في يوم الجمعة 26 من ربيع الآخر 1437هـ, الموافق 2 فبراير 2016م, فقد الوطن أحد رجالاته ومسؤوليه الذين سطروا تاريخاً مشرفاً في خدمة دينهم ومليكهم, ذلكم هو صاحب المعالي فضيلة الشيخ/ محمد بن عبدالله بن عوده السعوي, الرئيس العام لتعليم البنات - سابقاً - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
معالي الشيخ.. يحتاج أن يُكتب عنه كتاب بل كُتب لأن سيرته العطرة مليئة بكنوز من الصفات والخصال الحميدة التي يتحلى بها معاليه - رحمه الله - بالإضافة إلى خدماته المشرفة في مرفقي القضاء والتعليم.
فصفاته الشخصية - معروفة لدى الكثيرين - إن تحدثت عن تواضعه, أو كرمه, أو نبل أخلاقه, أو زهده, أو حكمته, أو قدرته على المعايشة بين الأصالة وبين الحضارة, فلديه القدرة الفائقة من التوازن ما يجعله متعايشاً مع أساليب العصر الحديثة, وفي نفس الوقت المحافظة على قيم الدين والعقيدة.
لم أسمع - قط - أنه يوماً أغضب مسؤولاً في الرئاسة العامة لتعليم البنات, بل كان يعاملنا مثل أبنائه وإخوانه, لا يمكن أن تتوقع من معاليه إلا الكلمة الطيبة لا ضعفاً منه - رحمه الله - بل كانت حكمة ورقياً في التعامل..
وأما الجرأة في اتخاذ القرار، والشجاعة في الرأي، ودعم العاملين معه, فلي معه - رحمه الله - عدة شواهد أذكر منها: أنه في أول مقابلة لي مع معاليه في بداية عام 1404هـ, حينما تفضل عليّ ورشحني مديراً عاماً لتعليم البنات في منطقة تبوك, فقد طلبت منه بعد الاستخارة والاستشارة دعم الإدارة ببعض الموظفين, وأصدر قراره الفوري من مكتبه بدعمي بالعدد والأسماء التي حددتُها، كانت هذه أول خطوة أعطتني الحماسَ للعمل مديراً لتعليم البنات بمنطقة تبوك، ولما تسلمتُ العمل في الإدارة,استأذنتهُ في الانتقال إلى أحد المباني الحكومية - الجديدة - فوافق دعماً للإدارة لكي تمارس أعمالها المناطة بها, خصوصاً أنها إدارة جديدة, بعد انفصالها عن إدارة تعليم البنات بمنطقة المدينة المنورة، كما أنه ولرغبتي في المتابعة الميدانية للمدارس رأيت أنه من الضروري القيام بزيارات تفقدية للمدارس, فاتصلتُ بمعاليه وعرضت عليه مشروع الزيارات التفقدية للمدارس بعد انصراف جميع الطالبات والمعلمات والموظفات, بعد صلاة العصر لكن بحضور المديرة ومحرمها, والحارس وزوجته, ورؤساء الأقسام, فقال لي بالحرف الواحد: «يا ليت كلٍ يسوي مثلك» فاستعنت بالله - سبحانه وتعالى - وبدأت هذا المشروع التفقدي للمدارس بكل تأكيد بعد مباركة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز - رحمه الله - أمير منطقة تبوك آنذاك في يوم الاثنين الموافق 30 / 6 / 1407هـ, ومن مواقفه أنه قام - رحمه الله - بزيارة تفقدية مع كبار المسؤولين في الرئاسة لإدارة تعليم البنات بمنطقة تبوك, وبعض المدارس في مدينة تبوك, وفي ضبا, وفي البدع, واطلع خلالها على نماذج من المدارس من مختلف المستويات, وكان انطباع معاليه ولله الحمد ممتازاً, وقد وجه رحمة الله عليه بتوجيهاتٍ تدعم مشاريع الإدارة وبرامجها التعليمية والتطويرية. هذا جزءٌ من مواقفه الداعمة للتعليم في منطقة تبوك, والتي أفخر بها شخصياً والأسرة التعليمية هناك.
رحم الله معالي الشيخ محمد بن عبدالله بن عوده السعوي, وأسكنه فسيح جناته, والحمد لله أنه خلف وراءه من يحمل اسمه ويحافظ عليه..
د. محمد بن راشد - «رئيس مركز الدكتور محمد بن راشد الهزاني للاستشارات الشرعية والقانونية والمحاماة» - مستشار - سابقاً - بالديوان الملكي