«الجزيرة» - الرياض:
في الوقت الذي يجري فيه التحضير لانعقاد القمة العالمية للعمل الإنساني والتي تبدأ أعمالها في 23 مايو بعد ثلاث سنوات من المشاورات، انسحبت منظمة أطباء بلا حدود (MSF)، بسبب ما أسمته «خيبة أمل» بعد شهور من المناقشات التحضيرية.
وتعتقد المنظمة أن القمة قد تصبح بمثابة طوق نجاة للمسؤولين من ورطتهم الحالية بسبب تصاعد الاحتياجات الإنسانية، كما ترى أن القمة قد ضلت طريقها وأصبحت «ورقة التوت التي تخفي العورات تحت ستار من النوايا الحسنة».
وهذه القمة هي الأولى من نوعها وتأتي في وقت ترتفع فيه الاحتياجات الإنسانية إلى مستويات حرجة وتنتشر فيه انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني، ويسود الرأي القائل بأن نُظم وتمويل المساعدات الطارئة بحاجة إلى إصلاحات كبيرة، وقد تم الإعلان عن مشاركة 80 دولة أكدت حضورها، وستكون 45 منها ممثلة برؤساء الدول أو الحكومات.
ووفقا لتقرير شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، وصف هيرفي فيرهوسل المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، وهو هيئة الأمم المتحدة المسؤولة عن تنسيق المساعدات الطارئة، هذه الخطوة بأنها «مخيبة للآمال»، لكون منظمة أطباء بلا حدود تمثل «صوتاً قوياً ومؤثراً».
وقالت فيكي هوكينز المدير التنفيذي للفرع البريطاني من منظمة أطباء بلا حدود: «هذا لا يمثل فك ارتباط بين منظمة أطباء بلا حدود والنظام الدولي،» مشددة على أن المنظمة ستواصل الانخراط في الكثير من المحافل الدولية، من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى مجموعة السبع (G7). مع ذلك، زعمت أن هناك «عدم تركيز على الجزء الإنساني من القمة العالمية للعمل الإنساني».
وفي السياق نفسه، قال محلل شؤون إنسانية رفيع المستوى أن «الشكوك تتكاثر» حول القمة، وأنه عندما تنسحب منظمة أطباء بلا حدود - التي تعتبر بمثابة «بوصلة أخلاقية» - فإن ذلك يدعو إلى مزيد من التشكيك في جدوى هذا الحدث.
ومن وجهة نظر «أطباء بلا حدود»، يوجد نقص عام في القدرة على الاستجابة التشغيلية للطوارئ، لاسيما في حالات الصراع وتفشي الأوبئة، وكثيراً ما يكون التمويل المُقدم من الجهات المانحة مدفوعاً باعتبارات سياسية وأمنية. وفي إشارة إلى تفشي الايبولا في جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، قالت هوكينز أن هناك «فشلاً حقيقياً للنظام الإنساني «ونحن لا نعتقد أن القمة العالمية للعمل الإنساني تتصدى لهذا الأمر».
وبالإضافة إلى عدم التعامل مع آليات الاستجابة، بما في ذلك إصلاح الأمم المتحدة نفسها، تزعم منظمة أطباء بلا حدود أن القمة، ووثيقة المعلومات الأساسية الصادرة عن الأمم المتحدة، تهدد بـ «ذوبان المساعدات الإنسانية في أعمال أوسع نطاقاً تتعلق بالتنمية وبناء السلام وأجندات سياسية». وسيتم تخصيص جزء كبير من برنامج القمة العالمية للعمل الإنساني لمنع الأزمات والحد من الاحتياجات؛ بهدف إنهاء «الطلب» على الإغاثة. مع ذلك، فإن الإغاثة في حالات الطوارئ هي بحكم تعريفها ما يحدث عندما يفشل منع الأزمات، كما يشير المراقبون.
وقال موظف كبير سابق في منظمة أطباء بلا حدود: «يمكنك أن تطلب من رجال الإطفاء إخماد حريق، ولكنك لا تطلب منهم بناء مساكن بأسعار معقولة». وأضاف قائلاً: «أعتقد أن هذا أمر مؤسف، لأن منظمة أطباء بلا حدود هي واحدة من عدد قليل جداً من المنظمات التي قد تكون على استعداد للدفاع عن العمل الإنساني».
ومن المعروف أن منظمة أطباء بلا حدود تتمتع بشهية أكبر لمواجهة المخاطر مقارنة بالعديد من المنظمات الأخرى، وغالباً ما تعمل في أماكن تُصنّف على أنها شديدة الخطورة من قبل المنظمات الإنسانية الأخرى. وفي عدد من المناسبات، انسحبت من أزمات حفاظاً على المبادئ. وتشارك أيضاً بشكل انتقائي في آليات التنسيق.
ويرى المحلل الإنساني البارز أن القمة، على وضعها الحالي، لن تقدم لمنظمة أطباء بلا حدود سوى حافزاً ضئيلاً جداً لتغيير طرقها (غير المتعاونة)». «لا أعتقد أن هذه نوبة غضب طفولية، بل أعتقد أن منظمة أطباء بلا حدود خائفة إلى حد اليأس من أن تجد نفسها على الدوام وحيدة في محاولة الاستجابة للاحتياجات التي تطغى على قدراتها،»
وتعتقد منظمة أطباء بلا حدود أن دعوة القمة إلى «التزامات» من قبل جميع المشاركين، سواء كانوا من منظمة غير حكومية صغيرة أو قوة عالمية عظمى، «تضع الجميع على نفس المستوى»، متجاهلة المسؤوليات المحددة للدول إزاء دعم وتنفيذ القانون الدولي الإنساني.