هل باتت مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر-فيسبوك-كيك-يوتيوب ...) افتراضية كما كانت عليه من قبل ؟!
إذا كنا نقصد بالافتراضي من الفرضي وهو غير الحقيقي بمعنى أنه افتراض نفترضه و ليس واقعا نعيشه فإن مواقع التواصل حاليًا تدل على عكس هذا النعت الذي ننعتها به، فقد تكون بدايتها افتراضية حينما كان المجتمع يتعامل معها بريبة وتخفي كما كان في المنتديات الإلكترونية في أعوام سالفة، و لعلنا لاحظنا بعض الأسماء المستعارة التي كانت تختفي بها في تلك المنتديات تعلن ظهورها في مرحلة مواقع التواصل ؛ مما يخلخل هذا الوصف و بالخصوص في مرحلتنا الآنيّة .
و لعل مما يعزز رأيي في تحول المواقع التواصلية من الافتراضي إلى الواقعي ما نراه من تأثير مباشر على الواقع الفعلي عندما يبدأ هذا التأثير من (تويتر-فيسبوك-يوتيوب ...) وينتهي بالإنسان ذاته، فهو انطلاق من الإنسان إلى الشاشة إلى الإنسان، فهناك علاقة جذب بين الإنسان والشاشة و الإنسان المستقبل، و الموقع التواصلي هنا يلعب دور المرسل والمستقبل في الآن ذاته فهو مرسل باعتبار التأثير الذي يحدثه في الواقع و هو مستقبل باعتبار الإنسان الأول المنشئ لحساب تويتر، وهاته العلاقة الثنائية التي يتعاطاها موقع التواصل هي التي منحته فرصة التحول من الافتراضي إلى الواقعي .
و حتى نعلم مدى تأثير موقع التواصل في الواقع باعتباره مرسلا و مستقبلا في الحين نفسه فما علينا إلا استحضار بعض النماذج التي أثرت في الواقع الفعلي مبتدئةً بالواقع الإلكتروني، ومن هاته النماذج إيقاف الشاب حمزة كاشغري إثر تغريدته المشهورة التي فهم منها الكثير شتم الرسول، فهذه التغريدة بلغ الأثر فيها إلى اتخاذ قرار سياسي بإيقافه والتحفظ عليه، وهناك الكثير من الأمثلة التي تدل على فاعلية مواقع التواصل واقعيًا وأوضح هذه الأمثلة الأثر الذي شاركت به في التغيرات السياسية في شتى بلدان العالم العربي ، فلم يعد موقع التواصل افتراضيًا كما بدأ.
و دخول الإنسان في حوارية مع هذه المواقع و التفاعل معها باعتبار حواري و ليس باعتبار تلق من طرف أحادي كما هو في الإعلام التقليدي (التلفاز-الصحف الورقية) يدل دلالة ظاهرة على واقعيتها ، و على ضعف سلطتها المباشرة على الإنسان كمتلقٍ فحسب ، فتحول من خلالها إلى متسلط هو أيضًا ، بمعنى أنه يشكل واقعًا خارجيًا و ذاتيًا له، فالإنسان في مواقع التواصل هو في مضمار الواقع، و أثره في هذا الواقع يظهر من خلال علاقة التأثير والتأثر المتبادلة بينهما من خلال مواقع التواصل.
- صالح بن سالم