بيروت - منير الحافي:
قال أمين عام اتحاد المصارف العربية إن الحديث حول سعي مصارف سعودية لقطع علاقاتها مع مصارف لبنانية غير صحيح على الإطلاق، وأكد أن العلاقات مستمرة بشكل طبيعي ولا يوجد أي شيء يدعو للقلق في هذا المجال. وأضاف: في خضم الحديث عن إجراءات أميركية مالية متصاعدة ضد المنظمات العربية بما فيها اللبنانية التي تعتبرها الولايات المتحدة «إرهابية»، أقيم مؤتمر مصرفي عربي أميركي في نيويورك شكّل مناسبة للتباحث في هذه الإجراءات، وأبلغ الوفد العربي نظيره الأميركي وجهة نظره في هذه القضية. وقد توصل الحوار إلى «ضرورة احتكام المصارف العربية التي تتعرض لضغوطات من قِبل القطاع المصرفي الأميركي والسلطات الرقابية، إلى المعايير والقوانين الدولية التي تهدف إلى تجفيف منابع تمويل الإرهاب، وهو دور أساسي للمصارف العربية حتى لا تشكل ملاذاً آمناً لأموال الإرهاب، وذلك في ضوء مناقشة القوانين والتشريعات الصادرة عن المؤسسات التشريعية الدولية، لاسيما قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل المنظمات الإرهابية.
«الجزيرة» التقت أمين عام اتحاد المصارف العربية وسام فتوح في لقاء خاص ببيروت. تطرق خلاله إلى رؤية السعودية 2030 التي أقرها مجلس الوزراء السعودي، وحديث سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى محطة «العربية».. وفيما يلي نص اللقاء.
* ذهبتم إلى نيويورك لحضور اجتماع مصرفي عربي- أميركي، استضافه البنك المركزي الفدرالي الأميركي في نيويورك، وبحضور مشرعين أميركيين. ما هدف الاجتماع، وماذا كانت نتائجه بالنسبة للمصارف اللبنانية والعربية، وهل كان مرتبطاً بموضوع محاسبة حزب الله الذي أقره الكونغرس الأميركي؟
في الواقع، هو مؤتمر مشترك بين اتحاد المصارف العربية والبنك الاحتياطي الفدرالي وصندوق النقد الدولي، شكل منصة للحوار بين المصارف العربية من جهة، وصانعي القرار المالي والمصرفي في الولايات المتحدة الأميركية الذين يقودون ويوجهون المسار المالي والمصرفي حول العالم من جهة أخرى.
وقد كان جوهر الحوار مكافحة تمويل الإرهاب وضرورة الامتثال لمتطلبات البنوك المراسلة، ولاسيما أيضاً القوانين والتشريعات الصادرة عن المؤسسات الدولية مثل الـFATF أو وزارة الخزانة الأميركية، منعاً لما يسمى بتخفيف المخاطر أو قطع العلاقات ما بين المصارف الأميركية والمصارف العربية، بسبب عدم التطبيق والامتثال لمتطلبات البنوك المراسلة - ولاسيما أيضاً تطبيق القرار الصادر عن الكونغرس الأميركي في 16 ديسمبر الماضي. وتوصل الحوار إلى ضرورة احتكام المصارف العربية التي تتعرض لضغوطات من قِبل القطاع المصرفي الأميركي والسلطات الرقابية، ولاسيما البنوك المراسلة، إلى المعايير الدولية التي تهدف إلى تجفيف تمويل الإرهاب والعمل على تنفيذها، وهو دور أساسي للمصارف العربية حتى لا تشكل ملاذاً آمناً لأموال الإرهاب، وذلك في ضوء مناقشة القوانين والتشريعات الصادرة عن المؤسسات التشريعية الدولية، خصوصا قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل المنظمات الإرهابية.
وكان الحوار مناسبة مهمة لمصارفنا العربية، لشرح موقفها ووجهة نظرها في العديد من المسائل والملفات المطروحة، بمشاركة نائب وزير الخزانة الأميركية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، المسؤول عن ملف العقوبات، ونائب الرئيس التنفيذي للبنك الفدرالي الأميركي - نيويورك، والقنصل العام لصندوق النقد الدولي - واشنطن ورئيسة عمليات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في صندوق النقد.
* إلى أيّ مدى ينسق القطاع المالي والمصرفي في لبنان مع نظيره الأميركي للالتزام بالقوانين التي تسن في أميركا وتتوجه ضد الأعضاء المنتسبين إلى حزب الله؟ هل أنتم تلتزمون بالتقيد بأنظمتهم، وهل يمتنع النظام المصرفي اللبناني من التعامل مع أعضاء من حزب الله؟
المصارف اللبنانية تلتزم بقرارات وتعاميم مصرف لبنان جميعها، والتعميم رقم 126 يلزم المصارف اللبنانية بضرورة الامتثال لمتطلبات البنوك المراسلة الأميركية ويطلب تعميم البنك المركزي اللبناني من المصارف اللبنانية التقيد بتطبيق الحظر على المنظمات والهيئات والأسماء التي يعلن عنها ضمن اللوائح الأميركية، وذلك تحت طائلة امتناع المصارف الأمريكية عن التعامل معها، مع الإشارة إلى أن المصارف اللبنانية تلتزم بتطبيق هذا القرار، وقد بدأت فعلا «بإغلاق بعض الحسابات تم ذكرها ضمن اللوائح الأميركية».
* ما دوركم كاتحاد في «تطبيع» العلاقات إذا صح التعبير، ما بين لبنان من جهة والسعودية والخليج العربي من جهة أخرى؟
إن دور اتحاد المصارف العربية مبني في الأساس على تعزيز العلاقات المصرفية بين كافة المصارف العربية، وجميع الدول العربية، خصوصاً وأن المملكة ودول الخليج هم أعضاء دائمون في مجلس إدارة الاتحاد، ويوجهون إستراتيجية الاتحاد بما يخدم تطوير الصناعة المصرفية العربية، ودعم الاقتصادات وتطوير المجتمعات وتعزيزها. وبالتالي فإن سياسة الاتحاد منذ تأسيسه تنطلق من إدارة مصرفية عربية مجتمعة تحدّد التوجيهات التي تخدم اقتصاداتنا ومجتمعاتنا العربية.
* كيف ترون الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السعودية مؤخراً في مشروع رؤية المملكة 2030، والذي عمل عليه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؟
في الواقع، إن الخطة مباركة وجديّة، أعتقد أنها بدأت مع تأسيس صندوق بملياري دولار لخدمة اقتصاد ما بعد النفط، وجاءت هذه الخطة لتضع المملكة في مصاف الدول الإستراتيجية نحو التحول الاقتصادي الوطني. وما نراه اليوم هو قفزة نوعية للمملكة تخرجها من «إدمان النفط» حسب تعبير سمو الأمير ولي وليّ العهد محمد بن سلمان، إلى رحاب تنوع الاقتصاد، واستغلال الثروات، وسيكون أثرها ذلك كبيراً ليس على المملكة فحسب بل على اقتصادات كافة الدول العربية، فمتى كانت المملكة بخير فإن العرب والمسلمين بخير.
وبهذه المناسبة أشيد بالقيادة الحكيمة للمملكة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سليمان بن عبد العزيز «حفظه الله»، وأنوه أيضاً بعنصر الشباب الذي سيحمل هذه المسؤولية على أكتافه لأعوام قادمة. إن استثمار القدرات والثروات في المملكة ومضاعفة دورها وزيادة إسهامها في صناعة المستقبل يجعل من المملكة خلية نحل ستقطف منها الأجيال المقبلة.
إن هذه الرؤية الإستراتيجية ستتوضح معالمها مع الأيام القادمة، ومن شأنها أن تضع المملكة في مكانة رفيعة بين الدول القيادية على مستوى العالم، فهي تستند إلى مكامن قوة، ستسخر في خدمة المجتمع والاقتصاد والطموحات الوطنية.
وهذا من شأنه أن يوفر الفرص وينميها وينوع الاقتصاد ويحسن بيئة الأعمال واستقطاب أفضل الكفاءات العالمية والاستثمارات النوعية، واستغلال موقع المملكة الإستراتيجي في إقامة علاقات متينة وقوية مع أشقائها في عالمنا العربي.
* استمتعتم إلى حديث الأمير محمد بن سلمان إلى قناة «العربية»، ماذا تعلقون خصوصاً تأكيده أن المملكة تستطيع أن تتخلى عن النفط بحدود 2020؟
في الحقيقة، أن سمو الأمير ولي ولي العهد محمد بن سلمان «حفظه الله»، شكل بالنسبة لأجيالنا العربية فسحة آمان بأن عنصر الشباب قادر على تسلم مسؤوليات كبيرة وعظيمة، وأن الثقة التي يتمتع بها في طرحه لهذه الرؤية، تستند إلى ما تعلمه من الكبار ومن متابعته لتطور الدول واطلاعه على التطورات الاقتصادية الجديدة وخصوصاً فيما يتعلق باستخدام الطاقة البديلة. لقد أدرك سمو الأمير بأن «الإدمان» على النفط في خدمة الاقتصاد لا يدوم، والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا يحل بالمملكة عند نفاد النفط؟ الجواب عنه في رؤية المملكة 2030.