القاهرة - «الجزيرة»:
بلغت التكلفة الإجمالية لمشاريع الربط الكهربائي العربي على مدى عقدين ماضيين نحو مليارَيْ دولار. وقالت منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول «أوابك» في تقريرها الشهري إن ما أُنفق على مشروع «الربط الكهربائي الثماني» بلغ نحو 556 مليون دولار، ونحو 196 مليون دولار لمشروع الربط الكهربائي المغاربي، ونحو 1.1 مليار دولار لمشروع الربط الكهربائي الخليجي.
وأضافت المنظمة بأن معدلات استهلاك الطاقة الكهربائية في العديد من الدول العربية تشهد تزايدًا مستمرًا، وبمعدلات مرتفعة، نتيجة لعملية التوسُّع العمراني والزيادة السكانية المستمرة التي تشهدها دول المنطقة منذ عقود طويلة؛ ما استدعى بروز تحديات حقيقية للبحث عن أفضل الحلول الممكنة لتأمين الاحتياجات اللازمة من الطاقة الكهربائية.
وبيّنت أن ذلك يكون عبر ضخ المزيد من الاستثمارات الكبيرة لتقوية شبكات النقل الكهربائية، أو من خلال تنفيذ مشروعات للربط الكهربائي مع الدول المجاورة لها. موضحة أن بعض الدول العربية بادرت بعملية الربط الكهربائي منذ خمسينيات القرن الماضي، ابتداء من مشروع الربط بين الجزائر وتونس عام 1952، مرورًا ببقية المشاريع العربية الثنائية. ولفتت «أوابك» إلى أن التعاون العربي في مجال الكهرباء شهد مرحلة جديدة مع تأسيس الاتحاد العربي للكهرباء عام 1987، ثم إنشاء كل من المجلس الوزاري العربي للكهرباء عام 1994، وهيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي عام 2001. وتهدف تلك المؤسسات إلى تنسيق السياسات العربية في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية. وأشارت إلى أن مشاريع الربط الكهربائي العربي من أبرز الإنجازات الرئيسية في مسيرة العمل العربي المشترك، وهي مشروع الربط الثماني بين (مصر والعراق والأردن ولبنان وليبيا وفلسطين وسوريا وتركيا)، ومشروع الربط المغاربي بين (ليبيا وتونس والجزائر والمغرب)، ومشروع الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وذكرت أنه يتم حاليًا تنفيذ بعض المشاريع الثنائية العربية للربط الكهربائي، من أهمها مشروع الربط الكهربائي بين مصر والمملكة. مؤكدة أن هذه المشاريع تحظى بدعم كبير من قادة الدول العربية، وصدرت بشأنها العديد من القرارات على مستوى القمم العربية والتوصيات على مؤتمرات الطاقة العربية، وتحظى بصفة الأولوية في مشاريع التعاون العربي المشترك.
وبشأن الفوائد الاقتصادية والفنية والبيئية من مشاريع الربط الكهربائي أوضحت «أوابك» أنها تحقق العديد من الفوائد، أهمها تخفيض حجم الاستثمارات في قطاع توليد الطاقة الكهربائية، والتغطية المتبادلة بين الدول في حالة حدوث انقطاع كهربائي مفاجئ. وذكرت أن من الفوائد أيضًا الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة نتيجة لفارق التوقيت المحلي بين الدول، إلى جانب الفوائد البيئية نتيجة التقليل من كمية الانبعاثات الغازية، والمحافظة على مصادر الوقود الأحفوري. موضحة أن مشاريع الربط الكهربائي تحظى بأهمية استراتيجية نظرًا إلى مساهمتها في تعزيز استعداد الدول لمواجهة التحديات المستقبلية في قطاع الكهرباء.
وأشارت «أوابك» إلى الدور الحيوي للصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي في تمويل مشروعات الربط الكهربائي العربي؛ إذ ساهم بنحو 678 مليون دولار، تمثل نحو 34 في المائة من التكاليف الإجمالية لمشاريع الربط الكهربائي العربي، إلى جانب مساهماته الأخرى على هيئة تقديم قروض ميسرة لبعض الدول العربية لتقوية شبكاتها الكهربائية كخطوة أولى نحو تنفيذ مشاريع ربط شبكات تلك الدول بشبكات الدول المجاورة.
ولفتت إلى أن الدول العربية تتجه الآن نحو مسار تكامل السوق العربية المشتركة للكهرباء، عبر مشروع ضخم، يسعى لاستكمال الربط الكهربائي العربي الشامل باتباع نهج تدريجي متناغم ومتماسك لتطوير تجارة الكهرباء وتكامل السوق، بعدما قدمت دراسة «جدوى الربط الكهربائي العربي الشامل وتقييم استغلال الغاز الطبيعي في تصدير الكهرباء»، التي مولها الصندوق العربي بإشراف جامعة الدول العربية، وجاءت بنتائج «محفزة جدًّا».
وقالت إن الأمانة العامة لـ»أوابك» تتابع التطورات في هذا المشروع الاستراتيجي التي بلغت مراحلها المتقدمة؛ إذ تقوم الجامعة العربية حاليًا بتجهيز المسودات النهائية للاتفاقية العامة للربط واتفاقية السوق. وذكرت أن من شأن ذلك تحقيق رؤية السوق العربية المشتركة للكهرباء في توفير آليات سوق إقليمية أوسع نطاقًا لمزودي الخدمة ومنتجي الكهرباء في الدول العربية، وتسهيل تدفق الكهرباء بين بلدان المنطقة كما لو كانت تتدفق داخل دولة واحدة.
كما أكدت الأمانة دعمها المتواصل لكل هذه الجهود البناءة ذات المنفعة المشتركة للدول العربية، وأبانت أن التطورات العالمية المتسارعة في صناعة الطاقة عمومًا، وقطاع الطاقة الكهربائية خصوصًا، تشكِّل فرصًا استثمارية واعدة لإقامة مشروعات مشتركة في الربط الكهربائي بين الدول العربية والدول المجاورة لها، وخصوصًا الأوروبية؛ ما يسهم في ربط وتعزيز المصالح بين الجانبين.