«الجزيرة» - وضاح اليمن:
بعد أن حُشر الانقلابيون في زاوية ضيقة من قبل الحكومة الشرعية والتحالف العربي والمجتمع الدولي وبعد أن فشلت كل ذرائعهم وحججهم الواهية في التنصل من مسؤولياتهم ، واستعادة الحكومة الشرعية بسط نفوذها على معظم الاراضي اليمنية ، وعودة معظم مؤسسات الدولة إلى حضن الشرعية ، عاد الانقلابيين مرة أخرى لممارسة ألاعيبهم ومناوراتهم من خلال محاولة كسب الوقت لإعادة ترتيب صفوفهم وهو ما بدى واضحا من خلال الخروقات التي يرتكبونها مستغلين سعي الحكومة الشرعية ورغبتها لإحلال السلام وإنهاء الحرب ، وقيام التحالف العربي بإيقاف طلعاته الجوية نزولا عند رغبة الحكومة الشرعية أو من خلال محاولاتهم القفز على تراتبية النقاط الخمس في القرار الأممي والأجندة التي اتفق عليها في جنيف 1 وجنيف 2 وذلك بسعيهم الحثيث إلى المطالبة بتشكيل حكومة وفاق وطني يكون لهم فيها نسبة وحصة كبيرة وهو ما سيعد نجاحا لهم في عودتهم للواجهة السياسية بعد أن انقلبوا على الشرعية وبعد أن ارتكبوا كل تلك الجرائم بحق الشعب اليمني التي تعد جرائم حرب بكل المقاييس .
العديد من المحللين السياسيين والصحفيين والإعلاميين يرون بأن مشاورات الكويت في طريقها للفشل وأن خيار الحسم العسكري هو الأنجع رغم أنه الخيار المر .. ومن يتابع تصرفات هذه المليشيات على الأرض يعرف بأن مشاورات الكويت ومحاولة الانقلابيين تطويل أمدها ومماطلتهم ليست سوى استعادة انتشارهم على الأرض وفرض سياسة الأمر الواقع بما تمكنهم من الضغط على افراغ القرار الأممي من محتواه والبدء في تشكيل حكومة وفاق وطني يفرضهم كقوة سياسية جديدة .
الصحفي والمحلل السياسي وليد اليمني قال « القرار الدولي 2216 يشكل مرجعية واضحة للمجتمع الدولي وهو محل إجماع ويعد عبئا ثقيلا على الانقلابيين ، وكل محاولاتهم في الأساس تهدف إلى إبطاله أو الالتفاف عليه أو إلى إيجاد ثغرة لاختراقه» .. وأضاف « الخروقات التي يرتكبها الانقلابيون وتصريحاتهم المصعدة تؤكد أنهم لا يعترفون بشرعية القرار 2016 ولا بمخرجات مؤتمر الحوار ولا بالأقلمة ولا بضرورة تسليم مؤسسات السلطة بحكم أنهم كانوا وما يزالون يسيطرون عمليا على أكثر مفاصل الدولة وعلى قطاع واسع من المؤسسات العسكرية والأمنية بعد اجتياح العاصمة صنعاء .
ويقول الصحفي والمحلل السياسي الدكتور فيصل العواضي « المجتمع الدولي كله متفق على مرجعيات المشاورات والمتمثلة في القرار الأممي 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وهو ما يمثل حصار سياسي لجماعة الحوثي والمخلوع الذين يهدفون إلى الاعتراف بهم كأمر واقع من خلال سعيهم إلى البدء في العملية السياسية قبل مناقشة جدول الأعمال الخاص بالمشاورات ليضمنوا الوصول إلى تشكيل حكومة مشتركة يكون لهم فيها النصف» .. وأشار العواضي إلى أن الهدف الذي يرمون من خلاله الوصول إلى عملية سياسية قبل تنفيذ بنود القرار الأممي وهو ضمان تسليم السلاح الثقيل والمتوسط الذي سيطروا عليه في الفترة السابقة إلى حكومة موالية لهم بعد تثبيت عناصرهم ومجاميعهم في المؤسسة الأمنية والعسكرية والإدارية في الدولة خلال الفترة السابقة من انقلابهم على الشرعية .. وتوقع الدكتور العواضي فشل مشاورات الكويت والعودة لخيارات الحسم العسكري بعد أن نفذ صبر الشرعية والمجتمع الدولي على مناورات الانقلابيين .
أما النقيب وليد الأثوري الباحث والمتخصص في الجانب الأمني فيقول إن الحديث عن تسليم السلاح الثقيل الذي سيطرت عليه جماعة الحوثي أمر غير مجد كون تركيبة الجيش الحالي معظمها محسوبة على مناطق جغرافية محددة تنتمي للشمال وفق إطار ايدلوجي ضيق بالإضافة إلى التجنيد الإضافي الذي قامت به هذه المليشيات في صفوف المؤسسة العسكرية والأمنية خلال الفترة السابقة من اجتياحها وسيطرتها على مرافق الدولة وانقلابها على الحكومة الشرعية .. مؤكداً ضرورة أن تتم عملية التسليم إذا ما وافق الحوثيون على تسليم السلاح وتنفيذ القرار الأممي لقيادات عسكرية متفق عليها وفق معايير خاصة لا تنتمي للولاءات الدينية والحزبية والقبلية ومراعاة تمثيل كل الجغرافيا اليمنية .. وشدد الأثوري على أهمية إعادة تنظيم وتشكيل الجيش اليمني الوطني من كافة الأقاليم اليمنية وتنظيم القوة البشرية والهيكل القيادي وفق معايير وطنية وإلغاء كافة الأرقام والتعيينات العسكرية التي قام بها الانقلابيون في صفوف المؤسسة العسكرية والأمنية .. واعتبر الاثوري أن خيار الحل العسكري هو الحل الأنجع لمواجهة هذه الجماعات الانقلابية التي تمثل عامل عدم استقرار في المنطقة وستعيد إنتاج نفسها من جديد إذا ما تم التساهل والتهاون في مسألة حسم المعركة عسكريا معها .