تعددت المصطلحات حول إيجاد مفهوم خاص للتحول الثقافي. ورأى كثير من الباحثين أن هذا المفهوم يختص بالأسباب التي هيأت الأرضية الخصبة لإيجاده، والتي من خلالها يتضح مفهوم هذا التحول، أسبابه ونتائجه، وبالتالي إيجاد القيمة الثقافية والفكرية له نظرا لشمولية المصطلح والذي يبنى على تحولات أخرى كالتحول الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. ونؤكد على أن هناك مؤثرات غربية وأخرى عربية أثرت في الثقافة والفكر العربي من زمن الاستعمار إلى عهد قريب يختص بالثورات العربية والتي أوجدت لنا تحولا على مستوى الثقافة والفكر تمثل ذلك في المؤلفات الكثيرة والقنوات الإعلامية التي طغت عليها هموم السياسة بالدرجة الأولى إضافة إلى تجسيد الواقع عبر فنون الأدب كالشعر والروايات الحديثة أو الفنون الأخرى كالفن التشكيلي والموسيقى، وهذا ما أدركناه منذ مدة قصيرة في بداية نشوء أول ثورة عربية في تونس وما تبعتها من ثورات في البلدان العربية الأخرى. إن هذا التحول ساهم في إيجاد تقارب كبير بين الشعوب العربية لأنه يمثل مرحلة هامة لتاريخ هذه الشعوب وفكرها ومدى ثقافتها حيث تشكل هذا التحول ليحقق أهدافا من شأنها أن ترصد الذاكرة الثقافية والتي بدورها تستطيع أن تفرز لنا تنوعا ثقافيا وفكريا في المجتمع العربي عبر وسائل حديثة تتمثل غالبا في وسائل التواصل الافتراضي باعتبارها مشروعا هاما ساهم في نمذجة الثقافة وتحولها من البدائية – إن صح التعبير – إلى ثقافة ذات فكر أوسع وأشمل تبنى على التعددية الثقافية بوصفها ثقافة استقرائية حديثة ذات نظرة مستقبلية تزيد من منسوب الثقافة والفكر في العالم العربي. كما أن المؤسسات الثقافية والأدبية في العالم العربي تمتلك دورا رائدا في تحول الثقافة لدى العقلية العربية إلى صناعة تثري ذهنية الفرد المبني – ربما – على عوائق غريبة من أثر العادات والتقاليد واستبدالها إلى مخرجات ثقافية أكثر قيمة وأكثر دلالة،حسب قول الفيلسوف الفرنسي لبير كامو « لكي تصنع ثقافة لايكفي أن تضرب بالمسطرة على الأصابع» ومن هنا ندرك حقيقة هذا التحول الذي ساهم في فهم الآخر ذلك أن من أهم أسباب الفشل الثقافي والفكري هو عدم فهم معتقدات وثقافات الآخر. لأن هذا الآخر يعتبر بعدا ثقافيا بات من الطبيعي الاختلاط معه وفهم كل ما يرمي إليه. نعم علينا أن نتحول من كائنات ثقافية منغلقة على نفسها وفكرها إلى كائنات قادرة على تبادل خبراتها الثقافية دون طمسعالمها التراثية،وإنما المحاولة في تجديدها وتطورها. والمجتمع العربي بحاجة ماسة إلى هذا التبادل الثقافي في ظل الجهات القمعية التي تصادر كل ماهو حداثي وكل فكر يأتي من الخارج،وهذا بدوره ينقص من ثقافتنا، فمعظم التحولات الثقافية التي أحدثتها بعض الشعوب حققت نقلة نوعية لمجتمعاتها رغم ظروفها الممتدة عبر السنين.
طاهر الزارعي - قاص - كاتب
Tzarai15@hotmail.com