قبل الحديث عن التحديات التي تواجه الكاتبة فلنتحاور حول موقع المرأة السعودية من مراكز صنع القرار وهو موقع مازال متأخرا حتى اليوم.
وأعتقد أن الإشكاليات الاجتماعية التي تواجهها الكاتبة هي تحديات أكثر وأعقد من تلك التي يواجهها الكاتب السعودي. وان كنا في الهم شرق, ابتداء من محدودية الحركة والموضوع وانتهاء بالثمن الباهظ الذي يدفعه الكتاب في حياتهم الخاصة ثمنا للمواجهة الاجتماعية مع مجتمع لايزال معظمه ينظر إلى الكتابة كعادة اجتماعية مستهجنة.
ولم تزل الظروف العائلية التي تحاط بها الكاتبة تحتل موقع الصدارة من التحديات التي تواجه الكاتبة، فحتى اليوم مازالت كثير من النساء المثقفات في بلادي غير قادرات على القيام بدورهن الفكري الثقافي الاجتماعي لتحكم الطرف الآخر بهن وأعني وصاية الذكر عليهن من حيث طلب موافقته في كثير من الأمور مثل السماح لهن بالسفر أوالمشاركة في المناسبات الثقافية أو حضورها أو نشر صورهن في وسائل الإعلام او حتى الخروج عبر حوار تلفزيوني او اذاعي حتى. فكيف ستعرف المثقفة بفكر بلادها وهي محاطة بسياج من هذا النمط؟.
ومايؤسف له أن تناول قضايا المرأة في الصحافة الخليجية لم يزل مجرد استعراض سطحي استغلت فيه المرأة لتحسين صورة بلادها حضاريا لتلميع النظرة العالمية وحسب.
هناك تجاهل غير مبرر لحقوق المثقفة المحلية والمرأة بشكل عام وكذلك تجاوز في التصرف بشؤونها العامة والخاصة وهي سلطة وهبت الرجل إياها القوانين والأنظمة ، لم تزل المثقفة عاجزة عن إدارة شؤونها الخاصة والعامة باستقلال تام كما أنها ظلت محاصرة فكريا من حيث تناول بعض الموضوعات الحساسة كالكتابة عن حقوق النساء أو الكتابة في الجنس أو نقد المنظومة القبلية أو الكتابة العاطفية وماشابه ذلك. وتبقى الرقابة العائلية والوصاية عليها معضلة لابد من تأطيرها بل والتخلص منها وبغير ذلك فلن تبرح الكاتبة السعودية مكانها.
ومايؤسف له أننا مازلنا نعيش جاهلية معاصرة لاتتناسب والقرن الحادي والعشرين وتحديات أزلية كتلك لم تتنح عن كاهل المثقفة السعودية بعد هو ماجعل منها محط تناول ساخن في الصحافة العالمية ومادة شهية للكتابة بالنسبة إليهم. فلا ينبغي أن نناقش ماهو أعلى من ذلك السقف ونحن لم نبرح مكاننا الداخلي.
إن الكاتبة السعودية كلما تخلصت من الذاتية البحتة كانت كتابتها أكثر عمقا وشفافية كما أن الذاتية ليست أمرا سلبيا ولكنها بحاجة الى تهذيب في طريقة تناولها ثقافيا وإبداعيا بحيث تخدم قضايا المرأة بشكل عام.
وفي الآونة الأخيرة برز جيل من الكاتبات المتمردات ذاتيا ولكن لم تزل جرأتهن تتستر خلف الأسماء المستعارة وقد ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي على رواج الاسم المستعار للكاتبة مجددا بعد أن قل استخدامه ولكن يبقى السبب وراء ذلك أن الكاتبة السعودية مازالت تعاني من كثرة التابوهات الاجتماعية والقبلية التي تلاحقها ليس رغبة في تشجيعها واهتماما بما تكتب بل للترصد والوصاية والمنع والتحذير. وفي الطرف الآخر نشأت بعض الكاتبات في بيئة منفتحة مرنة وفرت المناخ الصحي لبناتها الكاتبات ونجحن وبرزن ثقافيا.لم تحد وسائل التواصل الاجتماعية من انتشار قلم الكاتبة السعودية بل على الضد من ذلك فقد كشفت تلك الوسائل التقنية عن لاوعي اجتماعي قبليّ لم يزل يتعامل مع قلم الكاتبة بعصبية وعنصرية بحتة فيشن عليها النقد السلبي والتجريح بل ووصل الحد به إلى اتهامها عقديا ووطنيا بأنها لاتحب مجتمعها وبلادها إذا ماطالبت بالإصلاح وبتصحيح أو ضاع المرأة وتغيير الأنظمة المتعلقة بأحوالها الشخصية مثلا.
- هدى الدغفق