ناصر بن فريوان الشراري
اليوم وبعد بروز هذا الشاب الأمير المسلم محمد بن سلمان الذي تجتمع فيه كل صفات القيادة الواعية المدركة الرصينة القارئة للمستقبل بعين متفحصة ثاقبة فقد أذهل حديث سموه بالأمس عبر لقائه بقناة العربية الجميع من داخل المملكة كما صَعَقَ الكثيرين من خارج البلاد، أذهل مواطنيه بالداخل بالكم الهائل من المعلومات والأرقام التي يتحدث بها عن رؤية السعودية 2030 والمرتكزات الأساسية التي تستهدفها هذه الرؤية المباركة الناهضة، وصُعِقَ الخارج بما يحمله هذا الشاب الأمير من طموح وفكر إستراتيجي اقتصادي متين فيما لو سار لتحقيق ما يصبو إليه، فقد تتحول السعودية في فترة قصيرة من دولة مستهلكة إلى دولة منتجة وفاعلة في المجتمع الدولي وهذا ما لا يريده هذا الخارج ويسعى لأن تبقى قلب العالم الإسلامي بحاجة إليه على الدوام وأن لا تستغني عن أدوات ضغطه عليها وهذا يحتاج لشجاعة وجهد الرجال المخلصين من أبنائها حتى الوصول لهذه الرؤية المباركة.
فقد تحدث سموه الكريم من عدم الاعتماد على النفط كمصدر رئيس بالاقتصاد وتحدث أيضاً عن جعل الإنسان السعودي مُبدعاً ومُبتكراً ومُنتجاً من خلال جيل واعٍ ينوء بمهمة تنويع مصادر دخله، تحدث عن أهمية استغلال الموقع الاستراتيجي للملكة على البحر الأحمر والخليج العربي الذي يربط ثلاثة قارات ببعضها بما يعود بالفائدة على مصالح المملكة مع دول العالم الأخرى اقتصادياً وتجارياً ودعم مواقفها السياسية وأن ما يضر بالسعودية سوف يُضِر ببلدان العالم الأُخرى التي تمثل شريان الحياة لديها تلك الممرات البحرية الحساسة فاستقرارها وازدهارها يعني استقراراً لهذه الروافد المهمة لدى العالم أجمع وبه تؤثر ومن خلاله يكون لها الفضل الكبير، كما أن سموه تحدث عن توطين الصناعة العسكرية من خلال إنشاء شركة صناعة أسلحة محلية فقد قال سموه من غير المعقول أن نكون ثالث مستورد للسلاح في العالم ويكون فقط لدينا 2% نسبة تصنيع محلي قائلاً إن هذا خلل كبير غير مقبول وذلك من منطلق {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ} (60) سورة الأنفال، كما تحدث إلى أن هناك مشروعاً لإيجاد متحف إسلامي يبرز التاريخ الإسلامي والتاريخ العربي فمن غير المعقول أن تكون هذه بلاد الحرمين الشريفين ولا يوجد متحف إسلامي يضم كل تاريخ الأُمة الإسلامية وجمال اللغة العربية.
من هنا نفهم أن سمو الأمير يريد أن تكون المملكة في مصاف الدول المتقدمة بالفكر والعلم وتوطين الصناعات المختلفة وفي مقدمتها صناعة السلاح الذي تذود به الأمم عن مقدرات بلادها فمتى عَلِمَ عدوٌ ما أن لديك سلاحاً رادعاً فلن يجازف بأن يعاديك أو يتعدى عليك أما إذا أصبحت على ما أنت عليه من وهن وضعف بعدم تطوير أُمتِك فلسوف تصبح مطمعاً للآخرين ولقمة سائغة يتم التهامها في أقرب فرصة تلوح للعدو.
الأمير محمد بن سلمان وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان يسعى من خلال رؤية السعودية 2030 والتحول الوطني إلى أُمةٍ ناهضةٍ متعلمةٍ منتجةٍ تصنع كل ما تحتاجه بكدها وعرقها وإنتاجها المحلي وهذا هو الطريق القويم الصحيح فقبل عدة أعوام وتحديداً بتاريخ 18-7-1434هـ كتبت مقالاً عبر صحيفة الجزيرة تحت عنوان (الأمن الغذائي في السعودية وتنوع مصادر الدخل) تحدثت من خلاله عن عدة نقاط أهمها أن نوجد غذاءنا بأنفسنا دون الركون لأمم أُخرى قد تستخدم سلاح الغذاء لخنقنا فقد ذكرت أنه ولله الحمد -في هذه البلاد المباركة يحدنا بحران هما البحر الأحمر والخليج العربي وهنا يحدوني الأمل بأن تستغل مياه هذين المنبعين على غرار استغلالهما في الشرب والغسيل وما إلى ذلك، لماذا لا نسعى وبكل جدية بأن نطور عملية تحلية المياه وعمل البحوث والدراسات اللازمة لها وكيفية تحويل المياه من مالحة إلى نقية صالحة للشرب بكميات كبيرة ووفيرة جداً بتكاليف قليلة وبجهد أقل، بحيث يوجه هذا القسم الكبير منها عبر أنابيب ضخمة وعملاقة لتخترق الصحراء وتتجه لجميع المدن الزراعية بحيث تُدفع المياه بواسطة مكائن تسمى (الدفاعات) كما هو المعمول في خط أنابيب التابلاين التي تخترق الأراضي العربية التي أُنشئت قبل ستين عاماً.
هذه الأنابيب الكبيرة تخرج منها أنابيب صغيرة تتوجه لكل هجرة وقرية ومدينة زراعية وتتفرع منها لكل مزرعة (ماسورة) معدة للاستخدام الزراعي ويدفع صاحب كل مزرعة أو مشروع زراعي عبر فاتورة كلٌ حسب استهلاكه بالأمتار المكعبة وبالتالي تصرف هذه المبالغ على صيانة هذه المحطات لضمان ديمومتها وعملها بالطاقة الكافية لهذا الغرض.
هذه فكرة قد يقول البعض إنها مجنونة أو من ضرب الخيال حينها أُبادره بالسؤال فما المجدي إذاً لإعادة زراعة القمح والشعير هاتين القيمتين الغذائيتين من الحبوب لبلادنا، وكذلك التنوع الغذائي لكل منطقة من المواد الغذائية الزراعية التي تشتهر بها أكانت فواكه أو خضراوات أو حبوب أو بقول وخلافه، لماذا لا نحاول كما تحاول الأمم من حولنا للحفاظ على استقرارها الغذائي من خلال تشجيع ما هو متوافر على أراضيها من زراعات وأيضاً تشجيع استزراع ما لم تشتهر به من محاصيل زراعية أخرى، هذا الأمر ليس بأصعب من شق قناة السويس التي ربطت البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، فلنأخذ من قصص النجاح ما يلهمنا لتحقيق أهداف أعظم وأسمى.
هنا يحدوني الأمل بأن تولد هذه الفكرة لتصبح واقعاً ملموساً يغنينا عن الاستثمار في بلاد بعيدة هي بالأساس لا تجد قوت شعوبها!!!
كمواطن من هنا أُسجل إعجابي بهذه العقلية المتفتحة النيِّرة لسمو سيدي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز فوطني اليوم وبهذا الفكر الشاب الطموح الثابت الوثاب إلى العلا سوف تكون بلادنا وبمشيئة الله وقدرته في غضون سنوات عدة بعد إقرار هذه الرؤية من الدول المُصنعة ومن ثم بعد عقدين من الزمن سوف نصبح وبحول الله وقدرته دولة لها حضورها الدولي الأقوى، ومن الآن وحين تحقيق هذا الهدف وهذا الأمل وهذا المطلب وما بعده من طموحات لا نهاية لها نرفع أكفنا عالياً بأن يحفظ الله بلاد الحرمين الشريفين من كل مكروه وأن يحفظ لها هذه القيادة الشابة وهذا الفكر الطموح الذي يحقق الآمال والتطلعات بأن نكون من دول العالم المتقدمة في كل شيء.