مما يؤسف له حقاً أن كثيراً من الفتيات في بدايات الزواج الأولى تدور في ذهنهنّ الكثير من القناعات والأفكار الخاطئة عن الزواج، وكيفية النجاح فيه والوصول إلى هدف السعادة المنشود.
تنظر بعض الفتيات إلى الزواج كأنه زلزال عنيف يهزُّ جميع جوانب حياتها، وينبغي أن تتحطم معه كل معالمها السابقة لتقوم ببناء معالم جديدة تتناسب مع وضعها الحالي كامرأة متزوجة فتبدأ بترك هواياتها، وقطع كثير من علاقاتها مع صديقاتها، وتتفرّغ لتهب كل دقيقة من وقتها لزوجها وبيتها، وهذا الأمر فيه سلبيات كثيرة بينما فيه جانب من الإيجابيات.
نعم يجب أن تهتم بزوجها وبيتها؛ لكن ليس معنى هذا أن تنسف كل معالم حياتها الجميلة السابقة مع أسرتها وصديقاتها وهواياتها وطموحاتها فتترك مشوار دراستها وطموحها العلميّ المفيد للمجتمع والوطن وتبتعد عن مجتمع صديقاتها، فروعة الحياة المتمثلة في وجود صديقات طيبات ومبادرات للمحبة والعطاء في الخير لا توصف.
ما أجمل أن تتفهم الفتاة أن الزواج إضافة جميلة لحياتها السابقة تزيدها جمالاً وتجربة جديدة غنية وجديرة بأن تخوضها الفتاة وتتمتع بما فيها.
أسألها: ماذا تفعلين كل يوم ؟ فتجيب: لا شيء انتظره فقط حتى يعود.
وإذا عاد وانشغل عنها بجواله أو أصدقائه أو مشوار لأهله تشعر بفراغ كبير يزداد واستمرار روتين الحياة فتبدأ بينهما الخلافات وتتطور إلى أن تنتهي بالطلاق.
أيتها الفتاة لا تتمحوري حول محور الزوج فقط، فالزوج الذي يشعرأنه ملاحق بشراسة يميل للهروب أكثر وأكثر.
تستطيع الزوجة كسب قلب زوجها دون ملاحقته أوفرض قيود عليه تضطره ليقابلها هو برفضها أو فرض قيود مشابهة عليها لا تحتملها وتقودهما إلى التنازع.
إن الزوج الذي يعاني من ضغط أعماله وتعاني زوجته من شكوى إهماله لها يحتاجان إلى طاولة حوار زوجي يجلسان إليها ويضعان عليها تقريباً لوجهات نظرهما وحلولاً مقترحة يتفقان عليها مثل تفريغ يوم كامل عادة ما يكون يوم العطلة الأسبوعية للزوجة والأبناء فقط لا غير والالتزام بهذا قدر الاستطاعة.
إن أغلب شكاوى الإهمال من الأزواج التي تتقدم بها الزوجات في الإرشاد الزوجي تقوم على أن الزوجة محورتْ حياتها كلها على محور الزوج فقط، والزوج منشغل أو مفرط في خروجه مع أصدقائه أو أهله أو هي ردة فعل منه على طلباتها المتكررة له بالبقاء معها والخروج معها.
وهنا أنصح الزوجة التي هذا حالها بضرورة إعادة ترتيب أولوياتها مع عدم هضم حقوق الزوج، وبناء ثقتها في نفسها وأنها قادرة أن تسعد نفسها فيما يقدمه لها الزوج من وقت مهما كان هذا الوقت بسيطاً.
وكل ما عليها هو استثمار هذا الوقت وتجديد منابع المتعة والطموح في حياتها بفتح أبواب جديدة لها لا تكون بالضرورة نابعة من الزوج فقط، فهناك الأهل والوالدان والصديقات والأبناء إن وجدوا، وهناك طموحها العلميّ والعمليّ بمواصلة الدراسة أو الانخراط في عمل مفيد تجيده وتنتفع منه مادياً ومعنوياً حسب ظروفها واستطاعتها بما لا يتنافى مع كونها زوجة وأماً وهو أفضل من مكوثها في البيت تتابع الدقائق والثواني إذا تأخر زوجها في العودة للمنزل وتبادره بالسؤال عن السبب وقد يردُّ عليها بحدّةٍ في الكلام فتبدأ بفتح باب الشكوى ثم الدخول في مرحلة الخلافات الفعلية.
كثير من المشاكل تبدأ من لحظة فراغ أو إحساس بالإهمال الذي لا تطيقه الزوجة أبداً فهو من أشد أعدائها ويُعدُّ الشعور به من غالب شكوى النساء من أزواجهن.
إن نقطة الارتكاز في قناعة كثير من الزوجات هو الزوج فإن واجه الزوج هذه القناعة بالانشغال أو الإهمال تنفجر الخلافات فيجب أن يعلم الزوج كيف يواجه هذه الفكرة إن لاحظها في زوجته، وكيف يوجهها لاستثمار وقتها بما يقطع به دابر الخلافات، ويمدّها بما استطاع من تلبية لاحتياجات إحساسها باهتمامه بها حتى يصلا معاً إلى المودة والرحمة.