استبشر المجتمع السعودي بجميع فئاته بعد الإعلان عن رؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030م ضمن خطة التحول الوطني من قائد بوصلة التغيير نحو التطوير صاحب السمو الملكي ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه.
تلك الرؤية الطموحة للمملكة العربية السعودية التي ستسهم إن شاء الله في دفع عجلة التنمية والرقي بالوطن ومجتمعه معًا.
يظن البعض أن مؤيّدي الرؤية الذين يثنون عليها هم مجرد مطبلين، ولم يعلموا أن الثناء على إيجابيات وطنك هو جزءٌ من وطنيتك وليس تطبيلاً أهوج، خاصة إذا جاءت تلك الإيجابيات بعد نقدٍ بنَّاء للذات وكانت في منتهى الشفافية؛ فإنها تعني صدق العزيمة في الإصلاح والتغيير نحو الأفضل مما سيسهم في نجاحها المستقبلي إن شاء الله.
إن الرؤية التي استعرضها أمير الشباب محمد بن سلمان لم تأتِ إلا بعد إخضاعها للنقد البنَّاء الذي تجرد فيه سمو الأمير محمد بن سلمان عن ذاته ووزارته التي يديرها حين قال سموه: بأنه سوف يطبّق على نفسه عدم الاستفادة من الدعم الحكومي للماء والكهرباء والمشتقات النفطية التي سيستفيد منها ذوو الدخل المتوسط والمحدود، وكذلك من خلال نقده للهدر المالي المنصب على البنية التحتية ومباني وزارة الدفاع مقارنة بالدول الكبرى. (وهو مؤشر لتقليل الصرف على هذا الجانب في القريب العاجل).
وعلى رغم كون سموه رئيسًا لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بالمملكة العربية السعودية انتقد الأمير محمد بن سلمان الإدمان الذي تعيشه المملكة العربية السعودية على النفط كأهم مصدر لاقتصاد البلاد داعيًا إلى التحرّر منه، ومبينًا الخطر الكبير من التعامل مع أرامكو وكأنها سرٌّ لا يعلم حقيقته أحد، وأكد سموه على ضرورة الشفافية والوضوح كحق مشروع للمواطنين.
ولم تقتصر الشفافية والوضوح مع المواطن إلى هذا الحد، بل وصل بسموه الأمر إلى التصريح بأن فشل وزارة المياه في إعادة هيكلة الدعم كانت هي السبب الرئيس في إقالة الوزير. قالها سمو الأمير محمد بن سلمان هكذا؛ لأنه يعلم بأن عصر (أعفي بناءً على طلبه) قد انتهى، فنحن في زمن الجزاء مقابل العمل، ولن يبقى سوى الوزير العامل لأجل تحقيق رؤية السعودية 2030 .
وهذا ينطبق - أيضًا- على تغيير رئيس هيئة مكافحة الفساد؛ ما يعني أن الملك وسمو ولي عهده - حفظهما الله- كانا غير راضيين عن أداء هيئة مكافحة الفساد.
وانتقد سمو الأمير محمد بن سلمان ضعف مساهمة القطاع الخاص بالمملكة العربية السعودية في زيادة الناتج المحلي للبلاد، وعدم الاستفادة المثلى والقصوى من طاقات أبناء وبنات الوطن؛ وكذلك انتقد سموه قطاع الإسكان، والتخطيط للمشروعات الحكومية، وتحدث الأمير محمد بن سلمان عن إنشاء مكتب لإدارة المشاريع الحكومية يقوم بتسجيل الخطط والأهداف وتحويلها إلى أرقام تمكننا من قياس أدائها بشكل دوري.
ومن خلال (البطاقة الخضراء) سلط سموه الضوء على ضعف الاستثمار الأجنبي في المملكة العربية السعودية، وأن هذه البطاقة ستساعد على تقليص التحويلات المالية للخارج، وستسهم في الاحتفاظ بهذه الأموال - قدر المستطاع- ضمن الدورة الاقتصادية المحلية للمملكة العربية السعودية.
وجاء آخر تلك الانتقادات لسمو الأمير محمد بن سلمان على صيغة تعجب؛ إذ كيف لأهم بلد إسلامي فيه قبلة المسلمين وعاصمة دولته أن لا يكون فيه متحف إسلامي!! ولا يستفيد من أكبر عدد ممكن للمعتمرين!!
إنها إصلاح اقتصادي لتنمية شاملة برؤية شفافة وناقدة ستجعل من المملكة العربية السعودية قوة استثمارية رائدة تتيح الفرص للجميع دون تمييز.. إنها ربيع اقتصادي مثمر.. وإننا نحن السعوديين مؤمنون بصدق تحققها على رغم وسمها بعام 2030م، تماماً كما حقق الله - عزَّ وجلَّ- رؤيا نبينا يوسف عليه السلام بعد عدة عقود.
ندعو الله أن يحقق لنا هذه الرؤية لنعيشها واقعًا ملموسًا، وأن يديم علينا نعمة الأمن والإيمان.
د. نايف بن علي السنيد الشراري - جامعة الجوف