الجزيرة - واس:
أكمل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أمس عامه الأول، بعد أن قدّم حزمة من المساعدات الإغاثية لعدد من الدول العربية والإسلامية وفي مقدمتها اليمن الشقيق، الذي بلغت تكلفة المساعدات المقدمة له (مليار و600 مليون ريال) للتخفيف من معاناة الأشقاء اليمنيين في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشونها، بجانب علاج (4100) مصاب منهم في مستشفيات المملكة العربية السعودية، والأردن، والسودان. تكفّل المركز بنقلهم ومرافقيهم إلى هذه المستشفيات حتى عودتهم إلى بلادهم سالمين - بحمد الله. ووضع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - حجر أساس المركز في مدينة الرياض بتاريخ 24 رجب عام 1436هـ، بحضور فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية، وعدد من ممثلي المنظمات الإغاثية الدولية، وأمر حينها - رعاه الله - بتخصيص مبلغ (مليار ريال) للمركز، كدعم جديد يضاف إلى مبلغ (274) مليون دولار كانت قد قدمته المملكة في 29 جمادى الآخرة 1436هـ للأمم المتحدة بعد 24 ساعة من النداء الذي أطلقته لتلبية الاحتياجات الإنسانية في اليمن. واتضحت مهام مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية من الكلمة الضافية التي ألقاها الملك المفدى عشية رعايته حفل تأسيس المركز حينما قال - أيده الله: إن مركز الملك سلمان للإغاثة سيكون مركزاً دولياً رائداً لإغاثة المجتمعات التي تُعاني من الكوارث بهدف مساعدتها ورفع معاناتها لتعيش حياة كريمة، وسيولي أقصى درجات الاهتمام والرعاية للاحتياجات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني. وشدّد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على أن عمل المركز يقوم على البُعْد الإنساني، ويبتعد عن أي دوافع أخرى، ماضيًا في مسيرته الإنسانية بالتعاون مع المؤسسات والهيئات الإغاثية الدولية المعتمدة، وفي إطار عملية إعادة الأمل التي أطلقها - حفظه الله - لتقديم أقصى درجات الاهتمام والرعاية للاحتياجات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني الشقيق. ويعود تاريخ مواقف المملكة الإنسانية في مد يدّ العون للدول المحتاجة إلى عام 1950م، حين قدمت مساعدات إنسانية لمتضرري ضحايا فيضانات بنجاب، واستمر هذا النهج الإنساني حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - رعاه الله - الذي ترأس منذ عام 1956م العديد من اللجان الإغاثية في المملكة المعنية بتقديم المساعدات الإنسانية لعدد من الدول العربية والإسلامية الشقيقة. وعدّت المملكة العربية السعودية من ضمن أكبر عشر دول في العالم من حيث قيمة وحجم المعونات والاستجابة لرفع المعاناة وإغاثة الشعوب والدول والأفراد، بحسب ما ذكر لـ»واس» معالي المستشار في الديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة، مؤكدًا أن رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - رعاه الله - لتأسيس المركز عكست ما تتحلى به هذه البلاد الطاهرة من سبق في الدعم والعطاء وخدمة البشرية. وتبوأت المملكة العام الماضي المرتبة السادسة ضمن قائمة أكبر 10 دول مانحة للمساعدات الإنمائية في العالم - طبقاً لإحصاءات منظمة الأمم المتحدة - وتجاوز إجمالي ما أنفقته على برامج المساعدات الإنسانية خلال العقود الأربعة الماضية مبلغ (115 مليار دولار) استفاد منها أكثر من 90 دولة في العالم. وأفاد معالي الدكتور عبدالله الربيعة أن توجيه خادم الحرمين الشريفين بأن يكون مركز الملك سلمان للإغاثة مركزاً دولياً للإغاثة والأعمال الإنسانية يدل على ما يوليه - حفظه الله - من اهتمام بالغ بالعمل الإغاثي والإنساني، ويحمل رسالة واضحة للعالم بأن المملكة عنوان السلم والسلام والحرص على حياة الإنسان وكرامته، من خلال ما تبذله من جهود مضنية لرفع المعاناة ومساعدة الشعوب والمجتمعات المتضررة دون تمييز بين لون أو عرق. وعززت جهود المملكة الإنسانية في العالم التي أضيفت لها جهود مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، حصولها على الموافقة الدولية للانضمام بصفة مشارك إلى لجنة المساعدات الإنمائية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (باريس - OECD) التي تعد أكبر تجمع للدول المانحة في العالم. وأشار معاليه في ذلك الصدد إلى أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أرسل وفدًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في باريس، للالتقاء بمسؤولي لجنة المساعدات الإنمائية التابعة للمنظمة، وتم إبلاغ الوفد حصول المملكة على هذه العضوية، على أن يتم الإعلان الرسمي عنها في اجتماع المجلس خلال الفترة القريبة القادمة. ولم تقف الجهود إلى هنا وحسب، بل سعى معالي الدكتور عبدالله الربيعة إلى تسجيل اسم مركز الملك سلمان للإغاثة ضمن المنظمات الدولية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة خلال زيارة قام بها إلى نيويورك في أكتوبر 2015م التعزّزها بلقاء أعضاء مجلس الأمن الدولي لعرض جهود المركز، بالإضافة إلى لقاء مسؤولي المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة والمؤسسات الخيرية المهتمة بالشأن الإغاثي والإنساني، كمؤسسة «مالندا» و»بل غيتس» الخيرية بغية الاستفادة من أعمالهم الخيرية في تطوير العمل الإغاثي والإنساني لمركز الملك سلمان للإغاثة. وأبرم المركز العديد من الاتفاقيات والبرامج التنفيذية التي تخدم أعماله الإغاثية والإنسانية، وصمم العديد من المشروعات الإغاثية الإنسانية والصحية لمساعدة المتضررين في العالم، مثلما جرى خلال عام 2015م حيث تم إغاثة (22500) شخص في طاجكستان من أضرار الفيضانات والزلازل، وتوزيع سلاسل غذائية على (60055) شخصًا تعرضوا لكارثة جفاف في موريتانيا. وانفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بتقديم مساعدات للمناطق السورية الأكثر تضررًا، وقّع معالي الدكتور عبدالله الربيعة في 25 جمادى الأولى 1437 هـ مع الأمين العام للاتحاد الدولي للصليب والهلال الأحمر الحاج أمادو سي، اتفاقية مشتركة لإعداد برنامج تنفيذي مع الاتحاد الدولي للصليب يتم بموجبه تقديم المساعدات للمناطق الأكثر تضرراً في سوريا. وفي 17 رجب الجاري، أطلق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مشروع توزيع (7000 طن) من مساعدات المملكة العربية السعودية من التمور منها (4 آلاف طن) مخصصة لمساهمة المملكة خلال عام 2015م لبرنامج الأغذية العالمي الذي سبق أن تبرعت له عام 2008م بمبلغ (500) مليون دولار، وعد أكبر تبرع يحصل عليه البرنامج في تاريخه. وحرصاً على إنجاح مهام مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في اليمن، فتح المركز فرعاً له في محافظة عدن، ليكون مقرًا للإشراف على الأعمال الإغاثية والإنسانية في اليمن، في حين أكد معالي الدكتور عبدالله الربيعة أنه إذا ما دعت الحاجة لوجود مكاتب أخرى للمركز في أي مكان فسيتم العمل على ذلك على الرغم مما واجهته أولى حملاته الإغاثية من عمليات نهب، وصعوبة في الوصول إلى المناطق المتضررة بسبب الحصار الجائر عليها. ونوه معاليه إلى أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يعمل الآن بشكل احترافي في مجال الإغاثة من خلال عدد من موظفيه الذين اكتسبوا الخبرة في هذا المجال وحرصوا على تطوير قدراتهم، مبينًا أن المركز نسّق مع قوات التحالف والجهات المعنية في المملكة لتجاز كل العقبات التي تقف أمام جهودهم في إيصال المعونات الضرورية للمحاصرين في اليمن عبر الإنزال الجوي. وكشف عن أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يعمل حاليًا على إكمال التنظيمات الخاصة بتوجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بأن يكون للمركز شخصية اعتبارية مستقلة ونموذجاً فريداً لخدمة الإنسانية، ومظلة لجميع الأعمال الإغاثية والإنسانية التي تقدمها المملكة لجميع الدول المنكوبة تجنباً لعدم الازدواجية في العمل. وبين معالي الدكتور عبدالله الربيعة أن المركز يخطط لفتح العمل التطوعي، ويبحثون عن خبراء في هذا المجال لتأصيل العمل على أسس علمية ممنهجة، كما يعدون دراسة للتوسع في العمل التطوعي ليشمل الدول التي تصلها المساعدات الإنسانيّة، موضحًا أنه تم مؤخراً تعيين أحد الكوادر الوطنية لتنفيذ هذا المشروع بالتنسيق مع الجهات المختصة. وأفاد أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يتطلع لإنشاء مركز للبحوث والدراسات الإنسانية والإغاثية، حتى يسير عمله بطريقة علمية ممنهجة بعيدة عن التقليدية، لافتًا النظر إلى أنه سيتم الاستفادة في هذا الصدد من المراكز البحثية في جامعات المملكة التي لها اهتمام بالمجال الإنساني والإغاثي. زد على ذلك، فقد أكد الدكتور الربيعة أن المركز يسعى لتطوير آليات عمله الإغاثية من خلال الاستعانة بخبرات المنظمات والهيئات الدولية المختصة في هذا المجال، بجانب الاهتمام بقيام المركز بعمل احترافي يرتقي بعملية إيصال المساعدات التي تقدمها المملكة لشعوب العالم المنكوبة والمتضررة وفق إستراتيجية واضحة تتماشى مع المعايير الدولية. يأتي ذلك في الوقت الذي كشف فيه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في إحصائية أخيرة له عن أن إجمالي عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية في العالم يبلغ (125.3) مليون إنسان، وإجمالي عدد المتوقع حصولهم على المساعدات بلغ (87.6) مليون إنسان، مبينًا أن قيمة متطلبات تمويل المساعدات الدولية تبلغ أكثر من (20) مليار دولار.