«الجزيرة» - عبير الزهراني:
استقبل قطاع الأعمال الأوامر الملكية الجديدة بارتياح كبير، وأكد مختصون في القطاع أن هذه الأوامر ستعزز مسيرة التنمية السعودية، مشكّلة منعطفاً مهماً وتاريخياً في تعزيز القطاعات المختلفة عبر تجديد الدماء بكفاءات وطنية متميزة. كما لفت المختصون في حديث لـ«الجزيرة» إلى أن هناك العديد من الآثار الإيجابية في دمج قطاع الصناعة مع الطاقة والثروة المعدنية في وزارة واحدة، مشيرين إلى أن الخطوة ستمنح الصناعة سرعة في اتخاذ القرارات للأنشطة التي تتطلب قدراً كبيراً من الطاقة النفطية أو الطاقة المتجددة، إلى جانب أنها نقلة ستحقق أعلى قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
ورفع رئيس مجلس الغرف السعودية ورئيس غرفة الرياض الدكتور عبدالرحمن الزامل نيابة عن قطاع الأعمال شكره لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «حفظه الله» على صدور الأوامر التي تضمنت تعيينات وقرارات خاصة بدمج وتعديل وإنشاء بعض الوزارات والهيئات. وقال: إن هذه القرارات تشكل منعطفاً مهماً في إطار تجديد الدماء، وتعزيز القطاعات بقدرات وطنية متميزة لمواكبة تطلعات القيادة في تحقيق الأهداف المرجوة. مؤكداً أن المواطنين يتوقعون من هذه الأوامر تحقيق نقلة جديدة في العمل الوطني، والانطلاق إلى آفاق مرحلة تحقق المزيد من الازدهار.
وبيّن الزامل، أن قطاع الأعمال استقبل هذه الأوامر بارتياح كبير بما شملته من تغييرات جذرية في العديد من الوزارات والهيئات ذات العلاقة بقطاع الأعمال والتجارة والاستثمار، متوقعاً أن يكون لها أثر بالغ في دعم وتعزيز التوجهات العامة والتي تشارك بها جميع القطاعات لتحقيق أهداف رؤية 2030 التي ستمكن المملكة من التعامل بوعي مع تحديات تدني أسعار النفط، مبيناً أن الجميع توقع إعادة هيكلة لقطاعات الدولة، وبناء إستراتيجيات جديدة تحقق فعلياً تنويع مصادر الدخل، واستثمار كافة الموارد المتاحة.
من جهته، قال رئيس اللجنة الوطنية الصناعية المهندس سعد المعجل: إن الأوامر الملكية السديدة التي استهدفت إعادة هيكلة الوزارات انسجاماً مع رؤية 2030 والتي خصّ الصناعيين منها فصل التجارة عن الصناعة، وتعديل مسمى الوزارة لتكون «التجارة والاستثمار»، وتعديل وزارة البترول والثروة المعدنية لتكون «الطاقة والصناعة والثروة المعدنية» وتختص بالطاقة، إضافة إلى ما سينقل إليها من مهام ومسؤوليات متصلة بذلك، والأنشطة المتعلقة بالكهرباء والصناعة. وقال المعجل: إن هذا القرار الحكيم كان بمثابة حلم للصناعيين لطالما نادوا بتحقيقه من خلال اللجان الصناعية بالغرف واللجنة الوطنية الصناعية وغيرها، أملاً منهم في توحيد مرجعية الصناعة عن طريق إنشاء هيئة عليا للصناعة على غرار الهيئة الملكية للجبيل وينبع، أو فصل الصناعة عن التجارة في وزارة مستقلة تضع الخطط الإستراتيجية، وتشرف على تنفيذها، وتهتم بجميع شؤون الصناعة في المملكة، وتضم جميع الجهات التي تعنى بالصناعة تحت مظلتها، وإنشاء شبكة وطنية للغاز الطبيعي وربطها بالمدن الصناعية، وتعزيز قدرة الصناعة المحلية على المنافسة في الأسواق العالمية. ليأتي هذا القرار السديد ليضم الصناعة ومصادر وقودها، وأهم عوامل نجاحها الطاقة والثروة المعدنية معاً بوزارة واحدة؛ كي تستقيم مسيرة التنمية الصناعية بالمملكة، ولكي تحقق الصناعة مكانتها كركيزة أساسية تعتمد عليها الدول في بناء اقتصادياتها، لأنها تمكنها من الاعتماد الذاتي على منتجاتها الوطنية، وتقلل الاستيراد من الخارج، وتدعم قدرتها التصديرية، وتوفر الوظائف لمواطنيها بل وتساهم في تطور الأنشطة الاقتصادية الأخرى لتحقق تطلعات وطموحات القيادة الحكيمة مع ما يتماشى ورؤية 2030 لبناء اقتصاد متماسك لا يعتمد على النفط فقط. وأضاف المعجل: الوزير الجديد رجل صناعي من الطراز الأول، واختياره يؤكد على حكمة الملك سلمان، ورؤيته الثاقبة وتوجيهاته السديدة في اختيار القيادات والوزراء؛ انطلاقًا من حرصه «حفظه الله» على تقديم مصلحة وخدمة الوطن والمواطن، فالمهندس خالد الفالح رجل صناعي له تاريخ حافل من النجاحات منذ بداياته في أرامكو ليثبت بجدارة إمكانياته العملية التي أهلته لقيادة قطاعات أخرى عديدة، ثم ليصبح رئيساً تنفيذياً للشركة، وحرصه خلال عمله على زيادة المحتوى الوطني في مشتريات أرامكو والتي تبلورت في برنامج «اكتفاء» الرامي إلى زيادة المحتوىالمحلي في السلع والخدمات إلى 70 % بحلول2021م.
بدوره، قال الكاتب الاقتصادي أحمد الشهري إن الأوامر الملكية تهدف إلى تقليص الهيكل الحكومي السابق، ودمج الصناعة مع الطاقة والثروة المعدنية في وزارة واحدة من الناحية الاقتصادية يعتبر تحدياً حقيقياً، لافتاً إلى أن الدمج جاء لتنمية الصناعات النوعية في مجالي الصناعات التحويلية والبتروكيماويات والصناعات التعدينية والغاز ولا سميا أن الصناعات العالمية المختلفة تشهد تنافساً شديداً، ولذا جاء هذا التركيز الاقتصادي.
وأشار الشهري إلى أن المملكة تمتلك خيارات اقتصادية نسبية مرتفعة يجعلها تتميز عن كثير من الدول، ولعل رؤية الوزارة تؤيد ذلك، فقد نصت الرؤية على أن التطوير المستدام سيكون لصناعة البترول والغاز والتعدين المتكامل في جميع المراحل لتحقيق أعلى قيمة مضافة للاقتصاد الوطني. وأضاف: أرى أن الدمج سيمنح الصناعة سرعة في اتخاذ القرارات للصناعات التي تتطلب قدراً كبيراً من الطاقة النفطية أو الطاقة المتجددة، كما أعتقد أن الربط سيكون مرحلياً ما لم يكن هنالك إطار مؤسسي قوي قادر على استيعاب الصناعة بشكل عام في ظل فاتورة واردات مرتفعة؛ لذا على وزارة الطاقة أن تجعل الصناعات الغير نفطية تسير بشكل موازٍ مع صناعات الطاقة والغاز والتعدين لتعزيز القاعدة الصناعية وتنويع الاقتصاد بشكل متوازن. وتابع: الأمر المقلق أن عدد الجهات التي ترتبط بوزارة الطاقة كبيرة وتحتاج إلى إطار مؤسسي يستوعب كل تلك الجهات دون أن يؤثر على أدائها المؤسسي والتشغيلي.
وفيما يتعلق بتحلية المياه، قال الشهري إنها تعتبر قطاعاً صناعياً، وتمتلك 27 مصنع مياه، إضافة إلى إنتاج الكهرباء، ومع كل تلك الخصائص الصناعية تستهلك كمية كبيرة من النفط، وجميع أصولها صناعية وتشارك القطاع الخاص في صناعة المياه المحلاة؛ لذا فربطها بوزارة الطاقة أولى من ربطها بوزارة البيئة والمياه والزراعة لاختلاف الخصائص الاقتصادية بين القطاعين اقتصادياً، معتبراً أن مصانع التحلية ذات طابع صناعي، والزراعة معنية بالموارد الطبيعية المشتملة على الموارد المائية الطبيعية الغير الصناعية لذا جاء هذا التباين من وجهة نظرنا الاقتصادية. وقال: لعل الربط مرحلي وما يعزز من هذا الرأي أن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يتحرك بشكل ديناميكي نحو القرارات الأصح من الناحية الاقتصادية والتنظيمية، وقد نرى تعديلات أخرى حتى نصل إلى النموذج المثالي اقتصادياً وتنظيمياً، وهذا ما يميز قرارات المجلس البحثُ الدائم عن أفضل الخيارات متى ما ظهرت الأدلة الاقتصادية الكافية.
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة غرفة الشرقية عبدالرحمن العطيشان أن دمج الصناعة مع الطاقة والثروة المعدنية في وزارة واحدة، بجانب أنه يضع الصناعة في موضعها أو بيئتها الصحيحة، حيث الطاقة والثروة المعدنية، فإنه يُعجّل كذلك ببدء الأنشطة الصناعية على المدى القريب، وذلك بتقليل إجراءات إصدار التراخيص، مشيرًا إلى الصناعات المعدنية التي كانت تتطلب ترخيصاً من وزارة التجارة والصناعة وآخر من وزارة البترول والثروة المعدنية لبدء نشاطها. وأضاف أن الأوامر الملكية بإعادة هيكلة الوزارات والهيئات وتعديل بعض مسمياتها، هو بمثابة ترجمة فعلية، أدخلت رؤية المملكة 2030 حيز التنفيذ، وذلك بانتقالها من مرحلة الإعلان إلى مرحلة العمل على أرض الواقع، واصفًا إياها بالشمولية وقدرتها على دفع الاقتصاد الوطني نحو الأمام، مشيرًا إلى أنها جاءت مدروسة بدقة وعناية شديدة، وامتدادًا لعملية التطوير المستمر طيلة الفترات الماضية، التي طالت مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في المملكة.
وأوضح العطيشان، أن إعادة الهيكلة بجانب أنها تقوي القطاعات الحكومية، فإنها تنعكس إيجاباً على تطوير منظومة الاقتصاد وتحسين عوائده، وأيضاً تُسهم في دعم القطاع الخاص وتسهيل دمجه في عملية التنمية التي تشهدها البلاد.