سيظل الشعب اللبناني الشقيق يذكر بكل الخير والعرفان والتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل - رحمه الله - أنه كان مهندس اتفاق المصالحة اللبنانية، التي تحققت من خلال اتفاق الطائف الذي أنهى عقوداً من الصراع الدموي والتناحر بين مكونات الطوائف والأحزاب اللبنانية، ووضع أساساً جديداً لاستقرار لبنان، والحفاظ على مقدرات شعبها.
ولعب الأمير سعود الفيصل دوراً هاماً في الملف اللبناني، الذي دخل في الحرب الأهلية عام 1975، إلا أنه وبعد 15 عاماً من الحرب الأهلية، ساهمت مجهوداته في إيقاف الحرب على الأراضي اللبنانية والحيلولة دون تفاقم الأمور أكثر مما باتت عليه.
كما ساهم الأمير الراحل بشكل كبير في توقيع مذكرة للتفاهم بين الأطراف المتصارعة في لبنان، حيث شهد توقيع المذكرة (اتفاق الطائف) في عام 1989 والتي أنهت الحرب الأهلية اللبنانية بشكل كامل ونهائي..
وهو ما عبّر عنه رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في بيان رسمي عقب رحيل الفيصل جاء فيه «تلقينا بكثير من الأسى نبأ وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل والذي انتقل إلى جوار ربه تاركاً وراءه سيرة شخصية عطرة وإرثاً تاريخياً ثميناً في العمل الدبلوماسي على المستويين العربي والعالمي» مضيفاً «برحيل الأمير سعود الفيصل خسر لبنان صديقاً حقيقياً ونصيراً كبيراً أحبه وعمل دائماً لكل ما فيه خير اللبنانيين وتعزيز أمنهم واستقرارهم، كما وقف إلى جانب لبنان في الكثير من المحطات الصعبة وساهم مساهمات أساسية في المساعدة على حل أزماته ومن أبرزها دوره في وضع اتفاق الطائف».
وفي ذات السياق نعى السيد سعد الحريري الأمير سعود الفيصل، فقال: بغياب الأمير سعود الفيصل تنطوي تجربة عريقة من العمل السياسي والدبلوماسي، شكلت على مدى سنوات طويلة علاقة فارقة للحضور العربي في العلاقات الدولية، مؤكداً أن لبنان خسر برحيله - رحمه الله - نصيراً لقضاياه وأخاً كريماً عرفه اللبنانيون مهندساً بارعاً من مهندسي الوفاق الوطني في مؤتمر الطائف، الذي أنهى سنوات من الصراع والتناحر بين أبناء الشعب اللبناني.
وحملت كلمات مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان في برقية تعزيته بوفاة الأمير سعود الفيصل محبة اللبنانيين وتقديرهم لجهوده - رحمه الله - حيث جاء في برقية العزاء « لقد كان الأمير سعود الفيصل علماً شامخاً وشخصية فذة في الدبلوماسية العربية، وبرحيله خسر العالم رجلاً كبيراً من رجالات الدبلوماسية التي شهدت لهم بلدان العالم أجمع».
وأضاف مفتي لبنان: لقد كان الأمير سعود الفيصل - رحمه الله - محباً للبنان واللبنانيين ومساعداً وداعماً لحل الأزمة اللبنانية عبر جهوده في إقرار اتفاق الطائف ودعم كل الحلول السلمية لمشكلات لبنان. فقد كان صاحب قرار وسجل حافل بمواقفه الجريئة والشجاعة في كل المحافل الدولية، ونذر نفسه وحياته في خدمة قضايا العرب والمسلمين ومعالجة أمور المنطقة العربية، فكان نعم الدبلوماسي بحكمته وصبره، وبرحيله فقدت الأمة العربية والعالم الإسلامي دبلوماسياً بارعاً وإنساناً كانت صفاته أخلاق الإسلام في حياته ومع الناس.
ووصف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الأمير سعود الفيصل قائلاً: لقد كان أخاً عزيزاً ساهم بكل تفانٍ وإخلاص في ترسيخ علاقات الأخوة والتعاون بين المملكة ولبنان، وكيف لنا أن ننسى سعيه المخلص لإنهاء الحرب الأهلية في لبنان وانحيازه الدائم إلى جانب لبنان في كافة المحافل العربية والدولية.
وقال رئيس كتلة المستقبل النيابية في البرلمان اللبناني فؤاد السنيورة: الأمير سعود الفيصل - رحمه الله - أمير الدبلوماسية العربية وعميدها وصاحب المواقف الصلبة والثابتة، وهو أيضاً أمير الشهامة والكرامة والأخلاق العربية الأصيلة، ورمز لتجربة وطنية ودبلوماسية طويلة ضاربة في تاريخ وعمق الحضارة العربية.
وأضاف السنيورة: لقد ترك سعود الفيصل بصماته الواضحة في شتى مراحل عمله وزيراً للخارجية السعودية على مدى 40 عاماً التي تمثلت في مواقف لا تنسى ولا تمحى في شتى المحافل والمحطات الدقيقة والصعبة والحاسمة، ولن ينسى الشعب اللبناني أبداً الأمير سعود الفيصل، الذي رعى استعادتهم لسلمهم الأهلي عبر رعايته لاتفاق الطائف، كما حمل إلى بيروت معاني القوة والعزة وأدوات الصمود وإرادة الحياة خلال فترة العدوان الإسرائيلي على لبنان، ودعمه المتواصل للدولة اللبنانية لاستعادة حضورها وهيبتها.