آلمني ما كتبه الدكتور إبراهيم التركي على صفحته عبدالله العثيمين في ذمة الله، توقفت كثيرا حول الخبر، ونزل علي كالصاعقة، سمعت صمت حديثه لي عندما كنا ثلاثة في سيارة واحدة في أسبوع كلية اليمامة في شتاء 2008م، كان ثالثنا الدكتور أحمد زويل، وسائقنا الشاب الموهوب عبدالعزيز الشارخ، سلمت عليه ولم أتكلم فعرّفني بنفسه بكل تواضع أنا عبدالله العثيمين، بادرته بقولي الشاعر والمؤرخ وأمين عام جائزة الملك فيصل، ضحك الدكتور أحمد زويل، وقال له يا دكتور عبدالله عاوز عروسة تاني، التفت لي وقال وبنت الفحام تروح فين؟ تعالت الضحكات وهمس لي أنا عرفت أنه عينه منها، بادرت والدها وقلت له لما كان هنا يستلم الجائزة دكتور أحمد زويل يريد الزواج من ابنتك وقد تم.. قلت للدكتور عبدالله حضرتك أمين عام الجائزة وأنت تعرف قدر وقيمة وعلم دكتور عبدالله الغذامي لماذا تأخرت الجائزة عنه حتى الآن؟ ضحك وقال لي يا دكتور عبدالله الغذامي عالم وصاحب موقف ومن عنيزة بلدي، وصديق دراسة وتلمذه على يد عبدالرحمن السعدي وكنا في المعهد العلمي سويا أعرفه وهو يستحق ولكن نحن سكرتارية، فقد حينها قاطعته يا دكتور عبدالله.. الغذامي يستحق أكبر من ذلك.. تبسم لي وقال يا لك من صعيدي سعودي، كانت مناسبة جمعنا فيها الدكتور أحمد العيسى عميد الكلية -آنذاك- وأعد مسرحية (وسطي بلا وسطية) من إخراج رجاء العتيبي، ودار حولها نقاش كبير ومعارك أدبية ومطاوعية، عدنا للفندق سويا بصحبة الصحافي الجميل عبدالكريم الزميع والإعلامي أحمد الفهيد، وقد أجريت حديثا مطولا مع الدكتور أحمد زويل حول مستقبل العالم العربي السياسي والعلمي نشر في جريدة الرياض.. أهداني الشيخ الشاعر عبدالله العثيمين دواوينه الشعرية (عودة الغائب)، وأعقبه (بوح الشباب)، و(لا تسلي) و(دمشق)، وقصائد أخرى و(صدى البهجة)، و(عرس الشهباء)، و(رفاف العروس)، و(لا تلوموه إذا غضبا)، و(شاعر في زمن الوهج).
من عودة الغائب نسمع لصوت عبدالله العثيمين، يقول:
طربت. ما ذا على المشتاق أن طربا
لما دنت لحظات نحوهنَّ صبا؟
أرست على مدرج الأمجاد طائرتي
وموعدي مع أحلامي قد اقتربا
حيث التي أسرت قلبي تعانقني
وتمسح الهم عن عينيَّ والتعبا
كم قد مكثت بعيدا عن مفاتنها
أغالب السهد في سكتلند مغتربا
وكم بعثت أناشيدي لأخبرها
أني على العهد طال الوقت أم قربا
لواعج الشوق كم كانت تؤرقني
وكامن الوجد كم أذكى دمي لهبا
من كان مثلي بالفيحا تعلقه
فلا غرابة إن عانى ولا عجبا
أحلى العرائس ما من عاشق
لمحت عيناه فتنتها إلى لها خطبا
تنام ما بين جال كله شمم
وبين كثبان رمل كلهن إبا
وإن تأملت أزياء تتيه بها
رأيت من بينها الَبرْحيَّ والعنبا
حبيبتي أنت يا فيحاء ملهمتي
ما خطه قلمي شعرا وما كتبا
رجعت من غربتي كي أستريح
على رُبا لدى قلبي المُضنى أعزُ رُبا
هنا سمعت أهازيجا مرتلة
وعشت أيام أشواق وعهد صبا
تعيد لي صورة الهفوف كاملة
الناس، والشارع المسقوف، والعتبا
وصورتي كل يوم حاملا بيدي
إلى العزيزية الكراس والكتبا
ومعهدا كان لي فيه سنا أمل
وإخوة جمعوا الأخلاق والأدبا
غابوا كما غبت، عن أركان مسرحه
ومزقتهم ظروف دبّرت إربا
فواحد ضاع في أعماق وحدته
وآخر عن قوافي شعره رغبا
وثالث حزَّ في نفسي تغيبه
وإن يكن لذرا الأمجاد قد طلبا
ما زلت مثل كثير من أحبته
ليوم عودته المأمول مرتقبا
للعنيزة كتب وفي عنيزة ولد صاحب عودة الغائب عبدالله العثيمين، ما أجملك حيا، وما أطيبك ميتا، رحمك الله وتغمدك بواسع جنته عزاء وصبرا وأجرا في عودة الغائب عبدالله العثيمين.