عاش الهلال هذا الموسم وضعاً إدارياً وفنياً نادراً في مسيرته، حيث يشكِّل الرئيس والمدرب ومدير الكرة ثلاثياً (مثل بعضه)!
ففي العادة عندما يبالغ الرئيس في الفصل بين عمله الإداري وعمل المدرب الفني بحجة عدم التدخل تأتي شخصية المدرب القوية لتعوض النقص الإداري، أو عندما يكون المدرب ضعيف الشخصية تأتي قوة الرئيس لتحفظ توازن الفريق، وفي حالات أخرى قد تتقلص أدوار الرئيس والمدرب لتبرز قوة مدير الكرة، ويكون هو صمام الأمان للفريق، لكن الهلال اليوم يدار بثلاثي عجز عن استثمار إمكانات الفريق بالشكل الذي يواكبها، ولهذا ظهر الفريق الأزرق هذا الموسم بعيداً عن شكله المعهود ومستواه وروحه وهيبته وسار على وتيرة واحد تتكرر فيها الأخطاء (الفنية والفردية) دون علاج وبالطريقة نفسها والتوقيت نفسه اللاعبين أنفسهم حتى صارت جماهير الهلال تتابع فريقها في كل مباراة وتطالع الساعة بقلق كبير وتردد (متى تقضي)؟!
هذه التركيبة الفنية والإدارية التي تقود الفريق قدمت هلال آخر غير الهلال القوي الذي نعرفه هلال يعبث به مدربه ويقدمه بصورة الفريق الضعيف، فالهلال المرعب بطريقة أدائه الهجومية صار يدافع بسبعة لاعبين، وصارت الفرق الكبيرة والصغيرة تتجرأ على محاصرته في خطوطه الخلفية، وفي كل مباراة يتقدم فيها بالنتيجة يصاب دونيس بخوف شديد ويستبدل المهاجمين ويفرغ خط الوسط ويكثف المدافعين، وبالتالي يسلم الملعب للفريق المنافس ليعيش الهلاليون في عدد من مباريات فريقهم (جحفلة) عكسية خسر بسببها الفريق نقاطاً كثيرة!
لا أحد يدري بأي تشكيلة سيدخل المباراة ولا بأي طريقة سيلعب الفريق ولا بأي مستوى سيكون عليه اللاعبون، والتوقعات في كل مباراة يلعبها توقعات قابلة لكل شيء (يمكن يفوز يمكن يتعادل يمكن ينهزم)، ظهر معه الفريق نصف ساعة في نهائي كأس سمو ولي العهد ثم عاود الظهور ستين دقيقة أمام نجران، أما في بقية مبارياته فكان يحقق نتائجه بشق الانفس وبمستويات ترفع ضغط عشاقه!
هلال دونيس ونواف والمفرج يعاني أيضاً من عدم الانضباط بشهادة سلمان الفرج والعابد وسالم وخالد شراحيلي الذين هم أبرز عناوين عدم الانضباط وعدم المبالاة والاستهتار والاستعراض على حساب الفريق وجماهيره!
إمكاناتهم الفنية عالية يقتلها غياب الفكر والروح وعدم الطموح، فالفرج يستعرض ويستهتر وتتكرر أخطاؤه التي تتحول إلى أهداف في مرمى فريقه، ومع ذلك هو ضامن مركزه أساسياً، والعابد وسالم يتعاملان مع فريقهما بحسب المزاج، وخالد شراحيلي نجم حراس المرمى أصبح اليوم غير مبال وشارد الذهن بات نقطة ضعف بالفريق، وتكفي عنواناً لحالته تلك الكرة الأرضية التي قابلها (بالبوكس) أمام الفريق الإيراني!
حالات عدم الانضباط هذه أخطر على الفريق من مجرد غلطة لاعب في أحد التدريبات أو إحدى المباريات الودية، وإن كانت هذه هي عقوبة ناصر الشمراني فلماذا لا يعلنها المدرب بصراحة ولماذا يصر في تصريحاته بأن استبعاد ناصر فني وهو سبب غير مقنع إلا لو كان ثنائي خط المقدمة سامي والثنيان!
هلاليو اليوم (إدارة ومدرباً ولاعبين) أحدثوا تحولاً حتى في العادات الهلالية، فالهلال الذي كان يقلب النتائج صار يتقدم ثم يخسر النتيجة، والفريق الذي لا يعرف اليأس تساقط لاعبوه على أرضية الملعب بعد التعادل مع الشباب بمشهد محبط لا يمت لسلوكيات الهلاليين بصلة !
المدافعون عن إدارة الهلال يرون أنها تعمل بجد وتناقش بصمت لتصحيح أوضاع فريقها، لكن لا يمكن التصديق بأنها تقوم بمناقشة المدرب ما دام أن اخطاءه تتكرر أو أنها تقف بحزم أمام تعاملات بعض اللاعبين في المباريات، فهي لم تتغير رغم أنها أسقطت الفريق في أكثر من مباراة مع العجز الواضح عن احتواء المشكلات!
والمدافعون عن دونيس يرون أن المشكلة هي في بعض اللاعبين، وأنا أرى أن هذه أيضاً بسبب دونيس الذي عجز عن فرض الانضباط عند هؤلاء اللاعبين وثبتهم كعناصر أساسية رغم أخطائهم القاتلة المتكررة!
الهلال عاش هذا الموسم في أزمة فنية حرمته من تحقيق نتائج أفضل كانت ممكنة محلياً وآسيوياً لكن أزمة الهلال الحقيقية لا زالت مؤجلة حتى وهو يدار على طريقة (بني صامت) من إدارييه وشرفييه .. فالهلال بعد خسارته من الفريق الإيراني بات مهدداً بالخروج آسيوياً وتنتظره في الدوري مباراة مصيرية أمام الأهلي المنتشي معنوياً المكتمل فنياً والذي يكفيه أن يلعب على مغامرات دونيس وأخطاء نجوم الاستعراض والاستهتار في الفريق الأزرق ليحقق لقباً طال انتظاره ويضع الهلال بأجهزته الفنية والإدارية واللاعبين فوق صفيح ساخن!
الأهلي أمامه فرصة تاريخية للفوز باللقب، فهو سيواجه هلالاً آخر غير هلال المنافسات الشرسة، هلالاً مهزوزاً من الداخل لم يتبق فيه سوى جماهيره ولونه الأزرق الجميل وحزمة ذكريات لا تنسى، لذلك على الأهلاويين أن يتجاهلوا عقدة الفوز بالدوري، وأن لا يستحضروا في أذهانهم صورة هلال زمان المرعبة لأنها لو حضرت ستكون كافية لبعثرة كل الأوراق الأهلاوية في المباراة!
- مراقب