أشكو إليكَ .. وأشكو منكَ .. يا وطنُ
قلبي بحبِّك مُكْتَظٌّ ومُفْتَتِنُ
طولاً وعَرْضًا قد امتدَّتْ مساحتُهُ
في خافقي مثلما امتدَّتْ بك المدنُ
وليس حبُّكَ مملولاً، ولا بَرِمَتْ
به حنايايَ .. طاب السَّكْنُ والسَّكَنُ
عجبتُ! كيف حَوَتْكَ الخافقاتُ بها
يا شاسعًا .. وَهْيَ فينا مُضْغَةً تَزِنُ؟!
يا شاسعَ الشأو، قد أوغلْتَ مُنبسطًا
ومُشْمخِرًّا إلى أن هانت القُنَنُ
ففي رحابك كَلَّ السائرون بها
وفي فَخارك عَيَّ الشاعرُ اللَّسِنُ
كأنما يتبارى في امتدادك - يا
رَحْبَ المدى - الأرضُ..والأمجادُ..والزمنُ
رَحُبْتَ أرضًا وصدرًا كم ثوى ضَجِرٌ
في رَحْبَتَيْكَ فزال الضيقُ والحَزَنُ
كم من شريدٍ نَفَتْهُ داره فأوى
إليك .. لولاك طال الأَيْنُ والظَّعَنُ
الناس حولك باتتْ غيرَ آمنةٍ
وأنت بالله لا بالناس مؤتمَنُ
قد سَرْبَلَتْكَ من النعمى بُلَهْنيةٌ
نضا بها عنكَ ثوبًا عيشُك الخَشِنُ
كَساكَها اللهُ، لولا الله ُما رَفَلَتْ
سهولُك اللُّدْنُ بالنعمى ولا الحُزُنُ
جاورتَ بحرين مُذْ أن كنتَ فاكتسبا
من نبل طبعك .. لا بخلٌ .. ولا وَهَنُ
أَعْدَيْتَ جارَيْكَ.. ما أنداكَ يا وطني!
حتى طباعُك ليستْ فيك تُرتَهنُ
حَدَّاكَ لا يَحجزان العُرْفَ عن بلدٍ
عافٍ فكم عَبَرت للمعتفي المننُ
حَدَّاكَ مثلُ ذراعَيْ من يهشُّ إلى
آتٍ فأنت طَوالَ الدهر تحتضنُ
لو لم يكن فيك إلا طيبةٌ لكَفَتْ
فخرًا فكيف وبيت الله مقترنُ؟
من ذا الذي في هواك -الدهرَ- يعذلني؟
طهرٌ هواك .. فلا زيفٌ .. ولا دَرَنُ
قد طبتَ يا ساكنًا فينا .. ويا سَكَنًا
لنا، كلانا لبعضٍ في الهوى وطنُ
يا أيها الساكنُ المسكونُ لا اضطربتْ
بك الأمور، ولا هاجتْ بك الفتنُ
- فهد بن علي العبودي