كم نشعر بالفرح والسرور ونحن نشاهد في كل صباح يوم معطر جميل، خطوات أبنائنا الطلاب وقد ارتسمت البسمة على محياهم وهم قاصدين بكل همة ونشاط مدارسهم من أجل الشوق لتناول ما لذ وطاب من ألوان وأصناف العلوم والمعرفة. وكم تكون سعادتنا أكثر بكثير لمشاهدتهم وأعيننا تفيض من الدمع وهم يحصدون ثمار النجاح الذي زرعته عقولهم طوال السنين الدراسية، فنالوا بهذا الحصاد الطيب الشهادة الجامعية بكل تفوق واقتدار، هذه الشهادة التي -إن شاء الله- هي طريق المستقبل الباهر لهم ولوطنهم وأمتهم.
ومما لا شك فيه ولا يخفى على ذي أهمية دور الشباب في بناء الوطن.. كيف لا.. وهم قلب الأمة النابض بالحياة لرفعة وازدهار الأوطان في أي بلد من بلاد العالم حتى أن هناك دولا تتفاخر بأبنائها الشباب إلى ما وصلوا إليه من علو العلم والمعرفة، هذا عن منحهم الأوسمة الرفيعة تقديراً لهم على ما حققوه من الإنجازات الإبداعية في مجالات شتى من العلوم كافة.
ونحن في بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية -حرسها الله من كل مكروه- نفتخر أشد الفخر والاعتزاز بشبابنا وشاباتنا لما وصلوا إليه من أرقى فنون العلم والمعرفة في جميع التخصصات العلمية كالطب والهندسة والطيران وغيرها من التخصصات النادرة، هذا عن قمة فخرنا بهم يوم تقلدوا أعلى المناصب المرموقة في أروقة المنظمات الإقليمية والدولية، وذلك لما يتمتعون به من ذكاء وأخلاق عالية من التعامل الراقي مع الشعوب الذي نالوا به ثقة المجتمع الدولي في مشارق الأرض ومغاربها.
ولكن حقيقةً هناك من يتربص بشبابنا من كلا الجنسين خاصة من شياطين الإنس الذين يحاولون بشتى السبل الكفيلة النيل منهم في دينهم وصحتهم وعقولهم وأخلاقهم، بل حتى محو عقيدتهم السليمة الخالصة من جراء اصطيادهم في شباك الجريمة، خاصة ونحن على عتبات أبواب الامتحانات النهائية التي يكثر فيها هذه النوعية من شياطين الإنس يوم جهزوا شباكهم لاصطياد ضحاياهم بأي وسيلة كانت.
فمن هؤلاء الشياطين المتربصين بشبابنا صنفان سنتحدث عنهم، بل وجب الحذر والتحذير منهم لأبنائنا الشباب الطلاب هذه الفئة الغالية على قلوبنا جميعاً التي لن نرضى المساس بهم من أي كائن من كان.
أقول والله المستعان:
الفئة الأولى: مروجو المخدرات الذين يحاولون ترويج سمومهم الخبيثة على الطلاب غير آبهين بالضرر الجسيم الذي تخلفه المخدرات على صحة الشباب من خلال ترويجها عليهم على أنها حبوب منشطة تساعد على مواصلة المذاكرة، بل وتجلب لهم المتعة والسعادة وتجعل من يتعاطاها ذا قوة وحيوية ونشاط دائبين وتعينهم على السهر المتواصل أثناء المذاكرة، حيث إن كل هذه الأقاويل ما هي إلا خدع واهية يراد بها قط تحقيق مآربهم الباطلة والفاسدة من أجل بيع بضاعتهم القذرة، فكم من طالب أصبح رهين المخدرات يوم أخذ بأقوال المروجين بتعاطي هذه السموم الخبيثة فكان له ما كان من الضياع والحسرة والندامة، ففقد بسببها صحته ومستقبله.
فلا ريب كم شاهدنا الكم الهائل من أنواع المخدرات التي تم -ولله الحمد- إحباطها من قِبل الأجهزة الأمنية عبر المنافذ البرية والبحرية والجوية يوم تم إخفاؤها بطرق عجيبة احترافية، ولكن بفضل من الله ثم بفضل العيون الساهرة من رجال الأمن المخلصين ورجال الجمارك الساهرين، يتم إحباطها وإلقاء القبض على أصحابها قبل دخولها إلى البلاد وتنتشر بين أفراد الشباب فيحدث لهم ما لا يحمد عقباه.
وأما الفئة الثانية التي سنذكرها: فهم فئة أصحاب الفكر الضال الهدام، هذه الفئة التي تختفي تحت غطاء الدين لتحقيق غاياتهم من أجل تنفيذ أجندات خارجية مستهدفة شبابنا لتدمير عقولهم ومسخ عقيدتهم السليمة وجعلهم أداة لزعزعة الأمن والأمان في بلادنا والتحريض على الإفساد في الأرض من قتل وحرق والخروج على ولاة الأمر -حفظهم الله- وشق عصا الطاعة من أجل تمزيق اللحمة الوطنية بين الراعي والرعية، وحماية شبابنا من هذه الفئة الضالة المضللة ما هو إلا واجب ديني ووطني من خلال تحصينهم وحمايتهم من الأفكار الهدامة التي يؤمن بها أصحاب الفكر الضال ممن يحاولون زرعها في عقول شبابنا في مختلف الأعمار.
وحقيقة كم من شاب من شباب المسلمين غرّر به من هذه الفئة الضالة يوم تم استغلالهم لأعمال إرهابية إجرامية بشعة تحت ذريعة نصرة الإسلام والمسلمين في بعض البلاد الإسلامية، خاصة البلاد التي مزقتها الصراعات الطائفية والحزبية وهي حقيقة ما هي إلا خدع يتذرع بها أهل الفكر الضال المتشدد الذين بخداعهم القبيح لأبناء المسلمين أساءوا لصورة الإسلام والمسلمين بأفعالهم وأقوالهم التي هي من قبح وأفعال الخوارج التي حذر منها النبي الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وإن هذه الفئة الضالة الباغية لم يتركوا أي وسيلة من الوسائل الإعلامية إلا وضعوا أيديهم وأرجلهم بها كمواقع التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت، هذا عمن يدعمهم عبر القنوات الفضائية التي تدس السم في الدسم لغسل عقول أبناء المسلمين كالخروج على ولاة أمر المسلمين والمشايخ والعلماء وتكفيرهم وقتل ما يحلو لهم قتله من المسلمين وأهل الذمة في البلاد الإسلامية وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة من جراء التفجيرات الآثمة التي تحدثها أياديهم القذرة الملخطة بدماء الأبرياء العزل، مضيفاً على ذلك العمليات الانتحارية القذرة التي طالت بيوت الله من المساجد الطاهرة بمن فيها من المصلين، سواء من مدنيين أو عسكريين يوم قتل من قتل وأصيب داخل المساجد المستهدفة التي طالتها يد الغدر والإجرام الآثمة.
فمن هذا المنطلق: وجب علينا جميعاً خاصة من أرباب الأسر والمعلمين والمعلمات تحصين وتحذير أبنائنا وبناتنا من هذه الفئة الضالة الباغية من أفكارهم الهدامة لأن تحصينهم وتحذيرهم من باب التعاون على البر والتقوى وما تمليه علينا الغيرة الدينية والوطنية على حماية ثروة الوطن الغالية التي لا تقدر بثمن، ألا وهي ثروة الشباب.
فالاهتمام والمتابعة للأبناء وتقديم النصح والإرشاد لهم من جمل ما يقدم لهم في هذه الأيام التي تفتح فيها أبواب الامتحانات وحثهم على الجد والاجتهاد والابتعاد عن مواطن الشبهات وعدم الجلوس مع الغرباء وكثرة الجلوس أمام التلفاز وتجنب المواقع الإلكترونية المشبوهة في شبكات الإنترنت والابتعاد كثيراً عن قرناء السوء الذين لا همّ لهم سوى التجمعات المزعجة كمشاهدة عملية التفحيط المزعجة في الشوارع والطرقات العامة التي من ورائها الأذية للمسلمين.
أخيراً وليس آخراً: نقول للآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات إن أبناءكم أمانة في أعناقكم إلى يوم القيامة وجب المحافظة عليهم من كل ما يصيبهم من الأضرار الجسدية والعقلية، خاصة أضرار المخدرات وأضرار الفكر الضال، واعلموا أنكم مسؤولون أمام الله على تربيتهم، فصلاحهم من صلاح تربيتكم، فكم من أسرة فقدت أعز ما تملك يوم هوى أحد أبنائها في ظلمات تعاطي المخدرات والمسكرات الفاسدة أو إغوائه من أصحاب الفكر الضال المتشدد يوم خطفته من بين يدي ذويه فغسلت عقله فأصبح رهينة بأيديهم يأمرونه بالمنكر وينهونه عن المعروف، فكان له ما كان من الذل والمهانة بسبب فكرهم المنحرف الضال البغيض، بل حتى جعلوا من جسمه الضعيف قنبلة شديدة الانفجار في الأماكن العامة والخاصة تحت ذريعة نيل الشهادة في سبيل الله.
فالله الله بحسن تربية الأبناء أيها الأب الغالي وأيتها الأم الحنونة، الله الله يا أخي المعلم الفاضل ويا أختي المعلمة الفاضلة في توجيه أبنائنا وبناتنا التوجيه السليم كي نجعل منهم القدوة الحسنة في رفعة الدين وحماية الوطن (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
نسأل الله العلي القدير بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يحمي لنا شبابنا وشاباتنا، وأن يحمي وطننا الغالي وأوطان المسلمين، وأن يحفظ بحفظه قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها والدنا الغالي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد الأمين، وأن يعينهم لما فيه خدمة الإسلام والمسلمين، وأن يرد عنهم شر كيد الحاسدين الطامعين، وأن يديم علينا وعلى المسلمين نعمة الأمن والأمان إنه سميع الدعاء ونعم الإجابة.. آمين يا رب العالمين.
وصل الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وقفة: وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه.
القصيم - محافظة عنيزة