«الجزيرة» - سلطان الحارثي:
أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمره الكريم بتحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى هيئة عامة للرياضة يكون رئيسها الأمير عبدالله بن مساعد وتتكون من مجلس إدارة، وبهذا التحول سوف تغيير معالم الرياضة السعودية حسب وصف المتخصصين والمطلعين والقريبين من الشأن الرياضي، بل أشار البعض إلى أن خصخصة القطاع الرياضي التي كانت مطلبًا لمعظم الرياضيين أصبحت قريبة جدًا بعد هذا التحول الذي بالتأكيد سيصب في مصلحة القطاع الرياضي، فبعد تحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى هيئة عامة تختص بالرياضة أصبحت بإمكانها الاعتماد على نفسها في كافة الجوانب، وهذا ما سوف ينقلها إلى مرحلة جديدة.
«الجزيرة» ناقشت هذا الموضوع مع عدد من المختصين والمطلعين فخرجت بهذه الآراء التي نستطيع أن نقول: إنها ستساعد المسؤولين على التقدم للأمام.
الأمل في عبدالله بن مساعد ليقود برنامجًا تحديثيًا وتأسيسيًا
في البداية أكَّد الكاتب الرياضي المخضرم تركي الناصر السديري بأن الرياضة في المملكة العربية السعودية سعدت بالقرار التاريخي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بإنشاء الهيئة العامة للرياضة، معتبرًا ذلك نقلة تاريخية تمس البنية التنظيمية الإدارية للمؤسسة الرياضية السعودية، حيث تعطيها وتكسبها فضاء تنظيميًا مرنًا ومتكيفًا ومواكبًا مع بنية العمل الرياضي، وهذه الاستقلالية تحتاج إلى تكييف جديد لوضع جديد من أجل عمل جديد لعله يحقق نهضة رياضية سعودية منشودة».
وتابع: «هذه النقلة (تأسيس الهيئة العامة للرياضة) تحتاج إلى تجديد في بنية الهيكل التنظيمي الإداري في المؤسسة الرياضية الجديدة، ولذلك يجب ألا يكون التغيير شكليًا، بمعنى ما كان هو ما سيكون، وإن كانت هذه الهيئة ستقوم على إرث وركام الرئاسة العامة لرعاية الشباب بهياكلها الإدارية وكوادرها وعقلياتها ونواميسها، فالتغيير سيكون شكليًا فقط، وهذا لن ينفع ولن يعين ولن يكون فيه جديد، ولذلك أتمنى أن يواكب هذه النقلة تغيير نوعي في بنية الأنظمة والكوادر والوسائل والفكر والخطط والأهداف للرياضة السعودية حتى ولو جبت ما قبلها، هذا إن أردنا فعلاً أن ننتقل إلى مرحلة نوعية ومأمولة».
وأشار السديري إلى أن الأمل في سمو الأمير عبدالله بن مساعد رئيس الهيئة العامة للرياضة كبير، وقال: «نحن نأمل في الأمير عبدالله بن مساعد ليقود برنامجًا تحديثيًا وتأسيسيًا جديدًا لهذه الهيئة حتى وإن بدأ من الصفر، فبلادنا مملوءة بالكفاءات والقدرات المتخصصة في مجالات العمل الرياضي، وهي تحتاج فقط للفرصة ليستعان بها، وليكن معيارنا في الاختيار وبشكل دائم هو المعيار العلمي التخصصي».
الرئاسة كانت مكبلة والتخلص من البيروقراطية مطلب للتقدم
من جهته، أشار الدكتور حافظ المدلج عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم السابق إلى أن تغيير مسمى الرئاسة العامة لرعاية الشباب لهيئة عامة للرياضة جاء في محله وقد طال انتظاره، وقال: «نحن في السابق كنا نطالب بتغيير الرئاسة لوزارة، ولكن الأمير عبدالله بن مساعد كان أكثر حرصًا على تغييرها إلى هيئة، والمعروف أن الهيئة تتمتع بمرونة مالية وإدارية أكثر من الوزارة والرئاسة».
وأضاف: «الوزارة كانت ميزتها المشاركة في مجلس الوزراء ووصول صوت الشباب والرياضيين إلى مجلس الوزراء، وفي المقابل الهيئة تقوم بعمل مميز، وتتولى إدارة الملفات الرياضية بعقلية القطاع الخاص وبحرية أكثر، كما أنه مسموح لها القيام باستثماراتها الخاصة بشكل مستمر، وأعتقد بأن رئيسها الأمير عبدالله بن مساعد يعد الشخص المناسب للهيئة، والمتوقع للهيئة أن تنطلق بشكل نوعي».
وشدد المدلج على أن التغيير يعد تغييرًا جوهريًا وليس في الاسم فقط، وقال: «الرئاسة العامة لرعاية الشباب كانت جهة حكومية مكبلة، وميزانيتها محدودة، وأنا أعرف بأن ميزانيتها بقيت لسنوات طويلة مليارًا وستمائة مليون ريال، أمام اليوم فنحن نتحدث عن هيئة باستطاعتها الحصول على موارد مالية أكبر من ذي قبل، كما أن حريتها ستكون أكبر من ذي قبل من ناحية التوظيف والعقود الخارجية والتعاقد مع شركات وموظفين من الخارج، وهذه الأمور ستصب في مصلحة الرياضة السعودية، وعلينا فقط الانتظار وعدم الاستعجال في الحكم عليها».
وعن المطلوب من الهيئة العامة للرياضة، قال: «عليها أن تقوم بالتخلص في أسرع وقت ممكن من قيود البيروقراطية التي كانت تكبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وأتمنى أن تتحرك سريعًا في توظيف عديد من الشباب، فاليوم هنالك مئات الشباب يدرسون في أمريكا وبريطانيا وألمانيا وأستراليا وغيرها من بلاد العالم بتخصصات في الإدارة الرياضية والتسويق الرياضي والقانون الرياضي وغيرها من التخصصات التي تهم القطاع الرياضي، وكل ما أتمناه هو استقطاب هؤلاء الشباب للعمل في الهيئة الرياضية، وأتمنى الاستفادة من التجارب التي من حولنا ولعل من أبرزها وأهمها التجربة الألمانية والتجربة اليابانية مع عدم إغفال التجربة الأمريكية التي تعد أفضل منظومة رياضية شاملة، والأمير عبدالله بن مساعد هو أكثر الناس القريبين من الرياضة الأمريكية وكيفية الاستفادة منها».
متجهون نحو الخصخصة
من جانبه شدد طارق كيال المشرف على فريق الأهلي على أن تحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى هيئة عامة للرياضة جاء بناء على نظرة الدولة التي انطلقت من خلال الرؤية الشاملة لعام 2030 لجميع القطاعات سواء الاجتماعية أو الرياضية أو الاقتصادية، وقال: «الرياضة كانت جزءًا من هذه الرؤية، وهذا دليل على اهتمام الدولة بهذا القطاع الحيوي، وتحويل الرئاسة لهيئة دليل على أننا نتجه للخصخصة لتصبح الرياضة منتجة».
وأضاف: «التطوير دائمًا يبدأ بالهيكل التنظيمي ومن ثم يبدأ بعملية التنفيذ، ولذلك تمت الخطوة الأولى وهي تحويل الرئاسة لهيئة رياضية، ويبقى البدء في تشكيل الإدارات التنفيذية، لنبدأ أول خطوة نحو الخصخصة».
وعن إيجابيات القرار، قال: «بشكل عام، وبعد رؤية 2030 أصبح للدولة رؤية وهدف معين تسعى لتحقيقهما في عام 2030، والدولة حرصت من خلال تلك الرؤية للتوجه إلى قطاعات حكومية منتجة ومثمرة، لتصبح في الأخير منتجة وتستطيع الصرف على نفسها، وهذا ما ينطبق على الرياضة التي بعد هذا القرار ستتطور من خلال بناء المنشآت والملاعب والاعتماد على النفس من خلال الموارد المالية والبشرية».
القطاع الرياضي سيدير نفسه بنفسه
من جهة أخرى رأى راشد الفوزان الكاتب المتخصص في الشأن الاقتصادي بأن تحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب لهيئة عامة للرياضة إنما هو إتمام لاستقلالية الاتحادات الرياضية ومنها الرئاسة العامة لرعاية الشباب بتحويلها لهيئة مثل هيئة السياحة وهيئة سوق المال، وبالتالي يصبح هذا الأمر محاولة للتوجه للعمل الخاص وذلك بتخصيص هذا القطاع، وهذا ينتج عنه مصادر دخل خاصة، وأنظمة وتشريعات خاصة، وهذا ما سوف يُسرع للخصخصة المستقبلية في المجال الرياضي، وفي نفس الوقت سيصبح هنالك استقلالية في الدخل، وسيكون السلم الوظيفي للهيئة تابع للتأمينات الاجتماعية بدلاً من معاشات التقاعد، وبالتالي سيكون السلم الوظيفي وسلم الرواتب مختلفًا كليًا، ولن يكون على النمط الحكومي، وهذه مرحلة استكمالية لتخصيص القطاعات الحكومية ومن ضمنها الهيئة الرياضية».
وأشار الفوزان إلى أن هذه الخطوة ستطور من المجال الرياضي بشكل عام، وقال: «التطوير سيكون من ناحية الإيرادات، إضافة لعملية التنظيم والتشريع التي ستكون أكثر ديناميكية، وبالتالي تكون من داخل الهيئة وبالإمكان إقرارها وإقرار التعديلات والتشريعات، وهذا يعطي مرونة أكثر في العمل عبر المجال الرياضي، وهذه مهمة للقطاع الرياضي، وفي الوقت نفسه يضاف لاقتصاد الدولة، وأن قطاع الرياضة يدير نفسه بنفسه، ويستقل إداريًا وهيكليًا وماديًا».