لا نثق في #الحوثيين مطلقاً، ما لم يتحولوا إلى حزب سياسي واضح ومعترف به وفق القانون والدستور، لأنهم كمكون سلالي عِرقي لم يكن لديهم رغبة أصلاً في حل القضايا الصغيرة والحُجج الآنية التي نادوا بها وامتطوها لتوسعهم وقتال النظام وإغفال المجتمع.
- لم يكن للحوثيين مظلمة خاصة مثل الجنوبيين مثلاً، كُشف مطلبهم الوحيد بإقامة دولة سلالية تعترف بتمجيد العِرق الهاشمي على اليمني، ولو كان لهم رغبة في طرح قضية ما، وحلّها عبر التفاوض مع الدولة في حينه لكان ذلك أمراً مقبولاً على الأقل، ولما احتاجوا إلى إدارة ستة حروب عبثية على النظام والمجتمع.
- هل يستطيع عبدالملك الحوثي أو الذين يقفون معه تحديد ماذا يريدون منذ أول يوم لإعلان تمردهم على الدولة في 2004م؟، لن يستطيع أحدٌ الإجابة إلا بالقدر الذي يجعلك تتقيأ أمامه وهو يبرر لك عن الانتصار للإمام الحسين وكربلاء.
- إننا دوناً عن كل هذا العالم نواجه خرافة مستحيلة، فنتازيا البحث عن ورقة الولاية تشبه فيلم الباحث عن «سيد الخواتم»، يُشاركنا الفلسطينيون في تغريبة واحدة، أنانية تستوطن الحق الأصلي لتقضي على الهوية اليمنية وتُسيد عِرقاً يخدعنا بجوازه اليمني، وهو يتحدث بغرور عن نسب رفيع يرفض أبسط علاقات المجتمع داخل أطره العامة والفطرية وهو الزواج.
- إننا لا نواجه جيشاً إيرلندياً يريد الانفصال، ولا جماعة إرهابية دينية تؤمن تطبيق شريعتها بالعنف، ولا حراكاً شطرياً يدعو للعودة إلى الوراء، بل جيشاً مُسلحاً وعنيفاً من العنصريين البغضاء الذين لا يريدون العيش معنا داخل أرضنا إلا بكوننا مخلوقات مُسخرة لهم، خدعوا أجدادنا وتملكوا الأودية والحقول وبسطوا نفوذهم الكهنوتي على العقل اليمني الذي كان مهتماً بفلسفته الخاصة في بناء الدور الجميلة وطابعها المعماري المدهش، اليمني الذي كان فلاحاً بُحكم الطبيعة التي أهدته أرضاً خصبة ومتنوعة ومناخاً عاشقاً للسكينة والسلام، اليمني الذي كان ينحت من الجبال بيوتاً، ويُنفخ فيها الروح ويبعث في قساوتها الحجرية الصماء خضرة الحياة ومدرجات الزراعة، اليمني الشهم، المتحضر الذي يُفكر ويؤمن بالرسالة السماوية كدين قائم على المنطق والحُجة والبرهان.
- إننا نقاتل لإنقاذ عِنب «بني حشيش» التي حولها الحوثيون إلى مخازن أسلحة، ورُمان صعدة الذي صار قنابل يدوية، وبرتقال مأرب، ولوز خولان، وقمح جهران، وبُن وادي الدور، وبيادر العلف، وموز وادي رماع، و16 مليون هكتار من المراعي الطبيعية وصحراء الخيال البدوي الصاخب بالشعر والترانيم، إننا نقاتل ليتخلى اليمني عن البندقية ليعود إلى حقله ومنجله، وأرضه التي يعشقها، وأنعامه التي يربيها، وأبقاره التي يشرب حليبها ولبنها، ونوقه التي لا يعقرها، نقاتل لنستعيد الشجرة ونقتلع الألغام الكثيرة التي زرعها الحوثيون في حقول الوطن ووديان البلد الذي صار تعيساً وممزقاً.
- إننا نواجه جيشاً يتكاثر من النصابين الذين يدّعون الحق الإلهي في حُكمنا، يمنُّون علينا أن أسلمنا لله، يحاولون الاستئثار بالقرآن الكريم كأحد المخطوطات الخاصة التي كتبها (جدّهم)، فلا يجوز لنا أن نفهمه إلا في الإطار الذي يرسمونه ويحددونه، باعتبارهم أدعياء الورثة الدائمين لهذا الكتاب المقدس.
- يجب أن يفهمنا العالم، ويؤمن بقضيتنا العادلة في أننا اخترنا أن نحكم بلدنا بأيدينا، نحن اليمنيين، كأمة تزاوجت واختلطت فيها الأعراق والانساب والهجرات، كعرب أصليين هاجروا إلى كل بلاد الدنيا ليزرعوا العروبة في الأرض، فتنبت لغة الضاد حُبلى بأحفادها الذين يشكلون اليوم خارطة الوطن العربي الكبير.
- هذه قضيتنا، وتغريبتنا الطويلة، أنشودة الأمل وصراع الأرض مع الاستعمار، الفلاح مع الإقطاعي الجشع، الإنسان مع الشيطان، أولاد آدم مع أبناء إبليس، الخير في مواجهة الشر.
- لقد أفرغ عبدالملك الحوثي المدن من ساكنيها، وزاد عدد ساكني المقابر.. فهل يسمعنا أحد؟
.. وإلى لقاء يتجدد
- كاتب وصحفي يمني