نحن البشر تحكمنا عواطفنا في كثير من الأحيان، خاصة في بيئة العمل التي تتطلب تحكيم العقل والمنطق. فالبيت تسوده عادات وقيم ومبادئ محددة ومقبولة من قبل جميع أفراده، أما في بيئة العمل فهناك العديد من الجنسيات والثقافات والمعتقدات، وليس هناك مبرر لأن يحتقر شخص ما زميلاً له في العمل ويكن له العداء لمجرد كونه من بلد آخر أو لأنه يعتنق ديناً غير دينه!، هذا الأمر ينافي كلياً مبدأ التسامح الذي أمر به ديننا الحنيف.
إضافة إلى التعصب هناك العديد من الحالات التي توضح أثر المشاعر السلبية على العاملين داخل المنظمة، يظهر ذلك جلياً عندما يتجاوز الموظفون حدود المنافسة الشريفة -والتي هي مطلب أساسي للإبداع- إلى الغيرة والحقد التي ستلحق أضراراً بالغة لا محالة على الموظفين والمنظمة ككل. فكيف سيعطي الموظف أفضل ما لديه في بيئة مشحونة بالبغضاء والكره؟.وبيئة العمل السليمة هي التي تحقق للموظف الرضا الوظيفي من كافة النواحي، من الناحية النفسية بتشجيع روح التعاون والمشاركة بين الموظفين والمساواة وفض أي نزاع فور حدوثه، وإسناد المهام تبعاً لحالة الموظف النفسية والجسدية فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، أما من الناحية المادية فتهيئة بيئة مريحة وإنارة كافية وتكييف أمر ضروري، كما أن صرف الرواتب في وقتها دون تأخير ينعكس تماماً على أداء الموظف. والمدير الناجح يرصد المشاعر السلبية ويتفهم مسبباتها ويعمل على تقويم أي اعوجاج من شأنه التأثير سلباً على المنظمة، فكما نعلم أن التحكم في العواطف وتجنب الروح السلبية بين الموظفون تجعل بيئة العمل أكثر إنتاجية.
ومشاعر الموظف تتأثر بعدة مؤثرات ويتأثر تبعاً لذلك مزاجه مما يؤثر وبشده على أداءه داخل المنظمة -سلباً أو إيجاباً-، قلة النوم خير مثال على ذلك، إضافة إلى الإجهاد وقلة النوم هناك مناخ العمل ونظام الحوافز ومراعاة ظروف الموظف الصحية ومنحه إجازة إذا ما تطلب الأمر.ولذلك نرى العديد من الشركات العالمية الكبرى التي تحترم موظفيها وتقدر عملهم وتعمل على راحتهم بتقديم عدة خدمات تسهل حياتهم وتساعدهم على التركيز في العمل ورفع الجودة وزيادة الإنتاج، فالمرأة العاملة لا تقدر على أن تجعل جل اهتمامها في عملها بينما هي مشغولة بالتفكير في من سيعتني بأطفالها أثناء غيابها، وهذا الأمر الذي أخذته شركة (جوجل) في الحسبان، فقد وفرت حضانة للأطفال وأماكن لاستراحة الموظفين وكافتيريا وغسيل ملابس مجاني إضافة إلى الفحص الطبي، كما وفرت صالة رياضية مجهزة بكافة الأجهزة إيماناً منها بأثر الرياضة الإيجابي على تحسين مزاج موظفيها وبالتالي زيادة إنتاجيته، وكما قيل سابقاً العقل السليم في الجسم السليم.
المشاعر التي يحس بها البشر لا تختلف من شخص لآخر، فجميعنا نفرح لربح ونحزن لخسارة بنفس الطريقة، الاختلاف يكمن في طريقة التعبير عن هذه المشاعر أو تفسيرها في حال صدرت من شخص آخر، ففي الولايات المتحدة الأمريكية الطريقة السائدة لزيادة إنتاجية الموظف ورفع الجودة تكون بزيادة حماس وحب الموظف للعمل إما عن طريق الحوافز والعلاوات وغيرها، بينما نجد في الصين التعبير السلبي من قبل المدير لإشعار الموظف بالتقصير أمر مطلوب ليزيد من إنتاجيته.
المراجع
Stephen T.Robbins.
Timothy A. Judge، Elham S. Hasham Stephen T. Robbins. (2012). Organizational Behavior. pearson.