واشنطن - عبدالمحسن المطيري:
تتلخص رؤية السعودية 2030 التي تحدث عنها ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشوؤن الاقتصادية والتنمية صاحب السمو الملكي الأمير (الشاب) محمد بن سلمان، بتقديم نموذج اقتصادي، اجتماعي، وثقافي للمملكة العربية السعودية من خلال عدة مبادرات، مشروعات، و إصلاحات سوف يكون لها أثر كبير على واقع المملكة خلال السنوات القليلة المقبلة، وتعتبر السينما من الوسائل الهامة في الواقع الثقافي لأي دولة من خلال اجتذابها لجمهور متعطش يأمل في صناعة سينما ليست محصورة فقط على عرض أفلام تزيد من الوعي الفكري والثقافي للجمهور السعودي فحسب، بل في صناعة سينمائية سعودية متكاملة تتكامل مع الرؤية الاقتصادية والثقافية التي ننتظر أن تكون متكاملة حتى قبل العام 2030.
السينما تعد وسيلة ليست ثقافية فحسب، إنما اقتصادية فاعلة لمصدر دخل كبير إن تم استثمارها بالشكل الصحيح، لنتحدث أولاً عن الصناعة، ولن نستعرض أمثلة من إنتاج هوليود أو بوليود، لأنها دول سبقتنا بعدة عقود في مجال الاستثمار في السينما، ولكن لنرى فقط تجارب الدول من حولنا، حيث تعد السينما في دولة مصر مصدراً كبيراً لدخل العديد من الشركات بل للدولة نفسها على اعتبار إن الدولة شريك مع القطاع الخاص في مجال الاستثمار السينمائي، حيث كان العائد السنوي فقط للأفلام المصرية خلال عام 2014 يقارب الـ300 مليون جنية مصري، ولم نحسب عائد الأفلام من الدول الأخرى، لربما تكون السينما المصرية مكتسبة العديد من الخبرة والتجربة وبالتالي القياس عليها ليس واقعياً بما فيه الكفاية.
لذلك نرى كيف هو الناتج للسينما الإيرانية التي تعد بدائية وميزانيات متواضعة مقارنة بدول خليجية مثل الإمارات على سبيل المثال، ولكن حققت السينما الإيرانية أرباحاً عالية من خلال إنتاج مايقارب 40 فيلماً خلال العام 2013، محققة رقماً يقارب 100 مليون دولار أرباحا على مستوى العالم، ربما هو رقم منخفض بالمقارنة السينما المصرية، ولكن شكل نسبة كبيرة في خلق العديد من الوظائف والفرص الاستثمارية سواء داخل إيران أو من خلال المؤسسات الإيرانية الأهلية أو الحكومية في دول أووربية مثل ألمانيا وفرنسا، كمثل تجربة المخرج الإيراني عباس كيرستامي الذي استقر في فرنسا، مستثمراً بذلك العديد من الطاقات البشرية والمادية الإيرانية.
الأهم في رؤية المملكة الاستثمارية تجاه السينما هو المجال الفكري والإعلامي الذي يتكامل مع المجال الثقافي الذي وصفه سمو ولي ولي العهد في مقابلته مع الزميل الإعلامي تركي الدخيل في اللقاء التلفزيوني الذي عرض على قناة العربية مؤخراً، حيث يرى سموه أن المشروع الثقافي مهم لإيصال ثقافة وتاريخ المملكة للعالم سواء الزائرين منهم أو من خلال توثيق عدد من الأعمال الفنية أو الآثار التاريخية التي ترصد مسيرة المملكة العربية السعودية سواء من الواقع الحضاري والثقافي خلال المائة عام الماضية للدولة السعودية الحديثة أو من خلال توثيق لتاريخ الجزيرة العربية التي كما ذكر سموه يعود لحضارة إسلامية وعربية عريقة تستحق منا التوثيق من خلال المتاحف أو من خلال صناعة سينما حتى لو كانت وثائقية ولكن بشكل احترافي مهني يوصل رسالتنا للعالم التي تستحق أن تصل في ظل التحديات التي تواجهها المملكة في مواجهتها لفكر التطرف والإرهاب أو من خلال إيصال صورتنا الحقيقية للعالم التي عادة تكون مزيفة أومغايرة للواقع سواء من السينما المصنوعة من الآخر، أو من خلال إعلام مغرض موجه همه تقديم صورة سلبية عن المملكة.
إن الواقع والمستقبل يقول علينا أن نهتم بالسينما فهي وسيلة ثقافية، اجتماعية، والأهم اقتصادية لتكون رافدا أساسيا لمستقبل هذا الوطن الذي يستحق منا الرصد والتوثيق لنرسم بذلك مستقبلاً مشرقاً تكاملاً لرؤية نراها جميعاً خطوة لبلد متماسك وحاضر على جميع المستويات الثقافية والاجتماعية والسياسية والإعلامية والفكرية.