الحياة.. والسير في دروب التاريخ المتعرجة استوجب تعامل الإنسان مع المعضلات التي واجهته، فحاول تذليلها بالاختراعات التي تيسر حياته، وكل ما قام الإنسان بعمله، وكل التغييرات التي أدخلها على ما هو موجود في الطبيعة، والأدوات التي صنعها، يدخل تحت تعريف التقنية، وإن كان البعض يصم هذا التعريف بأنه متساهل.
(العلوم المنتجة) بحسب أرسطو طاليس في تقسيمه للعلوم أقرب إلى مفهوم التقنية الحديث، وخطوة إثر أخرى تجاوز الإنسان معارفه ومنجزاته، وصولاً إلى عصر النهضة والذي شهدت فيه أوروبا مطلع القرن السادس عشر تحولاً جذرياً في مفاهيمها العلمية، ثم الثورة الصناعية أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، وفي كل مرحلة كانت الخطى تتسارع ليصل ذلك ذروته في القرن العشرين الذي شهد تطورات تقنية كبيرة جداً.
لتأتي بعد ذلك القفزات المدهشة التي جعلت العالم يعيش لهاثاً تقنياً حقيقياً، يشترك فيه الجميع إنتاجاً وتلقياً بدءاً من الدول التي وجدت نفسها مرغمة على خوض السباق التقني محاولة أخذ مكانتها في منظومة اقتصادية عالمية أصبحت التقنية إحدى أهم روافدها، مروراً بالمدن التي تحاول أن ترسم لها مكاناً في الخارطة التقنية، والشركات الكبرى، انتهاء بالفرد ومحاولاته للحاق بكل جديد في عالم التقنية.
- أسامة سليمان