(أرامكو السّعوديّة).. مَنْ منّا لم يتخيل عند سماع وقراءة هذا الاسم عالمًا من التّميُّز،والأناقة،والمبادرات المدهشة؟!
مَنْ منّا لم يُبارك بحفاوة لأي طالب من عائلته،أو معارفه، وجد له قبولاً في أرامكو السّعوديّة؟!
مَنْ منّا لم تدهشه مبادرات أرامكو الناجحة في إيصال فكرتها للمجتمع،وللعالم؟
كُلّنا على يقين بأنّ هذه الشركة الناجحة لا تُخرّج إلا الناجحين،ولا تدخل إلا في مشاريع ناجحة،ومبادرات ناجحة،ومؤتمرات ناجحة.. و.. و..
فمن أين صنعت أرامكو كل هذه السمعة؟ ولماذا جامعاتنا ليست مثلها؟
نحن ننظر للأمر من ناحية كون أرامكو مؤسسة،والجامعات مؤسسات أيضًا.
دعونا ننطلق من رؤية أرامكو السّعوديّة المسجلة على موقعها، التي تقول فيها:
«مع أننا نعتز بكل فخر بقيمنا وممارساتنا العملية الناجحة التي جعلتنا واحدة من الشركات العالمية الرائدة في مجال الطاقة والكيميائيات، فإننا نفخر أكثر بالفرص التي نوجدها للآخرين».
رؤية واضحة،صادقة غير مُتكلّفة،كُتبت بثقة «.. نفخر أكثر بالفرص التي نوجدها للآخرين».
أن تفخر بمبادراتك أكثر في رؤيتك يعني أنّك تضع نصب عينك مجتمعًا يستحق،أنّك تؤمن بقوة العمل لأجل الوطن.
كيف تنظر أرامكو للمجتمع؟
تقول أيضًا من خلال موقعها:
«.. لا تزال المجتمعات الآمنة،والصحية،والحيوية هي الأساس؛ لتحقيق التقدم والتنمية في المستقبل».
هذا الوعي الذي تنطلق منه أرامكو في مناشطها كافة.
«نحن بإذن الله عازمون على أن نتجاوز الريادة من حيث الحجم والنطاق إلى تحقيق التميز».
تذكرت هنا مقولة (رالف والدو إمرسون) الشهيرة التي يقول فيها: «إنّ العالم يفسحُ الطريق للمرء الذي يعرف إلى أين هو ذاهب».
لم يذكروا أنهم (يتطلّعون)،بل (عازمون). وشتان بين التّطلُّع والعزم!
بعيدًا عن الدعم المالي،ورأس مال الشركة،والسلطة التي لها،وليست للجامعات،أو المؤسسات الحكومية الأخرى.. سنقف عند سر ثبات تميز أرامكو السعودية،وهو - في نظري - أهم مقومات نجاح الشركة.
كتبت أرامكو في موقعها الرسمي عن الحوكمة:
«وجود الخط الهاتفي المباشر للاتصال بالمدقق العام يوفر وسيلة آمنة وسرية لموظفي الشركة وغيرهم من الأشخاص للإبلاغ عن حالات الاشتباه في الاحتيال أو السلوكيات غير الأخلاقية أو المخالفات».
هنا مربط الفرس!
نزاهة فورية،وتعقيم سريع للجراح قبل أن تتلوث. لا تضطرك أن تأخذ موعدًا من سكرتير خاص قد ينسى،أو يضيّع ورقة المواعيد،أو يعرفك مسبقًا ولا يستلطفك؛ فيزج بموعدك في سلة حقده،وتبقى شكواك مبتورة،تصير بعدها ملايين الشكاوى التي تُدرّبك على الصّمت.. ومع الوقت على اللامبالاة؛ لتتحول مع كثرة النكسات إلى عضو لا منتمٍ.
الأمانة.. الصِّدْق.. البُعد عن الشُّبهات.. تعني وجود مؤسسة صحيّة، لا يخرج منها للمجتمع إلا الأصحاء.
أن تجعل الخط مفتوحًا بينك - بوصفك مسؤولاً عن سمعة مؤسستك - وبين الآخرين هذه أكبر قيمة تُعطي التغذية الراجعة الفورية.
فالمدير لن يكون متفرغًا كل الوقت لسماع الشكاوى،فأن يكون هناك مدقق عام،وتكون المكالمات مسجلة بسرية؛ لضمان مصداقيتها،هذا في نظري سرّ نجاح أي مؤسسة، حكوميّة كانت أو خاصّة.
أيضًا تكوين فريق معالجة محايد،سيكون له كبير الأثر في نزاهة المؤسسات.
قادني لهذا الحديث عن أرامكو ونجاح مبادراتها ما رأيته - وأنا أحكّم (مسابقة أقرأُ)، إحدى مبادرات أرامكو السعودية - من وعي،وتحليل،وشغف معرفي لدى شباب وشابات الوطن.
جيل جميل من التقيته أنا وزملائي في مقابلات المتقدمين للمسابقة.
جيل لم يتجاوز الثالثة والعشرين بعد،ويقرأ في جميع حقول المعارف،ويحلل،ويناقش،ويُدلي برأيه الخاص،ويُطلُّ على مجتمعه من خلال ما يقرأ مقارنًا،ومقيِّمًا،ومعززًا.
هذه المبادرة الجميلة لها أربع سنوات،ولم يصل صيتها بعد لأطياف المجتمع كافة؛ لأنّ بعض من يتصدرون للكتابة مشغولون بما عند الآخر،وما فعل الآخر؛ فمزمار حيهم ما زال لا يطربهم. ينتقدون،وهم من عليه النقد يكون.
أتمنى أن تكون هذه المقالة نواة للتعريف بهذه المبادرة؛ لأنها - وأقولها بيقين - تدّخر لنا جيلاً واعيًا،سيسعى بمجتمعه إلى الأمام - بإذن الله -.
- د. زكيّة بنت محمّد العتيبي