات عبر الحدود السورية الدولية. مع ذلك، فإن المنظمات غير الحكومية الدولية تقوم بإيصال المعونات بهذه الطريقة منذ عام 2012 على الأقل.
ويتم تسليم معظم المساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة داخل سوريا عبر الحدود مع تركيا والأردن، وأحياناً لبنان. ولا تقل قيمة المساعدات الرسمية المقدمة عبر الحدود من الجهات المانحة الرئيسية عن 500 مليون دولار سنوياً.
ومنذ مارس 2015، وفقاً لمقابلات شبكة الأنباء الإنسانية وتقرير مكتب المفتش العام نفسه الذي نُشر في شهر مارس من هذا العام، كشف جزء من التحقيق عن «ضعف نظامي من جانب الجهة المنفذة لعمليات الشراء والتخزين والمناولة والنقل وتوزيع الأدوية والمستلزمات الطبية المشتراة للاستخدام في سوريا».
وجاء في تقرير مكتب المفتش العام أيضاً أنه تبين أن بعض الشركات والأفراد «قد انتهكوا قوانين مكافحة الاحتكار الفيدرالية أو التابعة لبعض الولايات عن طريق التواطؤ مع بعضهم البعض من أجل الفوز بعطاء لتوفير إمدادات للنازحين».
علاوة على ذلك، كانت هناك مشاكل مع أحد البائعين الذي حقق مكاسب مالية عن طريق التلاعب في محتويات طرود المساعدات المتجهة إلى سوريا.
ويوضح هذا التقرير والمقابلات التي أجرتها شبكة الأنباء الإنسانية بنفسها مع المسؤولين في الجهات المانحة وموظفي المنظمات غير الحكومية والمحللين، الذين أصروا جميعاً تقريباً على عدم الكشف عن هوياتهم.