«الجزيرة» - وكالات:
هل تجد نفسك وقد سال لعابك بمجرد التفكير في التهام ليمونة؟ ربما تكشف إجابة هذا السؤال عن تفاصيل خاصة بعقلك، أكثر مما تكشف عن طبيعة تذوقك للمأكولات ذات المذاق الحامض، كما يقول الصحفي العلمي كريستيان جريت.
هل تعتبر نفسك ذا شخصية انطوائية أم انبساطية؟ للإجابة عن ذلك السؤال ربما يتجه المرء إلى التفكير فورًا فيما إذا كان يهوى حضور الحفلات أو تبادل أطراف الحديث مع الغرباء أم لا.
أو قد تكون لديه إجابة جاهزة بالفعل، حصل عليها من واحد من هذه الاختبارات الموجودة على شبكة الإنترنت، التي تحث مَن يخوضها على التأمل في ذاته وشخصيته.
لكن المشكلة التي تشوب النهج الذي تتبعه تلك الاختبارات - بطبيعة الحال - تتمثل في اعتماده على التبصر الصادق والأمين من جانب مَن يخوضه، فضلاً عن تأثر نتائجه بشكل كبير بعوامل ذاتية، تختلف من شخص لآخر.
فمثلاً: قد يكون المرء من هواة الحفلات بشدة، لكنه لا يجدها بالقرب منه، لا هي ولا أعز أصدقائه كذلك. فهل سيجعله وضع مثل هذا انبساطيًّا أم انطوائيًّا؟
ثمة نهج مختلف عن ذلك كليةً، يتجنب مواجهة تلك المشكلات، ويشتمل على استخدام ليمونة. تحديدًا: عصير ليمون مركز. إنه اختبار ذو تاريخ طويل فيما يُعرف بـ»علم نفس الشخصية»، وهو يسير إلى حد أن بمقدورك إجراءه في المنزل.
ستحتاج هنا إلى ماسحة قطنية ذات طرفين، من تلك التي تُستخدم لتنظيف الأذنين «يطلق عليها كذلك اسم برعم القطن». ويتم ربط خيط قصير بإحكام في منتصف هذه الماسحة تمامًا، ثم ضع أحد طرفيها على لسانك لمدة 20 ثانية.
بعد ذلك، ضع خمس قطرات من عصير الليمون المركز على اللسان، ومن ثم ابتلعها، قبل وضع الطرف الثاني من الماسحة القطنية على طرف اللسان لمدة 20 ثانية أخرى.
وختامًا، اخرج ذاك الطرف تمامًا من الفم، واحمل الماسحة من طرف الخيط المثبت في منتصفها؛ لرؤية ما إذا كانت ستتخذ وضعًا أفقيًّا وهي معلقة في الهواء، أم أن طرفها الذي وُضع على اللسان بعد قطرات الليمون سيميل إلى أسفل؛ وذلك نظرًا لكونه أصبح أثقل من الطرف الآخر.
وهكذا، فإذا تبيَّن أن ذاك الطرف صار أكثر ثقلاً بالفعل فإن هذا يفيد بأن استجابتك لعصير الليمون أسالت قدرًا أكبر من المعتاد من لعابك، وهو مؤشر على أنك - من الوجهة النفسية - شخص انطوائي!
أما إذا ظلت الماسحة القطنية معلقة في وضع أفقي متوازن فإن ذلك يشير إلى أن عصير الليمون لم يثر رد فعل مبالغًا فيه من جانبك، وأنك ذو شخصية انبساطية على الأرجح.
ويبقى بمقدور أي منا تكراره بضع مرات للحصول على نتائج موثوق بها بشكل أكبر. وفي كل الأحوال، فبخلاف بُعدَيْ الانطواء والانبساط، هناك جوانب أخرى للشخصية، يمكن قياسها عبر إجراء ذاك الاختبار، الذي يعتمد على استخدام عصير الليمون.
فقد رأت ورقة بحثية، نُشرت عام 2014، أن بوسعنا استخدام الليمون أيضًا للتعامل مع جانب مختلف تمامًا من شخصية المرء، ألا وهو اختبار مدى قدرته على إبداء التعاطف مع مَنْ وما حوله. وهو جانب يقاس كذلك في أغلب الأحيان من قِبل علماء النفس، عبر استخدام الاستبيانات الخاصة بهذا الأمر.
وهنا تعود العوامل المعتادة من قبيل مدى صدق وأمانة الممتحنين، فضلاً عن الاختلافات الشخصية بينهم، للعب دور في تحديد النتائج.
وفي مسعى لضمان توفير أقصى قدر ممكن من الموضوعية للتجربة، طلبت الباحثة فلورانس هغنمولر وزملاؤها من المتطوعين للخضوع للاختبار وضع ثلاث لفافات من القطن في أفواههم؛ من أجل التعرف على كمية اللعاب التي ستُفرَز، ثم مشاهدة مقطعَيْن مصوَّرَيْن، مدة كل منهما دقيقة واحدة.
ويُظهر أولهما رجلاً يعكف على تقطيع ليمونة، ومن ثم امتصاصها. أما الآخر، الذي يشكِّل نموذجًا لما يعرف بالظروف الضابطة للتجربة، فيتضمن الرجل نفسه، لكن خلال نقله كرات ملونة من وعاء، قبل وضعها على طاولة.
بعد ذلك، وزن الباحثون لفافات القطن، ووجدوا أن إفراز لعاب المبحوثين زاد - بوجه عام - عند مشاهدتهم المقطع الذي يُظهر الرجل وهو يمتص الليمونة، مقارنة بما جرى حينما شاهدوا ذاك الذي يصوِّره وهو ينقل الكرات.
ويشكل ذلك نموذجًا لما يسميه علماء النفس «الصدى التلقائي»، وهو مصطلح يشير إلى الشاكلة التي نحاكي من خلالها تلقائيًّا الأحوال الفسيولوجية لبعضنا، كأن نتثاءب عندما نرى شخصًا آخر يُقْدِمُ على ذلك، أو أن نجفل عند رؤية مَنْ يعانون الألم. ولكننا نختلف فيما بيننا في مدى حساسيتنا حيال مثل هذه الأمور.