«الجزيرة» - حمد فرحان:
على الرغم من كون السيارات ذاتية القيادة تعد خيارًا مستقبليًا بات وشيكًا في غضون السنوات القليلة المقبلة، إلا أن ما صاحب تجارب هذه السيارات في عدد من العواصم العالمية من حوادث أدى إلى ردة فعل عكسية وأثار مخاوف الكثير من صناع السيارات في العالم، كما أثار هذا النوع من السيارات الكثير من الجدل في العالم، ما جعل البعض يحسب أنها على وشك الانتشار في كافة أنحاء العالم، لكن ثمة تحديات كثيرة تظهر أنه لا يزال أمامها الكثير من الوقت قبل اعتمادها للقيادة بشكل كامل.
وكثفت شركات التكنولوجيا والسيارات جهودها لتطوير عمل السيارات ذاتية القيادة، التي تتولى فيها خوارزميات وبرمجيات وأجهزة استشعار مُتعددة مهمة القيادة. وفي الوقت نفسه تكثر المخاوف حول سُبل ضمان السلامة على الطرق العامة، وتساؤلات أخرى حول الجوانب القانونية والأخلاقية، ومواعيد اعتمادها وهل سيكون ذلك قبل عام 2020 أم بعده؟.
حل مشكلات السعوديين
ويتطلع السعوديون بدورهم إلى إسهام هذا النوع من السيارات في حل الكثير من المشكلات داخليًا، ويأتي في المقدمة الحوادث المرورية التي تعاني منها المملكة، ويروح ضحيتها 60 ألفًا سنويًا (12 ألف حالة وفاة و40 ألف إصابة)، حيث تعد السعودية الأولى من حيث ضحايا حوادث السيارات، حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية.
كما يتطلعون إلى إسهام هذا النوع من السيارات في حل مشكلة الازدحام المروري بعد أن احتلت الرياض المرتبة 76 من أصل 146 مدينة، في تصنيف حركة المرور الأكثر ازدحامًا في العالم، إِذ يبلغ عدد ساعات التأخير فيها 62 ساعة سنويًا. وتبلغ حركة الازدحام في مدينة الرياض خلال الذروة الصباحية قرابة 29 في المائة، وتصل إلى 42 في المائة في فترة ذروة الازدحام مساءً.
كما ستسهم في استغناء الأسر السعودية عن نحو 500 ألف سائق أجنبي يعملون في مختلف المناطق السعودية، ويجوبون بسياراتهم الشوارع ليل نهار.
مخاطرة البشر
وحذر الآلية
قسم المركبات الآلية Department of Motor Vehicles في ولاية كاليفورنيا الأمريكية نشر تقريرًا خاصًا عن حوادث اصطدام تضمنت السيارات ذاتية القيادة يجري اختبارها في طرق الولايات المتحدة الأمريكية.
وُسلط التقرير الضوء على تعقيدات عدة تنتج عن مزج أسلوبين مُختلفين تمامًا في القيادة، ففي ظل ميل البشر إلى المخاطرة، تبدو السيارات ذاتية القيادة أكثر حذرًا.
واتفقت التقارير مع ما كشفت عنه «جوجل» في تقاريرها الشهرية عن حوادث سيارتها ذاتية القيادة، فلم تقع أي منها بسبب خطأ برمجيات القيادة الآلية. وترى المُتحدثة باسم قسم المركبات الآلية في كاليفورنيا، جيسيكا جونزاليس، أن حوادث سيارات جوجل تعكس قيادة السيارات ذاتية القيادة على نحوٍ أكثر حذرًا من البشر.
وسيكون للتقارير عن المرحلة التجريبية دورًا في صياغة اللوائح الجديدة. وقالت جونزاليس: «لحسن الحظ لم تكن هناك حوادث كبيرة، وأغلبها طفيفة وقعت عند السير بسرعات مُنخفضة أو خلال التوقف، ولا يُمكننا حاليًا تحديد ما يعنيه ذلك، لكن نأمل بمُضي الوقت أن يمنحنا صورة أفضل عمّا يجري على الطرق خلال الاختبارات».
بطء سيارات جوجل
وتعرضت سيارة جوجل ذاتية القيادة مؤخرًا إلى أزمة بسبب توقيفها أثناء السير في الطرقات خلال الاختبارات عن طريق ضابط من الشرطة الأمريكية ومنعها من استكمال طريقها، وهذا بعد أن لاحظ سير السيارة بسرعة 24 ميلاً في الساعة (38 كيلو مترًا في الساعة) وهي سرعة قليلة قياسًا بما هو مسموح به للسيارات الأخرى، مما تتسبب في إعاقة الطريق أمام الآخرين مما دفع الشرطي لإيقاف السيارة، وقالت جوجل إن الأمر غير صحيح والسيارة لم تكن تسير بهذا البطء وتعجبت من اتخاذ خطوات ووقفها.
وأعرب مدير مشروع الخصوصية في منظمة كونسيومر واتشدوج Consumer Watchdog غير الهادفة للربح، جون سيمبسون، عن سعادته لإتاحة قسم المركبات الآلية في كاليفورنيا تقارير حوادث السيارات ذاتية القيادة، ويرى أنه ينبغي للجمهور الحصول على معلومات أكثر.
ويرى سيمبسون في هذه التقارير خللاً أساسيًا يتمثل في اعتمادها على رواية الشركات لما جرى، وقال: «أعتقد أننا بحاجة إلى مشاركة طرف ثالث مُحايد»، ودفع ذلك سيمبسون إلى التقدم رسميًا باقتراح إلى قسم المركبات الآلية في شهر سبتمبر الفائت يطلب اشتراط تقديم الشركات المسؤولة عن السيارات ذاتية القيادة مزيدًا من المعلومات حول الحوادث، تشمل مقاطع فيديو وبيانات فنية، إضافة إلى استدعاء الشرطة إلى مواقع الحوادث عند وقوعها، وأضاف: «يُمكن أن يُنبئك الفيديو بما حدث؛ فلدى البشر ذاكرة انتقائيَّة».
الوقت مبكر لاعتمادها
وفي الوقت الراهن تختبر شركة جوجل أربع عشرة سيارة ذاتية القيادة في مدينة أوستن في ولاية تكساس التي لم تبدأ بعد وضع القواعد المُنظمة لهذه الاختبارات، ووفقًا لمنظمة «المؤتمر الوطني لمُشرعي الولايات غير الحكومية فقد أخفق المجلس التشريعي لولاية تكساس في تمرير ثلاثة قوانين تتعلق بالسيارات ذاتية القيادة خلال العام الحالي.
وقال مدير برنامج السيارة ذاتية القيادة بشركة جوجل، كريس أورمسون: «إن جوجل لا تتحمل المسؤولية عن الحوادث التي وقعت خلال تجربة السيارات في الأعوام السابقة»، مشيرًا إلى أن الحوادث ستقع في حالة البقاء طويلاً على الطرقات سواء كانت سيارات عادية أم ذاتية القيادة.
أما شركة دايملر - مجموعة دايملر الألمانية للسيارات فأكَّدت أن الوقت مازال مبكرًا لانتشار السيارات ذاتية القيادة على الطرق قبل عام 2030 وقال توماس فيبر رئيس قسم الأبحاث في دايملر: «ثمة الكثير الذي نفتقر إليه في هذا الشأن».
وأوضح فيبر أن أكبر مشكلة في تطوير سيارات من دون قائد تتمثل في أن مثل هذه المركبات سيتعين عليه في الحالات القصوى أن تبت في مسائل تتعلق بالحياة والموت.
وتابع: «أنه في الوقت الذي يتفاعل فيه السائق التقليدي تلقائيًا مع المواقف الخطرة التي تتعرض لها السيارة، فإن السيارات ذاتية القيادة يجب أن يتم إعطاؤها خلال برمجتها قواعد لاتخاذ مثل هذه القرارات».
يذكر أن كثيرًا من الشركات دخلت في منافسة شديدة على إنتاج سيارات ذاتية القيادة مثل آبل وجوجل ومرسيدس وتويوتا وشيفروليه وغيرها من الشركات التي باتت ترى أن السيارات الكهربائية ذاتية القيادة واقع لا بد منه في قادم السنوات.