الجزيرة - حمد فرحان:
لا زالت مشكلة ندرة الفرص الوظيفية تؤرق الكثير من الطالبات الجامعيات اللاتي يجدن أن العوائق تحول بينهن وبين سوق العمل ومتطلباته، خصوصاً في ظل الأفق الضيق للقطاع الخاص ومساهمته في حل جزء من هذه الإشكالية، إلا أن برامج التحول الوطني بعثت الأمل في نفوس الكثير من الخريجات السعوديات العاطلات عن العمل، خصوصاً وبحسب الإحصاءات الأخيرة أن البطالة النسائية في السعودية الأعلى عالمياً. الجزيرة قامت باستطلاع آراء عدد من أساتذة وطالبات الجامعات حول هذا الموضوع..
المخرجات والمدخلات معضلة كبرى
بدايةً أكدت الدكتورة هيام البراهيم - مناهج وطرق تدريس بجامعة الملك سعود، أن الإشكالية الكبرى تقع في المخرجات والمدخلات فيما يخص الاحتياج والطلب لسوق العمل، وقالت: «أغلب التخصصات فيها اكتفاء وخصوصاً الدعوة واللغة العربية وخدمة المجتمع وإدارة الأعمال»، وأضافت: «كما أن فرص العمل في هذه التخصصات تكاد تكون معدومة، وبالتالي نجد أن الأغلبية من الخريجات لا يجدن العمل ما يسهم في البطالة النسائية وارتفاع نسبها، بيد أن الأمل يحدونا في أن يكون التحول الوطني ورؤية 2030 بارقة أمل ونافذة مطلة على مستقبل مشرق للخريجات السعوديات».
وفيما يتعلق بالقطاع الخاص وتوظيف الكفاءات النسائية قالت: «القطاع الخاص لابد أن يكون له مساهمة كبيرة في تقليص نسب البطالة النسائية وأعتقد أن هذا الأمر لا يأتي إلا بإلزام الشركات والمؤسسات باستيعاب الخريجات بما يتناسب مع مؤهلاتهم وخصوصيات المجتمع السعودي».
من جهتها أشارت الدكتورة خلود التميمي جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية إلى أهمية دور القطاع الخاص في توفير الفرص الوظيفية غير التقليدية وقالت: «إذا ما أردنا أن نوفر فرصاً وظيفية لابد للقطاع الخاص أن يسهم بشكل قوي وفعال في الأيام المقبلة لإيجاد الحلول للوظائف النسائية والمؤهلات التي تقدمها الجامعات، وذلك من خلال فتح مراكز تدريب لتأهيل الخريجات بما يتناسب مع متطلبات الوظائف، لأن أكبر المشكلات التي تواجه الخريجات هي عدم الحاجة لمؤهلات الكثير منهن».
تأسيس لجنة مختصة
كما أكد الكاتب برجس حمود البرجس في حديث صحفي أن القضاء على البطالة النسائية وتوليد الوظائف يحتاج إلى تأسيس لجنة مختصة مطعمة بالنساء المؤهلات والقادرات على رسم رؤية واضحة لمستقبل الخريجات، وقال: «برامج التحول الوطني وهيئة توليد الوظائف والقضاء على البطالة بشكل عام، وتوليد الوظائف النسائية بشكل خاص، أمام تحدٍ كبير في ملف سوق العمل النسائي، وهذا يلزم تأسيس لجنة مختصة وذات كفاءة عالية ومطعمة بالنساء القادرات على العطاء في هذا الملف، لرسم رؤية واضحة وخطة ذات جدوى، فهناك الكثير من الأعمال التي نستطيع تقديمها لخدمة هذا الملف ابتداء بتحسين سوق العمل الحالي وخصوصاً الحكومي، بالتحديد في التعليم والصحة، وانتهاء بتحويل هؤلاء النسوة إلى مساهمات في تطوير ونهضة الاقتصاد والتنمية بالمملكة».
التدريب والتأهيل مطلب الجامعيات
وعن رؤية الطالبات الخريجات وما يواجهنهن من معوقات حدت من انخراطهن في الوظائف تحدثت الطالبة مها محمد بكالوريوس دعوة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وقالت: «أكثر ما يقلق الطالبات هو ندرة الفرص الوظيفية للكثير من التخصصات والتي لا يحتاجها سوق العمل نظراً للوفرة في الكفاءات وصاحبات هذه الشهادات ومن هذه التخصصات اللغة العربية والدعوة والمجتمع وغيرها الكثير، فكل هذه التخصصات يوجد فيها اكتفاء وبالتالي من الطبيعي ارتفاع نسبة البطالة النسائية في أوساط الفتيات السعوديات صاحبات الشهادات الجامعية للأسف».
وأضافت: «كما أن هناك من الفتيات من تقبل بوظائف لا تتناسب مع تخصصها إما لحاجتها للوظيفة أو لرغبة منها في إشغال وقتها بأي عمل، وأصبح هذا الأمر متفشياً بكثرة، ويعود هذا إلى عدم فتح آفاق وظيفية عدة للخريجات واحتوائهن بشكل مقبول ومنطقي».
كما شاطرت الرأي الطالبة نورة البدر زميلتها مها وقالت: «عدم وضوح الرؤية لمستقبلنا يشعرنا أحياناً بالإحباط، ولكن العزيمة التي لدينا كطالبات تجعلنا سرعان ما ننظر إلى المستقبل بإيجابية أكثر بعيداً عن المنغصات والمعوقات والتي من أهمها على الإطلاق المستقبل الوظيفي لنا كطالبات دعوة، إضافة إلى أن التخصصات عائق لضعف استقبال سوق العمل لنا أو المتاح من الفرص الوظيفية القليلة جداً. وهذه إشكالية كبيرة، ومن المفترض البحث عن ما يحتاجه سوق العمل السعودي للفتيات وإيجاد التخصصات المناسبة لهن وعمل الدورات التدريبية بكثافة أكثر حتى يتم تأهيل أكبر عدد ممكن من الطالبات». فيما أشارت فاطمة عبدالرحمن طالبة لغة إنجليزية إلى أن التخصص مهم في تحديد مسار أي طالبة وقالت: «في ظل ما تعانيه الكثير من الخريجات الجامعيات من عدم وجود وظائف بعد تخرجهن بات اختيار التخصص مهماً للغاية، فمن خلاله تستطيع الطالبة تحديد اتجاه مستقبلها منذ وقت مبكر»، وأضافت: «أعرف شخصياً أكثر من خريجة لم تجد الفرصة الوظيفية المناسبة لمؤهلها، لذا فضلت البقاء في المنزل، كما أن هناك من تعمل في غير تخصصها، وهذا نتاج عدم الرؤية الواضحة للتخصصات واحتياجات سوق العمل، وأتمنى أن يكون هناك حل سريع لهذه الإشكاليات التي تؤرق الكثير من الطالبات لاسيما صاحبات التخصصات الأقل حظوظاً في الوظائف».