الموظف الحكومي في سن الأربعين غالباً ما يكون قد أمضى في الوظيفة ما يجاوز العشرين عاماً, هي ليست بالخدمة الطويلة ولكنها ليست بالهينة يتذكر الموظف الفطن أول أيام التعيين ويسترجع ذكريات الطموح، ويقارن بين وضعه الوظيفي الحالي وبين طموحه بداية مباشرة الوظيفة، فيجد بعض الموظفين أنه مكانك سر ولم يحقق ربع ما حلم به قد يسأل نفسه لماذا؟.. - لا أغفل في هذا المقال أنها أرزاق مقدّرة - ولكن الموظف المتأمل قد يوجد (بضم الياء وكسر الجيم) مبررات لانكسار طموحه، وأول هذه المبررات التي يضع اللوم عليها داء الوظائف الحكومية الواسطة، وقد يظن أن الحاجز بينه وبين طموحه هو المؤهل العلمي، فغيره تمكن من الحصول على بعثة دراسية أو دورة تدريبية حسمت وضع المفاضلة بينهما، وقد يتوهم أن الحاجز بينه وبين طموحه هو المكانة المتواضعة لعائلته، فيتصور أن هذا حدود أمثاله في الوظائف العامة، وقد يرى أنه هو من اختار الراحة وربض في مكانه وفضّل الدعة، فلم يضرب في الأرض وراء الترقية أو المنصب القيادي مغفلاً المثل القائل: ديرتك التي ترزق فيها..
ومن الموظفين من يكون منصفاً في رؤيته لحاجز طموحه، فإهماله في إنجاز معاملاته، وتأخره عن موعد دوامه، وسوء تعامله مع المراجعين، وعدم مبالاته لتوجيهات رؤسائه، كل هذه وضعته في المكان الصحيح.
وهناك موظف يدرك أن التسلسل الوظيفي هرمي لا تتسع قمته إلا لموظف واحد، وقد شغله غيره، ومازال طموحه منتعشاً وأمله في المعالي حياً، فيختار التقاعد المبكر ويتجه لبناء مجد شخصي عبر القطاع الخاص، مستثمراً ما جناه من خبرة إدارية ودراية بحاجات الناس.
والموظف في هذا السن يكون قد توسط بين جيلين جيل في أول المشوار الوظيفي وآخر في أواخر مسيرته الوظيفية، يكون بالنسبة للأول موجهاً وناصحاً وللآخر مشيراً ومعيناً، سهل عليه أن يتحاور مع الأول ولا يصعب عليه إقناع الآخر قد يكون سبباً في حل بعض الأزمات الوظيفية، فيخفف من اندفاع الأول ويهون من تعنت الآخر، ولا عجب إن رأينا بعض الإدارات الحكومية ترتبك إن غاب عنها موظف الأربعين لإجازة مرضية أو اعتيادية فهو روح العمل.
- عضو هيئة التحقيق والادعاء العام