(تعيش باناغيوتا فاسيليداو البالغة من العمر 82 في بلدة إيدوميني في اليونان التي يسكنها 150 شخصاً أغلبهم من المتقاعدين، وتقع بجوار الحدود مع جمهورية مقدونيا اليوغسلافية السابقة والتي شهدت العام الماضي تدفق أكثر من مليون لاجئ ومهاجر إلى أوروبا. تعرف بايوتا جيداً معنى أن يفقد المرء مأواه، فهي خسرت منزلها في الحرب العالمية الثانية. في البداية كانت توزع الثياب والطعام على المارة من اللاجئين، ثم استضافت خمسة لاجئين ليعيشوا معها في منزلها الصغير، تطهو لهم يومياً وتقاسمهم طعام الغداء).
تناقلت القنوات الإخبارية خلال الاسبوع الماضي هذا الخبر من خلال تقرير مصور ولقاء لم يتجاوز دقائق مع امرأة جسدت من الإنسانية مثالا حيا في وقت فقد العالم الأمان في أبسط معانيه ..
منذ أن شاهدت تلك العجوز الملائكية وهي تتحدث تذكرت المثل القائل ( فاقد الشيء لا يعطيه ) الذي كتبت يوماً في إحدى تغريداتي أنني غير مؤمنة به نهائياً لأننا لابد أن نجد في هذا العالم صورامشرقة للعطاء رغم الجحود وللوفاء رغم الخيانة.
هذه المرأة التي لم تغب صورة حالتها وهي طفلة عن ذاكرتها أبداً ولم تصبها تلك العقدة ولم تحقد وتقول لمن يعانون أمامها أنه قدر لهم ولا بد أن يعيشوه . حاولت أن تخفف عنهم بطهي الطعام وتقديم الملابس والسماح لهم باستخدام دورة المياه للاستحمام. هي لم تغلق باب بيتها الصغير وترمي العالم وما يحدث حولها خلف ظهرها بل فتحت بوابات الأمل والابتسامة والحب وقالت بصدر رحب تعالوا فلا شيء في هذه الحياة يستحق ألا نتشارك الفرح.
الأمثال وما توحي إليه هي حالة فردية قد تكون صالحة لفترة معينة وفي مواقف تشابه أصحابها ولكنها لا تعمم لأن قلوب ومشاعر البشر لا تتشابه في كل الأحوال. تلك الأبيات والمقولات و ردود الأفعال بكامل شعورها ومشاعرها ثقافة تقبل البقاء والتطور او حتى الاندثار. لذلك لا يصح تعميمها على كل أحد ولا تهميشها أيضاً.
الحياة حقيبة تجارب نخرج منها ما يناسب حالتنا و نزين أيامنا بعقود كلماتها، ولكننا يجب ألا نضعها في إطار فلسفة لا يمكن تطبيقها او الخروج منها وحصر تفكير البسطاء في تحقيق او تصديق ما رمت به الأيام من مصطلحات وعبارات في طريقهم لأنهم سيعانون من الألم في حال عدم تطبيقها.
ختاماً .. قد يحق لي ذكر كلمات كتبتها لعلها تمضي مع الأقوال وتبقى ( هناك نافذة أمل تنتظر يد جريئة).!
- بدرية الشمري