مثلت عملية تحرير وتطهير مدينة المكلا ومناطق إستراتيجية أخرى في حضرموت الساحل والصحراء بما فيها الميناء البحري والجوي وعدد من المعسكرات الهامة في عملية عسكرية نوعية وخاطفة نفذتها قوات الجيش اليمني والتحالف العربي بمشاركة قوات النخبة السعودية والإماراتية بارقة أمل للشعب اليمني بأن مرحلة اللا أمن قد أوشكت على الانتهاء للدخول إلى مرحلة الأمن والاستقرار في ربوع اليمن، وخاصة أن دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية قد عقدت العزم على ملاحقة عناصر تنظيم القاعدة في اليمن والقضاء عليها قبل أن يستفحل شرها ويطال المنطقة برمتها.
عملية تحرير المكلا من القاعدة وقبلها لحج وعدن وأبين وشبوه يعطي انطباعاً جيداً لدى اليمنيين أن هناك جهوداً ومساعي وحرصاً إقليمياً ودولياً لإخراج اليمن من محنته والمضي به بسلام إلى بر الأمن، خاصة أن هذه العمليات قد أتت متزامنة مع مفاوضات الكويت التى تجري بين الأطراف اليمنية (الحكومة الشرعية والانقلابيين) اللذان أبديا حرصاً على المضي نحو تحقيق السلام الدائم والشامل في اليمن.
صحيح أن الانقلابيين قد أبدوا هذه المرة حسن النية في السعي نحو تحقيق السلام وإنهاء الانقلاب وتطبيق القرار 2216 بذهابهم لمفاوضات الكويت وتوقيعهم على جدول الأعمال الخاصة بالمشاورات والشروع في جلسات العمل المباشرة مع الحكومة الشرعية والتحدث عن رغبه حقيقية في إحلال السلام وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، غير أنهم ما يزالون يراوغون وما تزال أفعالهم الإجرامية في الميدان متواصلة بارتكاب الخروقات والانتهاكات والجرائم بأنواعها بحق الوطن والمواطن وهي في مجملها تتنافى تماماً مع ما أعلنوه ووقعوا عليه وتكشف الوجه الحقيقي لهم بأنهم ليسوا دعاة سلام كما يزعمون، وإنما هي محاولات مكشوفة منهم في الحصول على مكاسب خاصة وضمانات تمكنهم من المشاركة في إدارة شؤون البلد في المرحلة القادمة، الأمر الذي يستدعي من المجتمع الدولي والتحالف العربي ورعاة عملية السلام ممارسة ضغوطات جادة عليهم لضمان عدم التفافهم على القرارات الدولية والمخرجات المرتقبة من مشاورات الكويت.
المرحلة المقبلة اليمن فيها بحاجة إلى وقوف التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية أكثر من أي وقت مضى، أولاً للدفع باتجاه تحقيق السلام الشامل والدائم في اليمن وإنجاح مشاورات الكويت وإنهاء الحرب ومعها معاناة اليمنيين، وثانياً استكمال ما بدأه التحالف بملاحقة القاعدة والقضاء عليها وانتشالها من جذورها من كل مدن ومناطق اليمن ومراقبة عناصرها الفارين وتتبعهم، وثالثاً مساعدة الحكومة اليمنية في مرحلة ما بعد نجاح مفاوضات الكويت بوضع رؤية مستقبلية للنهوض باليمن وتحقيق تنمية شاملة في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والشروع في تنفيذ خطة مزمنة لإعادة الإعمار والمساهمة استتباب الأمن والاستقرار وإزالة كل مخلفات الحرب وشوائبها الفكرية والثقافية حتى يعود السلام والوئام في ربوع اليمن.
إن تنفيذ النقاط الخمس التى حددها القرار 2216 وارتكزت عليها مفاوضات السلام الجارية في الكويت دون مماطلة أو التفاف أو تسويف كفيل بأن يضع اليمنيين على المسار الصحيح لمواصلة السير نحو بناء اليمن الجديد الذي ينشده أبناؤه، وبالتالي ينبغي وضع الآليات والسبل التي تضمن تحقيق تلك النقاط وصولاً إلى تحقيق الأهداف المنشودة.
دعونا نكون متفائلين ونتطلع لأن تكون الأيام أو الأسابيع القادمة حبلى بالمفاجآت السارة، التي ينتظرها اليمنيون بفارغ الصبر، آملين أن يخرج اليمن معها من دائرة الخوف والحرب والمعيشة الصعبة إلى دائرة السلم والأمن والعيش الكريم، هي أمنيات يظل كل يمني يحلم بتحقيقها، ويتطلع إلى الغد الذي يعيش فيه في بلده آمناً مستقراً.
- بشير عبد الله
Yaljazeera@gmail.com